النشوف اخرتا
الهجاء هل كان نقداً؟
سعد الدين ابراهيم
قرر عبدان:
وقالوا في الهجاء عليك إثم
وليس الإثم إلا في المديح
لأني إن مدحت مدحت زوراً
وأهجو حين أهجو بالصحيح
*وأقرر أن أول أشكال الديمقراطية الثورية العربية ابتدعها الهجاءون.. لأن شعر المدح طغى رغم أن الحاجة إلى الهجاء كانت ضرورية.. تعالوا نؤكد ذلك عبر نماذج.
*في نقد الحكام قال عبد الله بن همام وهو من شعراء صدر الإسلام:
فإن تأتوا برملة أو بهند
نبايعها أميرة مؤمنينا
إذا ما مات كسرى قام كسرى
نعد ثلاثة متتابعينا
لقد ضاعت رعيتكم وأنتم
تصيدون الأرانب غافلينا
*وهذا هو الفرزدق يهجو خطة تنمية:
وأنفقت مال الله في غير حله
على نهرك المشؤوم غير المبارك
وتضرب أقوام براء ظهورهم
وتترك حق الله في حق مالك
أإنفاق مال الله فئ غير كنهه
ومنعاً لحق المرملات الضرائك
والفرزدق يخاطب “خالد القسري” حاكم بغداد حينها والضرائك البائسات والمبارك نهر حفره القسري وأنفق عليه أموالاً ضخمة ومالك اسم رجل مذنب تحيز له الحاكم فرفع عنه العقوبة.
*وهذا ما قاله “عمرو بن الحارث” شاعر كان في خلافة عبد الملك بن مروان وهو المخاطب بالأبيات أما ابن خالد فهو من قادة الفتوحات:
أضاع أمير المؤمنين ثغورنا
وأطمع فينا المشركين ابن خالد
إذا هتف العصفور ضاع فؤاده
وليث حديد الناب عند الثرائد
*ولطالما أطربني نقد أو هجاء محمود الوراق للمثقفين حين قال:-
ركبوا المراكب واغتدوا زمراً إلى باب الخليفة
حتى إذا ظفروا بما طلبوا من الحال اللطيفة
باعوا الأمانة بالخيانة واشتروا بالأمن خيفة
من كل ذي أدب ومعرفة وآراء حصيفة
متفقه جمع الحديث إلى قياس أبى حنيفة
*أما محمد بن بسام فهو متخصص في هجاء أو نقد الوزراء وموظفي الدولة ظهر أيام الخليفة “المقتدر”:
وزير لا يمل من الرقاعة
يولي ثم يعزل بعد ساعة
إذا أهل الرشا صاروا لديه
فأحظى القوم أوفرهم بضاعة
وليس بمنكر ذا الفعل منه لأن
الشيخ أفلت من جماعة
أما الهيثم بن فراس من شعراء القرن الهجري الثالث كتب إلى وزير:
تفرعنت يا فضل بن مروان فاعتبر
فقبلك كان الفضل والفضل والفضل
ثلاثة أملاك مضوا لسبيلهم
أبادهم التقييد والأسر والقتل
والثلاثة الذين ذكرهم باسم الفضل هم:
الفضل بن ربيع وابن يحيي وابن سهل.
وفي هجاء أو نقد الفقهاء قال (ابن لنكك) وهو محمد بن محمد البصري وعاش في القرن الرابع للهجرة:
أقول لعصبة بالفقه صالت
وقالت ما خلا ذا العلم باطل
أجل لا علم يوصلكم سواه
إلى مال اليتامى والأرامل
*أما النقد القاسي لعموم الناس فقد أطلقه الشاعر “أبو الحسن البديهي” وأيضاً هو من شعراء القرن الرابع للهجرة:
أتمنى على الزمان محالاً
أن ترى مقلتاي طلعة حر
*أما أبو محمد السلمي وهو من شعراء الدولة السامانية فيقول عن دولة كبرى:
رأيت ملكاً كبيراً كثير مال وشحنه
يسوس ذاك أمير قليل عقل وفطنه
وللأمير وزيران يرميان بابنه
فلعنة الله تترى على (كليلة ودمنة)
*واختم بالشاعر المجهول وهو يتحدث عن الخيار السهل قائلاً:
رأوا في اللؤم رخصاً فاشتروه
ويمنعهم عن الكرم الغلاء
والله يولي من يصلح.