مسألة مستعجلة
فقدان في التوزان الاقتصادي !!
نجل الدين ادم
أحياناً كثيرة نحس وبسبب عدم فهمنا للسياسات الاقتصادية والمالية أننا متبلدين ذهنياً، لكن في واقع الحال أن العيب ليس فينا.
أعرف جيداً أن الحكومة قامت بتحرير سلعة السكر وفتحت الباب واسعاً للاستيراد وفق شروط تحددها وزارة المالية، يفترض معها أن تكون الجودة على رأسها ولكن…
توقفت عند التقرير الذي أعده الزميل بالصحيفة “سيف جامع” في عدد يوم أمس (الأحد) وأشار فيه إلى جزئية ارتفاع أسعار السكر في البلد، صحيح إنها ليس كبيرة بالحد الذي يدعو للشفقة، لكن الشفقة جاءت من أن أسعار السكر عالمياً في هبوط، وعندنا في السودان في زيادة !، والأغرب من ذلك أن الحكومة فتحت باب الاستيراد وشركات السكر تعاني من حالة كساد للسلع ما في مشترين السوق نايم والمخازن مليانة.
بحسابنا البلدي لا يستقيم أن تكون لديك وفرة والوفرة تتجلى في مظهر المخازن المكدسة بجولات السكر، وفي المقابل نستورد سكر من الخارج، وهو في الأصل أقل جودة من إنتاجنا المحلي.
أحس بأن هنالك حالة من عدم توازن في سياساتنا الاقتصادية والمالية التى تجعل في كثير من الأحيان المعادلات الحسابية مخروقة وخبط عشواء ، والوزارات الاتحادية تختلف مع بعضها في السياسة التي يفترض أن تكون سائدة في بلد واحد وتحددها الميزانية العامة للبلد عند بداية كل عام.
الآن وزارة الصناعة تعمل جاهدة على إقناع وزارة المالية بحماية الإنتاج المحلي من السكر من طوفان الانخاض العالمي والمالية لا ترى إلا في أن فتح باب المنافسة والاستيراد هو السياسة الأنسب لخلق توازن في السوق، وفي الحقيقة نحن الفقدنا التوزان بسبب هذه التقاطعات!.
وزارة المالية تعلم جيداً أن أسعار السكر عالمياً في انخفاض كبير فكيف لها أن تتمسك بفتح باب الاستيراد في هذا التوقيت؟!، هذا الانخفاض العالمي بالتأكيد سيجبر المستورين على خفض السكر الذي يستورد لنا، هل نسلم بطلب وزير الصناعة للمالية بحماية الإنتاج المحلي في سوق المنافسة؟، ونقول لا دخلوا السكر المستورد بالسعر القديم عشان ما نتأثر، ونقول كمان نحنا قيمة هذا الانخفاض ما محتاجين ليها؟ عشان خاطر مصانع السكر وشركات التوزيع!.
السياسة يا سادتي ليس أصلاً ثابتاً ولكنها فن متجدد يستوعب كل ما يطرأ من جديد، ينبغي أن تكون هناك حالة سيولة ومرونة في السياسة الاقتصادية والمالية بحسب مقتضى الحال وقرائن الأحوال، ارتفع السكر عالمياً يرتفع معه سعر السكر عندنا محلياً، انخفض ينبغي أن ينخفض كذلك عندنا هنا في السودان، ومنظومة الاقتصاد لا تنفك عن بعضها حيث أننا نتأثر كبلد بما يدور في البلدان التي من حولنا فالعالم بات قرية صغيرة.
أنصح وزارة المالية وفي هذا المفترق أن لا تتراجع عن فك الاحتكار لسلعة السكر، ولكن عليها في المقابل أن تبحث في أصل المشكلة وهو كساد الإنتاج المحلي للسلعة، ذلك لأن المستورد يهدد بتوقف الإنتاج المحلي يعني شوية وزنة بسيطة تستقيم الموازنة ونتجنب التخبط والله المستعان.