البديل الديمقراطي والإعلان الدستوري ..هل ابتاعت المعارضة البردعة قبل الحمار..؟
لم تذهب توقعات مسؤول الأمانة السياسية بالمؤتمر الوطني ــ الحزب الحاكم ــ البروفسير “حسبو عبدالرحمن” أدراج الرياح؛ وهو يؤكد فشل قيادات المعارضة السودانية، المكونة لهيئة قوى الإجماع الوطني في اجتماعها الذي تداعت له قياداتها بدار الحزب الوطني الاتحادي بأمدرمان مساء أمس الأول (الثلاثاء) 26 يونيو 2012، في التوقيع على وثيقتي البديل الديمقراطي والإعلان الدستوري المقترحتين لإدارة البلاد في الفترة الانتقالية التي تعقب إسقاط النظام.
وبحسب ما أعلن؛ فإن من حضروا الاجتماع والذين لم يكن من بينهم رئيس حزب الأمة القومي “الصادق المهدي”، اتفقوا على إرجاء التوقيع على الوثيقة إلى الأسبوع القادم؛ بحجة إخضاع الأمر لمزيد من التشاور وإحكام الصياغة، فيما أكدت مصادر أن زعيم حزب المؤتمر الشعبي؛ د. “حسن الترابي”، قد خرج من قاعة الاجتماع قبل نهايته، وسط بوادر خلاف مع قيادات المعارضة حول انضمام حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي لوثيقة المعارضة.
البديل الديمقراطي للمعارضة والذي يقر قيام فترة انتقالية لثلاث سنوات تعقب إسقاط النظام القائم، ومن خلفه الإعلان الدستوري للمعارضة الذي يقر قيام مجلس سيادة ومجلس وزراء، ومجلس تشريعي، يمكن قراءتهما من زاوية ، ثقة المعارضة بما ظلت تردده منذ مجيء الإنقاذ 30 يونيو 1989 وارتفاع نبرتها في الأيام القليلة الفائتة بشكل ملحوظ، بأن موعد زوال النظام الحالي قد أزف، وبالتالي بدأت الاستعداد مبكراً لمواكبة ما سيتبع ذلك من متغيرات، أو أنها دفعت بالخطوة في سياق سجالها الذي لم يتوقف منذ مجيء الإنقاذ 30 يونيو 1989 بغية ضعضعة مفاصل النظام، ومن ثم إسقاطه ،أو إلهائه لتحقيق ذات الهدف عبر مسار آخر غير معلن.
الحزب الحاكم؛ وفي سياق رهانه على ضعف المعارضة وعجزها عن إسقاط نظامه؛ اكتفى بالسخرية من توقيعها على الوثيقة، مؤكداً أنه لا قيمة ولا تأثير لها وتحصيل حاصل)، وبدا واثقاً أن اختلاف المعارضة فيما بينها سيعصف بالوثيقة، متهماً القوى السياسية المعارضة بتنفيذ أجندة خارجية لا علاقة لها بمصلحة الشعب السودان.
وفيما ذهب القيادي بالحزب، “هجو قسم السيد” في حديثه لـ (المجهر) في تعليقه على اتجاه المعارضة بأنها (اشترت البردعة قبل الحمار)، أشار أمين الأمانة السياسية بالحزب البروفسير “حسبو محمد عبدالرحمن” لـ (المجهر ) إلى أنها (تنقز خارج الحلقة) وقوله: ولو شكلت المعارضة حكومة انتقالية أو طارئة فلن يكون لديها عصا سحرية لحل المشكلة الاقتصادية، وأضاف: ظللنا نسمع منها منذ 24 سنة أن الإنقاذ في آخر أيامها، وأنه تبقى لها يوم وأسبوع وشهر، لافتاً إلى أن قوى التجمع ليس بينها اتفاق، وأن رؤاها غير موحدة.
المحلل السياسي البروفسير “حسن الساعوري” ،لم يبتعد عن مسار رؤية المؤتمر الوطني واتهامه للمعارضة بتنفيذ أجندة خارجية، وهو يقطع بفشل القوى السياسية في إسقاط النظام، واعتبر حالة الوثيقة شرط للحصول على الدعم الأجنبي لإسقاط النظام القائم، لافتاً إلى أن حزب الأمة القومي ليس له الشجاعة للمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، لكنه لم يستبعد توقيعه على الوثيقة إذا ما ضمن أن رئاسة الحكومة ستؤول إليه، مشيراً إلى أن الأمر يمكن أن يكون السبب وراء الخلافات الأخيرة التي أشار إلى أنها أجهضت مسعى التوقيع على الوثيقة.
وقال الساعوري لـ (المجهر): إن المعارضة تحاول أن تتوحد خلف برنامج موحد للحصول على الدعم الأجنبي، وأضاف: ربما أنها تريد أن تقنع الرأي العام المحلي وترد على تساؤلاته، بأن بديل الإنقاذ موجود وجاهز؛ لكن السبب الرئيسي الحصول على الدعم الأجنبي لإسقاط النظام، واستبعد في الوقت ذاته لحاق الحزب الاتحادي الديمقراطي بالوثيقة، وقال: إنه لن يوقع؛ لأنه مشارك في الحكومة قبل أن يستطرد:(الاتحادي كراع برة وكراع جوة).
ولكن اجتماع المعارضة بدار الوطني الاتحادي الذي حضره د. “حسن عبدالله الترابي” رئيس المؤتمر الشعبي، “صديق يوسف”، “محمد المختار” من الحزب الشيوعي، و”علي الريح السنهوري” رئيس حزب البعث العربي، و”إبراهيم الشيخ” رئيس حزب المؤتمر السوداني، ورئيسة حركة القوى الجديدة (حق)”هالة عبدالحليم”، والقياديان بالتجمع الوطني الديمقراطي “فاروق أبو عيسى” و”عبد العزيز خالد”، بدا مقنعاً لعرابيه من قوى المعارضة كحالة من حالات الاستعداد والترتيب لخطوات فاصلة ليس من بين مفرداتهم فشل أو إجهاض، وهي تحدد الأسبوع المقبل موعداً لاستئناف مشروع الخلاص الوطني من حكومة المؤتمر الوطني ــ حسبما ردد الكثيرون منهم.
القيادي بالحزب الشيوعي، “صديق يوسف”، برر طرحهم للوثيقة بأنه ترتيب واستعداد لما بعد إسقاط النظام؛ لجهة تفادي ما أصاب التجربة(الليبية) و (التونسية) واللتين أشار إلى أنهما تعانيان من إشكالات بسبب عدم التحسب للخطوة المقبلة، وقال لـ(المجهر): لدينا تجارب ففي أكتوبر لم يكن هناك ترتيب مسبق حول من يحكم، وكيف، مؤكداً في الوقت ذاته ثقتهم في مقدرتهم على إسقاط النظام ، وعلق: ظللنا نناضل وسنناضل إلى أن نسقط الحكومة إذا ما استخدموا الرصاص أو غيره، نافياً ما تردد عن وجود خلافات بين مكونات قوى الإجماع الوطني حول التوقيع على الوثيقة، واتهم المؤتمر الوطني بمحاولة (التشويش) لتعطيل مسار المعارضة.
وعبر “صديق” عن ثقته في توقيع كافة قوى الإجماع الوطني على الوثيقتين بما فيهم حزب الأمة القومي، وأوضح أنهم بصدد طرح الوثيقة على بقية القوى السودانية، وقال: سنتصل بكل القوى السياسية وحتى حملة السلاح أو غير حملة السلاح ومنظمات المجتمع المدني، مقللاً في الوقت ذاته من توقعات وقراءات الحزب الحاكم.
حزمة من البنود والمقترحات حوتها وثيقتا البديل الديمقراطي والإعلان الدستوري أبرز ما فيهما تشكيل حكومة انتقالية لثلاث سنوات، وإلغاء نظام الحكم الاتحادي الراهن، وتشكيل مجلس للسيادة ، ولكن يبقى ذهاب النظام القائم شرطاً للنفاذ لتلك الحزم، ما يعني أن الأسبوع المقبل؛ وما سيعقبه، سيحدد ما إذا كانت المعارضة قد ابتاعت البردعة قبل الحمار، أو أن قراءات الحزب الحاكم لمآلات وثيقتي البديل الديمقراطي والإعلان الدستوري لم تكن دقيقة.