من وحي الأخبار

الناس في شنو

تضجرني كثافة الأخبار التصعيدية أي التي لا تحمل سوى معاني التنازع والتشاكس داخل القطاع الصحي والذي إن هدأ مركزياً تفجر ولائياً، لدرجة أن المتداول بالصحف من أخبار، أن فلاناً أقيل وعلاناً نصب وفلتكان مستاء أكثر من الرسائل الايجابية المرسلة لشواغل المواطنين في خدمات الصحة وما أكثرها.
لنحو أسبوع ظللت لظروف خاصة جوالاً بين المشافي العامة والخاصة والصيدليات ومظان ورود الأدوية التي أخشى أن سوقاً سوداء يضرب لها الآن ! ظللت أجول بين سوبا إلى مستشفى النهر ولم أخرج مسروراً؛ صحيح أن أطقم العاملين تبذل جهوداً فوق وسعها وطاقتها ويبذل أولئك الشرفاء ما يستطيعون، لكن الملاحظ الحصيف لا يمكنه إنكار تأثير تلك الصراعات على تميز الخدمات ومشروعاتها وتطويرها.
بات يترسخ عندي أن وزارة الصحة تهدر طاقتها في إشكالات إدارية تتعلق كلها بخلافات حول وجهات النظر، تمضي لتكون حرباً باردة أهملت القطاع في المقامات الدنيا، فهلك العمال والمرضى معاً ولا بارقة أمل تعيد الأمور إلى وضعها الصحيح.
توجد إشكالات مهنية واضحة أبرزها مثلاً اضطرابات التشخيص، فإن قصدت بمريض بحري تحظى برؤية وإن عدت به للخرطوم تكتب له مسألة أخرى، وإن قصدت أم درمان فأنت مع موعد وتشخيص مغاير! وإن أرسلت المحصلة للخارج أتاك الرد ؛ ما ينفعش يابا أبعت العيان !!
هذا بخلاف روح الاستثمار التي تجعل أي مريض مشروع (تحصيل نقدي) وللأمانة فإن المشافي الحكومية أكثر براً لكنها للأسف بلا إمكانيات، والراجح فيها أن طالب الخدمة عليه اعتماد مبدأ إجراء غالب الفحوصات بالخارج ! وهي كلها مشاكل تحتاج إلى ثورة في القطاع الصحي تتجاوز بالجميع صراع مراكز القوى بين التيارات والأجنحة في وزارة لا يمكن أن تضطر لهذا الوضع لسمو رسالتها وارتباط ميدان خدمتها بحياة وأرواح الناس.

الجميل والرائع في داخل المستشفيات والمجالس المتحلقة حولها شيوع متانة نسيج اجتماعي يتقوى بروح التعاون والتعاطف، إذ اكتسب بعض المواطنين من أصحاب الابتلاء في أنفسهم وأهلهم خبرات في كثير يحولونه إلى إرشادات لا يضل صاحبها أو يشقى، فلكل مأزق عندهم مخرج ودليل ولكل طارئ بينهم حل وإن تعسر حين العسرة.
الأخوان “أبو قردة” و”حميدة” – والمقامات محفوظة – انزلا إلى (تحت) وابحثا عن حقيقة الوضع والتكليف والإنجاز، فهذا أنفع من قرارات هذا مكان ذاك واللهم إني قد بلغت فاشهد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية