رأي

مسألة مستعجلة

موازنة على نار هادئة
نجل الدين ادم
مجلس الوزراء الموقر أجاز في اجتماعه أمس (الخميس) موجهات الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016 م والتي قدمها وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، التبس علي الأمر وأنا أفحص في كلمة موجهات هذه، وسألت في نفسي .. هل المقصود بها السمات العامة؟، على أن تكون هناك جلسة لاحقة لمجلس الوزراء لاعتماد الميزانية في شكلها النهائي، ومن ثم إحالة مشروع الموازنة إلى البرلمان لاعتماده في صورته النهائية.
بتتبعي لإعداد الموازنة العامة للدولة أعرف جيداً أنها تبدأ في جانب الأرقام مثلاً بتقديرات المصروفات والإيرادات المتوقعة من الوزارات المختلفة والمؤسسات كل في جانبه، من ثم ترفع لمجلس الوزراء ويحيلها إلى القطاعات المتخصصة المختلفة لمناقشتها بالتفصيل، حيث يضم القطاع خبراء اقتصاد وعلماء في مجال الميزانيات، بعد إجازة الميزانية في مستوى القطاعات ترفع لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية لاعتماد الموازنة وفي الغالب يجيزها في يوم واحد وتذهب بعد ذلك مباشرة للبرلمان.
بصراحة أحسست بحسب معرفتي المتواضعة بأن هنالك شرخاً ما في القنوات أو الآلية التي تم عبرها تمرير الموازنة، طبعاً أهم حاجة فيها الموجهات العامة وتمثل (البوضي) وفيها تضع الدولة الخطوط العريضة لشكل الموازنة، المورد الرئيسي للميزانية مثلاً، اعتماد سياسية تقليل الإنفاق، إلغاء بعض الاعتماد، التركيز على الذهب في هذه الموازنة مثلاً، سبل معالجة العجز في الموازنة إلى آخر هذه الموجهات.
ما أشرت إليه يفترض أن يكون هادياً ومعيناً للوزارات والمؤسسات لرفع تقديرات ميزانيتها لا أن يكون الأمر مقلوباً، إذ أنه كيف لوزارة أو مؤسسسة أن ترفع تقديراتها أو مقترحاتها، وهي لا تعلم أن سياسة الموازنة المقترحة هو تقليل الصرف مثلاً، بالتأكيد ستزيد تقديرات الصرف عن الموازنة السابقة وقس على ذلك.
وما أشرت إليه القصد منه أن تكون هناك جدوى من المحطات التي تمر عبرها الموازنة، وفي ذلك الأفضل أن يبدأ الأمر بمجلس الوزراء برئاسة الرئيس ومشاركة كل الوزراء لتحديد الموجهات العامة للموازنة، باعتباره الجهة السادية المسؤولة عن الميزانية ويمكن أن يرفع هذه الموجهات وزير المالية ومن بعد ذلك تتنزل الموجهات للوزارات والمؤسسات لتبني عليها مقترحاتها، ومن ثم تقوم برفعها لمجلس الوزراء ويقوم هو بإحالتها للقطاعات المختلفة لتمحيصها وقتلها بحثاً حيث الخبراء والمختصيين لتعود مرة أخرى لمجلس الوزراء لقراءتها في صورتها النهائية، بعد أخذ موجهاته في الاعتبار. بهذه الطريقة يمكن أن تجد الموازنة الدراسة الكافية وتجد حالة التوازن المقبول حتى يعتمدها البرلمان، وتصبح نافذة تلتزم بها الحكومة وتجد الرضاء.
أخيراً .. أتمنى أن لا تكون إجازة هذه الموجهات هي نفسها محطة إجازة الميزانية وأن تكون هناك جلسات وجلسات لقراءة الموازنة، حيث ما يزال الوقت باكراً. أتمنى أن تكون الموازنة القادمة طموحة وتحمل بشريات للمواطن وتعالج أوجه القصور في الميزانيات السابقة والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية