رأي

المشهد السياسي

“أبو شورة” رحل وترك ما يذكر
موسى يعقوب
 
نعت رئاسة الجمهورية يوم (السبت) 26 سبتمبر 2015م، بحرارة وإخلاص الدكتور “يعقوب أبو شورة”، الذي لقي ربه بالعاصمة القطرية (الدوحة) وهو في رحلة علاج.
الراحل “أبو شورة”– رحمه الله– ترك عمله الاستشاري للبنك الدولي عند بداية ثورة الإنقاذ في 1989م، ليصبح وزيراً للري والموارد المائية إلى عام 1997م، حيث عين والياً على ولاية سنار التي ولد فيها ونشأ وأكمل تعليمه حتى المرحلة الثانوية ليصبح المهندس، خريج جامعة الخرطوم المعروف عالمياً وإقليمياً ومحلياً.
وكما قال الشيخ “حسن الترابي” في أمسية تأبين الراحل “أبو شورة” فإنه يعرف فيه بعد عشرة طويلة أنه (رجل دين) أكثر مما يعرف عنه الآخرون من كفاءات فنية وإدارية.
وزاد على ذلك الأستاذ “عبد الرحيم حمدي” وزير المالية والاقتصاد الوطني في 1991م، أن المهندس “يعقوب أبو شورة” كان على خلق عظيم وحرص كبير في متابعة استحقاقات وزارته من الموارد المالية وغيرها حتى تقوم بواجبها الصعب يومئذ وبما عليها في ذلك الظرف الدقيق الذي كانت البلاد تعاني فيه من نقص الغذاء ومطلوباته. وكان قد اتخذ قراراً سياسياً إستراتيجياً بضرورة توفير سلعة القمح التي كانت تشكل عصا السفير الأمريكي بالخرطوم في الضغط على النظام.
وفي ذات الإطار كان قد اتصل بي هاتفياً البروفيسور (طبيب) “الأمين محمد عثمان” مذكراً بزراعة القمح الناجحة في مشروع الجزيرة التي تعد من إنجازات الراحل “أبو شورة” ورفيق دربه وصديقه وزير الزراعة في ذلك الوقت البروفيسور “أحمد علي قنيف”.
وقد دعاني ذلك– كما كان في بالي– وأنا أعرف الدكتور “قنيف” ودوره في الزراعة وملحقاتها وفنياتها، بل والرمز الفني والعلمي المعروف– حفظه الله– لأتعرف منه على تجربة زراعة القمح في الجزيرة المنطقة غير الملائمة (مناخياً) لزراعته.. “قنيف” وبالحرف الواحد قال:
ما حدث في زراعة القمح بالجزيرة في مساحة تسعمائة ألف فدان كان ملحمة قام فيها الفنيون بالنقاط المقاومة للحرارة وتم فيها التنسيق والتوافق بين الطرفين (الزراعة والري) حتى وصلت المياه إلى أماكن لم تكن تصل إليها، وبما هو مطلوب.. إذ كان المرحوم “يعقوب أبو شورة” في الميدان دوماً يلاحق مشاكل الري.
لقد استثمرت البلاد في الراحل العزيز- يقول “قنيف”– ولكنه أعطى فما أبقى، وتلك حقيقة جاءت في نعي رئاسة الجمهورية.
كان إنتاج القمح في موسم (1991 – 1992م) يمثل يومئذ الاكتفاء الذاتي لعام كامل لم تستورد البلاد فيه غذاءها. واعتُرف للسودان عالمياً– كما قال البروفيسور “قنيف”– بالنجاح في التجربة الخاصة بزراعة القمح في البيئة الحارة، وظل الفنيون والخبراء والمختصون والمهتمون بذلك يحضرون للتعرف على تلك التجربة من حين لآخر.
سيراً على ذات الطريق يقول البروفيسور “قنيف” أيضاً وكما جاء في سيرة الراحل الذاتية التي ذكرتها رئاسة الجمهورية، إن المرحوم كانت له علمياً اثنتان من الماجستير واثنتان من الدكتوراه من جامعات مختلفة. ثم ختم ذلك في السنوات الأخيرة وهو صاحب المكتب الاستشاري بالخرطوم بكتاب مشهور عن: تحقيق الأمن الغذائي من السودان.. فكما قلنا وذكرنا في عنوان هذه الكلمة التي نقولها في غيابه، نقول إنه قد ترك ما يذكر وأكثر- تقبل الله منه ورحمه– فذكرناها على عجل وإن كان ذلك عبر شهادة بعض من يعرفون عطاءه وبذله.
العزاء كل العزاء لوطنه الذي عرف فضله ولأسرته ولأصدقائه وزملائه ومن رافقوه في الطريق، فالموت نقاد ويعجل بالثمينة.
ألا رحم الله الأخ “يعقوب أبو شورة موسى”.. وكلنا لها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية