المؤتمر الوطني.. هل يترك منهج ضرب الحصان؟!
بقلم – عادل عبده
كرنفال الحوار الوطني الماثل للأعيان في الخرطوم حافل بالمعاني والدلالات، فهو يمثل لوحة متشابكة تعكس أوتار التحدي المحفوف بالاختيار الصعب والفرصة المشدودة!، فهنالك من يرى أنه (سيرك) مركب من الإيقاعات الباهتة، بينما يعتقد آخرون أنه ربما يحمل مفاجأة تحقق العشم والرجاء.
المؤتمر الوطني سيد الملعب أمام مفترق طرق، فهو يواجه رياحاً عاتية من المعارضين، فكيف ينتزع فتيل الغضب والاحتجاج والخصومة من صدورهم في ظل المؤازرة التي يجدها من حلفائه في السلطة؟
لم يحضر الإمام “الصادق” و”علي محمود حسنين” وحركة جبريل ومناوي وعبد الواحد وقطاع الشمال، فضلاً عن غياب الحزب (الشيوعي) و(منبر السلام) وحركة (الإصلاح الآن).
ظل المؤتمر الوطني يقود دفة الحكم انطلاقاً من رؤية قابضة ومنهج يتسم بالمناورة والالتفاف، حيث يتحكم في القرارات والإجراءات المهمة، ويترك الصلاحيات الصغيرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع للأحزاب المشاركة معه في السلطة!!
من خلال مشهد تصويري يجسد واقع حكم المؤتمر الوطني على البلاد، وكيف كان يدير الأزمة السودانية يمكن القول بأنه ظل يحكمنا بواسطة عربة مكونة من عجلات وحصان، فكانت الثمار لا تفرح والحصيلة تجسد المرارات والغبائن، والإيقاع الحياتي تحول إلى مأساة واضحة المعالم، بينما صار المشهد السياسي لا يطاق من فرط التسلط والظلامات وانعدام الشفافية والمحاججة، شعر المؤتمر الوطني بفداحة المصيبة وفكر في ايجاد الحل الناجع للأزمة المستفحلة ولم يلحظ أن الكارثة في العجلات التي أكل عليها الدهر وشرب من كثرة السير في المسافات الطويلة فصارت قديمة ومتهالكة، وبالتالي تظهر فرضية الاستغناء عنها، وأيضاً لم ينتبه لأمر الحصان قد هرم وصار كبيراً وضعيفاً من شدة الخدمة الطويلة وبذلك يجب تغييره.. رأى المؤتمر الوطني في نهاية المطاف بعد تفكير طويل، أن الحل يكمن في ضرب الحصان بالسوط حتى يترك العناد كيما يواصل المشوار.
خيار الحل في ضرب الحصان من خلال هذه الصور الخيالية، يجسد المنهج الذي يسير عليه المؤتمر الوطني في معالجة المشكلة الوطنية!
الآن تنادى السودانيون في (قاعة الصداقة) على أنغام الحدث الكبير للخروج من النفق المظلم، فكان (ملتقى الحوار الوطني) الذي يدور في هذا الظرف التاريخي.. ما أحوجنا للتعقل والحكمة وبعد النظر.. وما أعظم أن نتسلح بالصبر والاحتمال والإبداع وأشياء كثيرة تعبر عن الحس الإنساني اللطيف وكيمياء النكهة السودانية النادرة.. من الحكمة أن نعالج مقاطعة الرموز السياسية للملتقى بتحقيق الكثير من رغباتهم وأمنياتهم، بل من الحكمة البليغة أن تحمل التوصيات والقرارات مطلوبات النظام الانتقالي ولوازم الحريات باعتبار أنها تمثل رغبات الأغلبية، وكذلك لابد من تغيير الجوهر وليس القشرة الخارجية في هذه التظاهرة السياسية الضخمة.
هذه هي الرافعة التي تنهض بالحلول الشاملة، فهل يترك المؤتمر الوطني على ضوء هذا الواقع منهج ضرب الحصان؟ فالشاهد أن قوة الإرادة التي تبحث عن المعاني النبيلة والعظيمة لن تتحول إلى تذكار على لوحة نحاسية.