مسألة مستعجلة
الإذاعة السودانية .. عيب شؤم آخر !!
نجل الدين ادم
حزنت لحال معشوقة السودانيين إذاعة أم درمان، وأثيرها يحكي تاريخ أمة، والإذاعية الكبيرة “إسراء زين العابدين” تحكي خلال حوار أجرته معها الزميلة بالصحيفة “هبة محمود” يوم (الخميس) الماضي، أوضاع هذا الصرح العظيم الذي شكل عبر إطلالاته الأثيرية وجدان الشعب السوداني. تقول “إسراء” وبحرقة وأسى رغم أنها ما تزال قابضة على الجمر، إن بيئة العمل في الإذاعة أصبحت طاردة!، تخيلوا أن الإذاعة تعاني من مشكلة إجلاس للعاملين والضيوف ولا توجد بها حتى مبردات مياه تكفيهم، كيف يبدع هؤلاء المبدعون؟، يكفي أنهم صنعوا من الفسيخ شربات، ولكن هذا الفسيخ نفسه مسخ في ظل تفاقم الأوضاع. تقول “إسراء” إنه لا توجد أموال للإنتاج البرامجي وبالتأكيد ستكون المادة المقدمة للمستمعين فطيرة، وليتها كانت فطيرة باللبن ما كان في مشكلة فهي لقمة دسمة بتتبلع لكن ما كل يوم.
عظمة هذا الجهاز لا يعرفها الأفندية فحسب بل (الاسكافي) الذي يخيط الأحذية في محله والجزار في ملحمته والتاجر في دكانه، وربة المنزل في دارها والشيخ الكبير أمام منزله الخ ..، الكل مدين لهذا الجهاز الذي علم الناس كل شيئ وثقفهم وأسرى وجدانهم بالفن الجميل، وبث الوطنية في نفوسهم جميعاً، فكيف له أن يموت بخنجر الإهمال؟!.
أجد نفسي دائماً منحازاً للإذاعة السودانية أكثر من التلفزيون من واقع جودة ما يقدمونه وما يبذلونه من جهد. وبالتأكيد هذا ليس انتقاصاً لدور التلفزيون القومي، ولكن كفاءة مقدمي البرامج والمذيعين والمخرجين تكمن في أنهم يقربون للمستمع ما خفي من صورة باقتدار، وتجدهم يجذبون الناس بسحر العرض بعيداً عن الصورة والتي دائماً ما تكون مكملة، فهؤلاء يكونون الصورة الغائبة من خلال الكفاءات التي تنقل الناس إلى محطة الخيال الأثيري.
لا أعرف كيف يصمت القائمون على أمر الإذاعة على هذه الحالة المميتة، والغريب في الأمر أن مدير الهيئة القومية هو ابن هذا الحوش ويعرف ما به من تفاصيل، إنه عيب الشؤم!، أرجو أن يعير الأستاذ “الزبير عثمان أحمد” بيته القديم اهتماماً ولو قليلاً، فهؤلاء مبدعون لا يرجون غير تهيئة البيئة. الإذاعة رغم حصار الحداثة لها إلا أن طعمها ولونها لا فكاك منه، أعينوهم ليعينون من يحبونهم من بني هذا الشعب بتقديم المفيد والجيد.
وزارة الإعلام هي الأخرى مسؤولة من هذا التردي فإن كانت حالة الإذاعة هذه جريمة فإنهم هم المتهم الأول.
السيد وزير الإعلام زيارة تفقدية واحدة ليست بكثيرة على هذا الصرح العملاق، وما أحلى لغة العسكر التي تقول بياناً بالعمل، زوروهم من ثم أحكموا وعالجوا، التحية لكل أهل الإذاعة وهم يصرون على المسير رغم الظروف ووفقكم الله وكل عام وأنتم بخير.