(الله أكبر القدييييييييمة).. (هدف حياتي طلع تسلل).. (نفسي أقطع الكوبري)
سخرية التعبيرات على ظهر المركبات
تقريرــ أمل أبو القاسم
ظاهرة الكتابة على السيارات قديمة قدم صناعتها، حسب من استعنا بهم في تجميع العبارات المدموغة على خلفيات السيارات، وهي ليست بعيدة عن مرمى ومد بصر الجميع، فأينما تلفت تجدها أمامك، كأنها موضة استشرت بين مفاصلها، أو سنة يجوز إتباعها، فكل إناء بما فيه ينضح، حتى أن نفراً من الناس تحدث عن أهمية إجراء بحوث ودراسات تقصٍ عنها وعن كاتبيها، ووصفت من قبل البعض بأنها ليست سوى تفريغ لما يجوس ويمور داخل كل منهم سواء صاحب المركبة أو سائقها، وإطلاق يده ومخيلته لرسم ما أراد التعبير عنه بالحروف. هذه الكتابات تثير جدلاً طريفاً حال قراءتها وتجد حظها من النقاش على بساطتها.. ولمعرفة ردود الأفعال تجاهها استطلعت (المجهر) عدداً من المواطنين، ثم استشهدت بنماذج متعددة ومتباينة عنها.
{ مونولوج داخلي
ورغم أن هذه الكتابات جاء بعضها ركيكاً ومغلوطاً، إلا أن هناك ما كتب عن وعي وإدراك كمتنفس لما يحتشد بدواخلهم سواء أكان سياسياً أم اجتماعياً أم عاطفياً، أو اتخذت كهواية.. وقال أحد المواطنين “عمار” إنه وأثناء قيادته مر أمامهم “لوري” كتب عليه (هيييييع) فعلق رفيقي وقد انخرط في موجة من الضحك (الزول ده يكون جعلي، استفزته عبارة “السنجك” على ظهر لوري واحد شايقي)، أو كما كتب أحدهم وأظنه محسي (جعلي عينو حارة).
قال محدثي (أحد الزملاء الصحفيين)- رفض ذكر اسمه- إن العبارات السياسية هي الأكثر حظوة، وهي تعبر عن الحراك الاجتماعي والسياسي وبمثابة (مونولوج داخلي)، مضيفاً: (تجاذبنا أطراف ذات الموضوع خلال دردشة مسائية مع بعض الأصدقاء وقد اجتهد كل منهم بإفراغ ما في معيته، وهذه نماذج منها: “الجماعة سبب أذايا، “الله أكبر القدييييييييمة” كتبت على ظهر لوري، وعلى خلفية حافلة كتب “السودان قفل”. ولم تسلم حتى المحال التجارية من هذه العبارات، فكتب على لوحة بنشر “البنشر الإسلامي”). وعقب محدثي: (لعل هذه وغيرها من عبارات تعبر عن ذكاء الشارع وسخريته بصورة غير مباشرة).
{ عبارات عاطفية وغزلية
وفي السياق تتبدى الحالة العاطفية للعيان واضحة وكل يغني على ليلاه بطريقته الخاصة، إذ يدفعون بكل ما يعتمل في داخلهم من صدمات وغيرها، مثلاً ما كتب على ظهر ركشة (بس سببي إنتي جرحتيني)، وكتب على ظهر “دفار” بالبونط العريض (الخان مرة بيخون 600 ألف مرة)، وجاء التعليق عليه بأنه (ممكون) للغاية، ومنها أيضاً (كل ما نشتل الأفراح تجي الأقدار تمد إيدها.. وتسالمنا)، (الورد ما بجرح سقايو)، (حصاد الغربة)، (أم العيال)، (هدف حياتي طلع تسلل)، على أن أطرفها ما ابتكره هذا الموجوع (قرد يونسك ولا غزال يزازي بيك)، ومنها الغزلية مثل (زهرة جناين الغابة، عنبة، قشطة والهجرس ). وعلق محدثي على هذا النوع من الكتابات بأنها تنم عن ذكاء وإلهام فطري لا يخلو من الطرافة والشجن في آن.
وأجمع كثيرون على أن العبارات ذات المنحى الصوفي كانت هي التي تتسيد منصة الكتابات بحسبان إنها قد تقيهم الشرور، كما أنها تعكس ميولهم الصوفية وكل ينده شيخ طريقته ومنها (يا أبشر)، (يا المصوبن)، (يا لحاق بعيد)، (يا الله تشوفنا)، (يا ابن إدريس من البوليس)، (ماذا يفعل الحاسد مع الرازق)، وأحدهم كتب (الجنة بالمجان والنار بقروش).
{ أنا حايم والجلابي نايم
فيما حملت بعض المركبات العامة لا سيما (الركشة) و(الأمجاد)، كتابات تعبر عن الأمنيات، فكتب صاحب أمجاد (بكرة تكبري تبقي جامبو)، وعلى (ركشة) كتبت عبارة (نفسي أقطع الكوبري) و(مستثمر أجنبي)، وعبارة على ظهر (كارو) تستوقفك عنوة هي (المدير العام).
وبعض العبارات ذات ميول رياضية، كأحدهم الذي يبدو أنه مهووس بفريق برشلونة فكتب (ميسي يا اخ)، وآخر كتب (سيد البلد)، فضلاً عن أن بعضهم قد ولع بالتلاعب بالحروف كأن تبدأ بكلمة وتنتهي برسم، وكثيرا ما نشاهد (في الليلة و”يرسم ديك”) و(طع “ثم الرقم 100”). على أن هناك من العبارات ما كتب على هوى من كتبها وحسب مزاجه ولا يعرف مدلولها إلا هو، وربما كتبها (مزاج ساي) كتلك التي تقول (أنا حايم والجلابي نايم.. هسي بيلف).. وفقد أحدهم المنطق بكتابته (رضا الوالدين أهم من رضا أمك وأبوك).