المشهد السياسي
الحزب الشيوعي الذي هرم وشاخ..!!
موسى يعقوب
في جلسات محاكمة صحفية قامت بها صحفية (المجهر) “سوسن يس” قبل أيام مع السيد المهندس “محمد الخطيب” سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني رشح الكثير الذي يستحق الوقوف عنده، وقد بلغ الحزب الشيوعي سن السبعين وهو يستعد هذه الأيام للمؤتمر العام السادس، فقد أكمل الحزب كما قال “الخطيب” (69) عاماً أي ولد في عام 1946م، قبل الاستقلال بعشر سنوات.
والسيد سكرتير الحزب وهو يدلي باعترافاته في تلك المحاكمة الصحفية قال:
{ لن يتم تغيير اسم الحزب في المؤتمر العام القادم للحزب.. فالمنهج (الماركسي) واسم الحزب من الثوابت الآن..!
{ والحزب سينتقد نفسه.. كما فعل من قبل في دعمه لانقلاب مايو 1969م، وانقلاب “هاشم العطا” في 17 مايو 1971م.
بالنسبة للنقطة الأولى الخاصة باسم الحزب ومنطلقه الفكري، فقد أثيرت في المؤتمر العام الخامس واختلف حولها كثيراً، وقد طرح “غورباتشوف” في الاتحاد السوفيتي مشروعي البيريسترويكا والغلاسنوست الخاصين بالتغيير وإعادة البناء، اللذين أثارا اهتمام العالم، وبالضرورة الأحزاب والمؤسسات الماركسية في الداخل الروسي والخارج.. وكان أشهر هؤلاء وأعلاهم صوتاً اتحادات العمال العالمية التي كانت لها مؤتمرات دولية بحثت فيها أمر التجديد الذي كان يومها هماً وطنياً عالمياً.
المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي وبتأثير من سكرتيره العام السابق “محمد إبراهيم نقد” عليه الرحمة، لم يخرج بجديد في تغيير اسم الحزب والنهج العام والتقليدي للحزب. ولما كان السيد “الخطيب” السكرتير العام الحالي للحزب من المنتجات والمخرجات التي ألقى بها ذلك الظرف لقيادة الحزب، فهو اليوم يتبنى ذات الأطروحة، وربما بعنف، حيث قال للأستاذة “سوسن”:
{ لن يتم تغيير اسم الحزب ذلك لأن المنهج الماركسي واسم الحزب من الثوابت الآن..!
فالرجل يستبق المؤتمر ويدلي بذلك وإن كان قد تم النظر فيه عبر اللجان المختلفة والمعنية بالمؤتمر العام السادس للحزب الذي بات قريباً.
إن الحزب الذي في سن السبعين أو التاسعة والستين من العمر والتجربة والعالم من حوله يتغير، لا يمكن له أن يقول إن (كذا وكذا) وهو من صنع البشر من (الثوابت)، أي لا يمكن تغييره وكيفما كان حراك من ينادون بالتغيير وإعادة البناء في الحزب.. على كل، الأمر متروك للمؤتمر القادم للحزب الشيوعي.. الذي كالمعتاد لا تظهر كل محتوياته وما دار فيه الرأي العام، غير أن النقطة الثانية في ما أدلى به السيد السكرتير العام أمام محاورته الصحفية “سوسن يس” لا تقل إثارة للاهتمام عن النقطة الأولى.
فقد قال “الخطيب”:
{ الحزب انتقد نفسه في دعمه لانقلاب مايو في 1969م، وانقلاب “هاشم العطا” في انقلاب 1971م، مايو 17.. وذلك بتقديره لأن الانقلاب العسكري ليس بالوسيلة المناسبة للوصول للسلطة..!
هذا على كل حال أمر جيد، وتجربة الحزب الشيوعي فيه تجربة قاسية ومؤلمة، فانقلاب 25 مايو 1969م، الذي كان له فيه دور الداعم وحامل وزر (الاعتقالات) للمعارضين و(تأميم) مؤسسات القطاع الخاص.. هو الذي بعد فترة انقلب على السلطة المايوية وانقسم بين مشارك فيها ومنضم على الآخر وبين معارض على الآخر أيضاً!!
وحتى إذا ما كان انقلاب “هاشم العطا” بعد ذلك ودفع الحزب ثمناً غالياً في دعمه إذ أطاح وذهب بكبار قادته كالسكرتير العام “عبد الخالق محجوب” وسكرتير اتحاد العمال “الشفيع أحمد الشيخ”.. ودفع به إلى المكوث تحت الأرض لسنوات طويلة.. بات الحزب كما قال سكرتيره العام ينتقد أسلوب دعم العسكر.
وبالنظر إلى ما بعد ذلك نجد أن فكرة الندم على الدعم للعسكر، إن لم تكن قد جاءت متأخرة، ليست واردة في برنامج عمل الحزب.
ذلك أن الحزب الشيوعي كان مؤسساً وعضواً في المعارضة الخارجية للنظام الحالي التي كان لها جناح عسكري لكل حزب مسمياته فيه، بما في ذلك الحركة الشعبية.
واليوم يقف الحزب الشيوعي مسانداً لـ(الجبهة الثورية) المعارضة وحاملة السلاح، ويقف ضد الانتخابات التي هي وسيلة سلمية للتغيير.
إن الحزب الشيوعي يقول كلاماً ويفعل شيئاً آخر.. وهو الذي هرم وشاخ عموماً وننتظر منه التغيير والتجديد.