وزير الدولة بالمعادن "أوشيك محمد طاهر" في حوار عن واقع التعدين مع (المجهر)
نسعى للسيطرة على أي تفلتات بيئية أو تلوث وحظرنا عمل شركات تستخدم (الزئبق)
ارتفعت خلال الشهر الماضي نسبة مشتريات الذهب من قبل (بنك السودان)
الكميات التي تهرب ليست بالكبيرة وهناك إجراءات لضبط النوافذ
خلال الفترة السابقة تم إلغاء عقود لعدد من الشركات وذاهبون في هذا الاتجاه
بات التعدين يمثل أحد أهم روافد الاقتصاد بالبلاد وحققت عائداته في السنوات الأخيرة إضافة كبيرة لخزينة الدولة، لكن رغم ذلك القطاع مازال في بداياته ويواجه بتحديات عدة خاصة فيما يعرف بالتعدين التقليدي، فضلاً عن المشكلات التي تواجه الشركات في بيع الذهب وعلاقتهم مع الحكومة كشركاء، (المجهر) جلست إلى وزير الدولة بالمعادن “أوشيك محمد أحمد طاهر”، حيث تحدث فيه بصدر رحب عن القطاع عامة، وأجاب عن أهم الأسئلة التي تدور في أذهان المعدنين سواء التقليديين أو المنظمين، فإلى مضابط الحوار..
حوار – سيف جامع
{ بداية السيد الوزير حدثنا عن خطتكم لتطوير التعدين التقليدي؟
– التعدين التقليدي عمل ضخم جداً انتظم في اثني عشر ولاية من ولايات البلاد، ويعمل فيه أكثر من مليون شخص. ومن ضمن المشاريع الإستراتيجية للوزارة تقنين التعدين التقليدي، ومنذ العام 2014م بدأنا في هذه القضية بعقد مؤتمر ضم الوزارة والمعدنين التقليديين وخبراء في مجال التعدين، وخرج المؤتمر بتوصيات وعلى أساسها تم وضع رؤية لتقنين التعدين التقليدي، والهدف من ذلك إدخال التعدين التقليدي في دائرة الإنتاج للدولة، وإرشاد المعدنين التقليديين للعمل بصورة علمية، لتجنب انهيار الآبار عليهم، وتسبب في خطر على أرواحهم، بجانب معالجة الآثار البيئية والتقليل منها التي يسببها التعدين التقليدي، ووضعت الوزارة رؤية وفق تلك الأهداف تم طرحها للوزراء المختصين بالولايات بملفات التعدين، وتم الاتفاق على رؤية نهائية بشأن قضية التقنين.
{ هل هنالك خطوات على الأرض قمتم بها؟
– منذ شهر (يوليو) من العام الماضي بدأنا فعلياً في عملية تقنين التعدين التقليدي بكل الولايات التي بها تعدين تقليدي، وقطعنا شوطاً كبيراً في ذلك وكان أهمها وضع عقود للمعدنين التقليديين مدة العقد عام قابل للتجديد، برسوم رمزية، مع التساهل في سدادها بأقساط مريحة، حسب إمكانية المعدن، وهناك نسبة عوائد جليلة تؤخذ من المعدنين بنسبة (10%)، هذا بالإضافة إلى أن الوزارة تقوم بعمليات تثقيف وإرشاد وتوزيع بعض أدوات السلامة في أوساط المعدنين التقليديين، الوزارة تبذل مجهوداً كبيراً لكن المسافة بين الأهداف كبيرة.
{ هناك مخاطر صحية وبيئية يتحدث عنها الخبراء بسبب استخدام مواد استخلاص الذهب والتعدين التقليدي عموماً.. ما هي احتياطاتكم لذلك؟
– كانت هناك سبع شركات مرخص لها باستيراد (الزئبق)، وبعد ذلك وصلنا إلى ضرورة أن تخصص شركة واحدة لذلك، لمعرفة الكميات المستجلبة بشكل دقيق وتوحيد بوابة دخول (الزئبق)، وتم إلغاء كل امتيازات هذه الشركات السبع وأتينا بشركة (سودامين) السودانية، وهي تابعة لوزارة المالية وتم منحها الامتياز بإدخال الكميات المطلوبة، وإحضاره للوزارة حتى تطمئن علي الكمية المستجلبة، وبعد ذلك تم التصديق عليها وهذا في إطار التحكم في مادة (الزئبق) المستخدمة في التعدين التقليدي.
{ كيف تتعاملون مع مخاطر التعدين خاصة فيما يتعلق بصحة البيئة؟
– الجانب البيئي من ضمن أولويات وزارتنا، ونحن نلزم الشركات التي تعمل في مجال الذهب بأمور السلامة جميعها، سواء أكان باستخدام الأدوات أو أجهزة قياس التلوث، ولدينا “الشركة السودانية” وهي الجهاز الرقابي الذي يقوم بمتابعة تلك الإجراءات على الميدان، وهي تتأكد من مطابقة الشركات للمواصفات المطلوبة.
{ لماذا لم تبحثوا عن بدائل لمادة (الزئبق) الخطرة على صحة الإنسان؟
– نحن نشجع أي جهة تسعى لإيجاد بدائل لمادة (الزئبق) في التعدين التقليدي، وسمحنا باستخدام طواحين الطرد المركزي التي تعمل على تقليل استخدام (الزئبق)، ولكن بحثنا في عدد من الدول لإيجاد بديل نهائي لـ(الزئبق) في التعدين التقليدي إلا أننا لم نجد، وممكن تقليل الكمية المستخدمة باستجلاب أدوات وغيره، ولكن بدون (الزئبق) التعدين التقليدي مستحيل.
{ هل اتخذتم إجراءات ضد الشركات التي لم تلتزم بإجراءات السلامة المطلوبة؟
– نعم أي شركة غير ملتزمة ستتخذ في مواجهتها إجراءات تصل للإيقاف عن العمل، الشركات التي تعمل الآن لديها أدوات سلامة سواء أكان للعاملين أو لسكان المنطقة المحيطة، ولدينا مراقبون موجودون في مناطق التعدين، يقومون بتفتيش الشركات ورفع تقاريرهم للشركة السودانية.
{ وماذا عن مادة (السيانيت) وارتباطها بالسرطانات؟
– المواد المستخدمة في التعدين التقليدي ليست من ضمنها (السيانيت) يستخدم فقط (الزئبق)، و(السيانيت) لا يستخدم إلا بواسطة الشركات لان استخدامه يحتاج لأدوات و(فلاتر) ومعامل كبيرة، وهناك إجراءات ضبط وتفتيش تتم للشركات العاملة وأية شركة مخالفة يتم إنذارها وتغريمها مالياً، كما يتم إلزامها بعد ذلك باستخدام الأجهزة المعنية بالسلامة وهذه ضمن لوائح العمل، ونحن نسعى للسيطرة على أي تفلتات أي كانت بيئية أو تلوث، وهذا لا يعني عدم حدوث مخاطر.
{ التهريب بات هاجساً للسلطات هل هو بالحجم الذي يؤرق مضاجعكم؟
– الآن هناك سياسة واضحة لـ(بنك السودان المركزي) بأن يشتري بسعر السوق العالمي للتقليل من عملية التهريب، وفي هذا المجال هناك لجنة برئاستي تجتمع بصورة دورية لتقييم الأسعار التي يقدمها (بنك السودان)، والكميات التي تهرب ليست بالكبيرة، وارتفعت خلال الشهر الماضي نسبة مشتريات الذهب من قبل (بنك السودان)، بجانب أن هناك إجراءات لضبط النوافذ، والحل لقضية تهريب الذهب هو كيفية وضع أسعار مغرية للمعدن بحيث يبيع ذهبه برضاه، وفي هذا الإطار تم توجيه من قبل اللجنة لـ(بنك السودان) بفتح منافذ للشراء بمناطق التعدين في كل الولايات المنتجة للسيطرة على كميات الذهب المنتج وشرائه بالسعر العالمي.
{ هل لديكم نسبة محددة بكمية الذهب التي يتم تهريبها؟
– ليست لدينا نسبة محددة.
{ هناك حديث عن أعداد غير سودانيين من دول الجوار يعملون بمناطق التعدين لصالحهم؟
– هذا الأمر كان في السابق، أما الآن ليس هناك أجنبي يعمل في التعدين التقليدي، وغير مسموح للأجانب بالعمل في التعدين التقليدي، وتم تنفيذ حملات من قبل جهاز الأمن الذي وضع يده على القضية، الآن كل المناجم العاملة في السودان يعمل فيها سودانيون فقط، إذا وجد أي أجنبي الأجهزة الأمنية ستقوم بدورها تجاهه، وهناك تنسيق كامل بين الوزارة والولايات والأجهزة الأمنية في الأمر.
{ مدى صحة سيطرة بعض القوات والمليشيات غير النظامية على مناجم التعدين بـ(جبل عامر) بشمال دارفور؟
– نحن خلال النفرة الثالثة لتقنين التعدين التقليدي لدينا فرق ذهبت إلى هناك وبدأوا عمليات تقنين وعملوا عقود مع معدنين تقليديين في ذات المنطقة، ومكثوا هناك قرابة الخمسة عشر يوماً ولم تواجههم أي إشكالات، وخلال الفترة المقبلة لدينا أيضاً نفرة وسنذهب لكل مناطق التعدين في دارفور.
{ أخيراً برز دور لشركات التعدين في المسؤولية الاجتماعية.. هل لاحظتم التزامهم بها؟
– هذا الجانب يلي الشركات العاملة ونحن وضعنا إطاراً منظماً في كيفية تقديم الخدمة عبر المسؤولية الاجتماعية للشركات، وسوف نخرج خلال الفترة القليلة المقبلة إلى صيغة محددة بالتنسيق مع الولايات، الشركات تقوم بدفع مبالغ كبيرة لكنها لا تدفع في شكل الخدمات التي يحتاجها المواطن، وهناك لجنة تعمل لتنظيم ذلك.
{ كم وصل عدد الشركات الموقعة على عقود معكم وتعمل حالياً في إنتاج الذهب؟
– الشركات العاملة الآن في زيادة مستمرة وحتى الآن الشركات الامتياز بلغت (170) والتي دخلت منها دائرة الإنتاج (8) شركات وهي في زيادة مستمرة، ونعمل في إطار الرقابة على الشركات أية شركة غير مقتدرة نقوم بإلغاء عقدها.
{ هل قمتم بإلغاء عقود لشركات؟
– خلال الفترة السابقة تم إلغاء عقود لعدد من الشركات وذاهبون في هذا الاتجاه.
{ ما مدى إسهام الذهب في سد الفجوة الاقتصادية التي حدثت بعد انفصال الجنوب؟
– الذهب سد ثغرة كبيرة بعد انفصال الجنوب ومساهمته كانت في توفير نقد أجنبي للخزينة العامة وذلك بنسبة (80%) من عائدات الذهب، ومع خروج البترول البلاد فقدت أكثر من (70%) من النقد الأجنبي، وهذه النسبة غطاها الذهب بشكل كامل، بل هناك زيادة الآن.
{ حجم الإنتاج سواء أكان من التعدين التقليدي أو عبر الشركات خلال العام الحالي؟
– الإنتاج كان حوالي (62) طناً منذ بداية العام حتى نهاية (سبتمبر) الماضي بنسبة (85%) من التعدين التقليدي و(15%) من الشركات، وخطتنا أن نصل إلى (80) طناً حتى نهاية العام.
{ ماذا عن الاستثمار الأجنبي والعربي بشأن التعدين.. وهل أزيلت المعوقات التي تعترض المستثمرين في هذا المجال؟
– الآن هناك إقبال كبير ناحية الاستثمار في مجال التعدين سواء أكان استثماراً داخلياً وخارجياً، وهذا نتيجة للإجراءات الواضحة التي تم إتباعها للشركات من خلال عمل النافذة الموحدة، وبها كل شروط التعدين سواء أكان تعديناً كبيراً وصغيراً وكل إجراء موضح، وهناك تسهيلات وإعفاءات وشفافية في التعامل.