تقارير

حادثة لعبة قطار الأطفال بمنتزة عبود.. تفاصيل ما حدث

إدارة المنتزه: فقدان الفرامل والانحراف عن المسار وراء الحادثة
مديرة الروضة : صبر الأسرة لا ينفي إهمال المنتزه
المجهر- ميعاد مبارك
ليست الحادثة الأولى من نوعها فقد سبقتها حادثتان، الأولى بمنتزه المقرن العائلي والثانية بمنتزه الرياض…وفي كُل علل المعللون الحادث بالقضاء والقدر…وها نحن نقف على حادثة (قطار الأطفال) بمنتزه (عبود)، التي راح ضحيتها طفل في السادسة من عمره وأصيب طفلان آخران منتصف ظهيرة الأربعاء،كانوا في رحلة ترفيهية نظمتها روضة (أم أسعد) التي ينتمون إليها…توجهت (المجهر) إلى المنتزه  ووقفت على مكان الحادث،كما زارت روضة الأطفال ،وتحدثت مع شهود العيان ، فإلى التفاصيل.
{بقعة من دم الطفل الراحل على قائم السور
حديقة(عبود) ظلت  يوم أمس  الخميس مفتوحة للزوار دون أي إشارة أو دلالات على حادثة الأربعاء ، الأول من أمس ،كشك التذاكر يمارس عمله بالصورة المعتادة ،عدد قليل من الزوار،ذهبنا إلى موقع لعبة “قطار الأطفال”، حيث الحادثة،وجدنا القاطرة الأولى المكونة من ثلاثة مقاعد، منحرفة عن مسارها وإطاراتها الأمامية مكسورة،وجزء من الجانب الشمالي مكسور،بقعة من دم الطفل الراحل  لازالت على قائم السور الذي اصطدم به رأس الطفل والقاطرة.
{الهيكل لا يحتاج غيار
توجهنا إلى مكاتب الإدارة والتقينا بمدير المنتزه”عبد الحميد محمد توم” الذي قال : (تم تركيب الألعاب في المنتزه بواسطة شركة(سوداترك)التركية في عام(2000)م،العمر الافتراضي للألعاب ما بين(10-15) سنة،لكننا نقوم بتغيير قطع الغيار التي نستجلبها من الشركة المصنعة التي تقوم بتركيبها عبر مندوبها في  السودان بصورة دورية ،لذا فعمرها الافتراضي مابين (20-25)سنة ،لأنه لم يتبق لدينا غير الهيكل، وهو مثله مثل هيكل السيارة طالما تم تغيير مابداخلها ، يمكن أن يصمد لفترة طويلة ، فالهيكل لا يحتاج غيار). وأضاف( بالإضافة إلى عمليات الصيانة التي تتم في المواسم والأعياد،وهنا أعني الصيانة الكبيرة التي تشمل كل شئ،  وتكون بمعدل كل ثلاثة أشهر،ولدينا إدارة صيانة- قامت شركة(سوداترك) بتدريبهم- تقوم بمراجعة الألعاب بصورة يومية وتزييتها، وتشحيمها ، ومن ثم التدوير).
{هيئة المواصفات والمقاييس تقوم بمراجعة كل الألعاب
 أكد مدير المنتزه، “عبدالحميد” ، إن الحادثة تعد الأولى من نوعها وأنها قضاء وقدر، رغم الصيانة الدورية إلا أن الفرامل(عضت) ،و هذا القطار كان يعمل دون أي أعطال طوال فترة الأعياد،وشدد على أن هيئة المواصفات والمقاييس تقوم بمراجعة كل الألعاب بصورة دورية،  وأنه عضو في لجنة المواصفات والمقاييس،وأوضح أنه على رأس كل واحدة من الألعاب ، هنالك مشغل ومشرفين ،وعن التحوطات الإجرائية فقد أكد أنهم ملتزمون تماماً بها ولديهم تأمين ساري المفعول لدى شركة التأمين الإسلامية.
{أصطدم بالسور
أكد المدير المالي للمنتزه”مصطفي أحمد عثمان”، على ما سبق ، موضحاً أنهم تابعون ، كما منتزه المقرن إلى منظمة الشهيد،وأضاف(الأطفال ينتمون إلى روضة أم أسعد، بشمبات ، مربع 15،ويأتون في رحلات للمنتزه باستمرار،و بدأوا اللعب من لعبة”قطار الأطفال” المخصصة للأطفال الصغار،  و تدور لمدة ثلاث دقائق ، في مسار على شكل ثلاث دوائر اثنتين في الأعلى وتنتهي الأخيرة في الأسفل) . وواصل قائلاً: (في الدور الأول ركب طلاب المستوى الأصغر سناً ، تلاهم الصف الثاني ،كان الدور الأول بلا مشاكل،ولكن الثاني  وفي المنطقة ما قبل النزول في آخر دائرة، (عضت الفرامل)،  وانحرفت مقطورة القطار الأولى عن مسارها،وارتطم رأس الطفل “بابكر عبد الدائم”، بقائم السور الذي اصطدمت به المقطورة،وأصيب في رأسه إصابة صغيرة، ولكن يبدو أن أثرها الداخلي كان كبيراً،  وأودى بحياته،كما أصيب طفلان آخران واحد في رأسه ، والثاني بشق في ساقه وكلاهما خرجا من المستشفى حيث قمنا بإسعاف الطلاب مباشرة إلى حوادث بحري)، شارحاً تكوين القطار من ثلاث قاطرات سعة 18 طفل تقريباً،و القاطرة الأولى التي انحرفت عن مسارها مكونة من ثلاثة مقاعد متتالية، سعة كل واحد ثلاثة أطفال ، وأن الارتطام كان أقوى بالمقعد الأخير حيث الأطفال الثلاثة المتوفي ورفيقيه،وأن الطفل الراحل كان على الجانب الأيسر موضع الارتطام.
{دفعتها المقطورتان من الخلف
كا ن لـ(المجهر) وقفة أيضاً مع مشغل (لعبة القطار)، الذي قال: (في الدور الأول كان هناك (17) طالباً ومر بسلام،وفي الدور الثاني حصل الحادث (عضت فرامل المقطورة الأولى) ، ومن ثم جاء عليها دفع المقطورتين من خلفها،ارتطم رأس الطفل بقائم (الدرابزين)،بالتحديد فوق الحاجب، وأسعفناه إلى مستشفى بحري للحوادث والإصابات،وكان الحادث في تمام الثانية عشرة ظهراً).
{لا مشاكل فنية
أيد نائب مدير الصيانة”أنس حسن”، ما قاله رفقاءه،  وشدد على أنهم يشرفون على صيانة الألعاب على أكمل وجه ، وأنهم قاموا بتجديد الصيانة بعد ضغط العيد،وأكد على أنهم يقومون بمراجعة هذه الألعاب يومياً، (تشحيم،تزييت وتشغيل في الهواء بدون ركاب)، وأضاف أنه حادث قضاء وقدر قد يحدث،وأنه لا وجود لمشكلة فنية وأستشهد بالقطار ،قائلاً(ماف مشكلة فنية،  والقطار موجود).
{صبر الأسرة لا ينفي إهمال المنتزه
بعدها انتقلنا إلى مبني روضة (أم أسعد)، لنسمع منهم، مديرة المدرسة الأستاذة”زينب محمد أحمد توم”، أوضحت أن مجموع الأطفال في الرحلة (37) طفلاً ، ومعهم أربع مشرفات،وصلوا المنتزه في تمام العاشرة والنصف صباحاً، وبعد تناول الوجبة،تم تسجيلهم للألعاب،ولعب طلاب المستوى الأول،  ومن ثم طلاب المستوى الثاني، وأنضم لهم واحداً من طلاب المستوى الأول كان خائفاً، إلا أن أمه أصرت عليه،أصيب بشق في ساقه،  وكان يجلس قرب الطفل الراحل”بابكر عبد الدائم”(6) سنوات، والطفلين المصابين هما”أحمد منير عبد القادر،  5سنوات ونصف ، وهو المصاب في الساق،مهند إبراهيم(6) سنوات ، وأصيب في جبهته).
أخبرتنا مديرة الروضة أن “عثمان”أخ الطفل الراحل الأصغر،  والذي لعب في الدور الأول ، كان يحمل حذاء أخيه ويبكي في مشهد حزين،وشددت على ضرورة الرقابة على المنتزهات،  وملاعب الأطفال ومدى صلاحية الألعاب ،محملة إدارة المنتزه المسئولية ، وأكدت على أنه إهمال)،كما أشادت بصبر وثبات أسرة الطفل الراحل التي تلقت الخبر بقلب صابر وبأمه التي أكدت أنها لم تر لها مثيلاً في الثبات ،وأعمامه وأخواله الذين  تنازلوا عن القضية ،وطالبوا بعدم تشريح الجثة ،وأضافت(إنه قدر الله في النهايه ، فهذا الطفل التحق بالروضة قبل خمسة أيام فقط من الحادثة،إذ  كانت أسرته بالمملكة العربية السعودية،حيث يعمل والده ويقيم حتى الآن).
{تخبط المسئولين في الحديقة
أما الأستاذة “أمنة محمد الحسن”،  كانت من المشرفات اللائي قمن بمرافقة الأطفال في الرحلة،قالت: (سمعنا صوت قوي جداً، علي إثره قفز بسور الحديقة الرجال الذين كانوا يجلسون قرب ست الشاي ،خلف المنتزه وعدد من طلاب الثانوي،كانت العربة الأولى في القطار منحرفة عن مسارها ،وارتطمت بالسور،وأصيب “بابكر” في رأسه بقائم السور،كان يتنفس ،ولكن رأسه مائل ويديه متدليتان،هرعنا وقمنا بإنزال الأطفال وإسعاف المصابين،أثناء ذلك جاء أحدهم ، ويبدو أنه فني صيانه كان يحمل أدوات في يده ألقى بها على الأرض وصرخ في مسئول التشغيل : قائلاً:  (ما قلت ليكم ما تشغلوا اللعبة دي)، وواصلت حديثها مؤكدة على مسئولية المنتزه ،واستشهدت بتبديلهم مشغل اللعبة الأصلي بآخر عند التحقيق،إلا أن إحدى المشرفات وصفت المشغل الحقيقي الذي كان يرتدي قميصاً رمادياً وبنطالاً أسود، وبالفعل قاموا بعد  أن أدلت بشهادتها في التحقيق بإحضاره). ووجهت تساؤلاً حول كيفية براءة المنتزه  وهم يخفون المشغل ومسئول الصيانة يصرخ موبخاً لهم على تشغيل اللعبة).
{من المسئول؟
القضاء والقدر كل مؤمن يعتقد فيه.  ولكن يبقى البحث عن الأسباب واجب، فلكل شي سبب،وإذا كانت الألعاب قد تصاب بـ(عضة فرامل) دون سبب أو عطل فني ، فالأولى إيقافها حفاظاً على أرواح الأطفال، وقائم السور الذي كان على شكل زوايا، كيف مررته هيئة المواصفات والمقاييس؟  فالمعروف أن أماكن لعب الأطفال يجب أن تكون على شكل منحنيات لحفظ سلامة الأطفال ،وذلك حسب علم التصميم الصناعي،وأخيراً وليس آخراً : من الذي يحدد إذا كان يجب تغيير أوعدم تغيير الألعاب عند إكتمال عمرها الافتراضي؟  حتى في حالة التغيير المستمر لقطع الغيار…كلها تساؤلات تنتظر كلمة المسئول ، أم ستبقى في سياق القضاء والقدر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية