"إبراهيم الميرغني" الناطق الرسمي للاتحادي الديمقراطي في حوار استثنائي
مولانا السيد “محمد عثمان الميرغني” قام بكل الإجراءات اللازمة لعقد المؤتمر!!
أنا غير مؤهل لأحكم على مؤهلات وإمكانيات أي شخص!!
يوجد خلاف جذري في التفكير بيني و”الحسن”.. والحزب ليس ملكاً لفرد
لم أُعتقل جسدياً لكن اعتقلوني من وجداني ألف مرة!!
(عندي زراعة).. ولكل إنسان تجربة إنسانية خاصة به ولا يمكن تقليده أو تكراره!!
لا قداسة لفعل بشر إلا أن يكون نبياً مرسلاً وقد ختمت الرسالات!!
الصمت يتحول لمنقصة عندما يكون الكلام لتأكيد موقف!!
الانقلابات العسكرية أثرت سلباً في المسار الديمقراطي لحزبنا!!
الاتحادي مثل طائر “العنقاء” فإما أن يستيقظ الآن أو ينام إلى الأبد!!
حوار – صديق دلاي
السيد “إبراهيم الميرغني”، مع أنه يشغل موقع الناطق الرسمي للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، إلا أنه عرف على نطاق واسع بابتعاده عن الإعلام وزهده في التحدث إليه وتوضيح المواقف المختلفة للحزب الكبير، التي عادة ما تكون مثار جدل في الشارع السياسي. ليس ذلك عن عجز في الإبانة ، أو انسياقاً مع تقاليد الصمت التي تلتزمها الأسرة الميرغنية، فمن خلال الحوار التالي، الذي نجحت (المجهر) في إجرائه معه، تلفونياً، وتتكشف خلاله مهاراته التعبيرية وجدارته الفكرية والسياسية، يكشف “إبراهيم الميرغني” عن ملامح الجيل الجديد من القادة المراغنة ورؤاه، وما يتخللها من تباينات وخلافات، التي ترتهن إليها مصائر الحزب الاتحادي الديمقراطي ومستقبله.
{ السلام عليكم أستاذ “إبراهيم ميرغني”؟
_ وعليكم السلام.. أنا خارج الخرطوم في الخلاء.
{ في الصيد إذن؟
_ لا أنا في الزراعة، (عندي زراعة) وأنا الآن في الخلاء، متحرك سايق، وفي مطر، والشبكة كعبة.
{ ولكن الزراعة ليست مهنة آبائك وأجدادك؟
_ بل هي مهنة السودانيين، وآبائي وأجدادي من هنا.. ونحن وطن زراعي.
{ هل أنت “إبراهيم ميرغني” السائر على هدي “الأزهري” و”الشريف”؟
_ لكل إنسان تجربة إنسانية خاصة به ولا يمكن تقليده أو تكراره، أو السير على خطاها (حذو النعل).
{ “الأزهري” لم يجعل الطريقة الإسماعيلية قداسة وصار سياسياً مستقلاً؟
_ دعني أكمل فكرتي.. وأية محاولة من المحاكاة الكاملة مصيرها الفشل والانفصام.
{ ولكن هؤلاء كبار في طريقكم؟
_ عظماء الرجال عبر تاريخ أية أمة تركوا علامات مضيئة كالنجوم تحتاجها الأجيال عندما يُفتقد المسار ويُضل الطريق (ودا الحاصل لجلينا) وهنا تكمن عظمة أمثال “الأزهري” و”الشريف حسين”.
{ ولكنك لم تعلق على القداسة حينما تختلط بالعمل السياسي؟
_ لا قداسة لفعل بشر إلا أن يكون نبياً مرسلاً، وقد ختمت الرسالات.
{ وعليه؟
_ (عليه) فكل من يخرج للعمل العام فلا قداسة له، بل يؤخذ ويرد عليه بما يوافق مصالح الناس.
{ وينتقد فوراً؟
_ بل يكون مستعداً دوماً للنقد، والرد بعقل متزن ومنفتح وصدر رحيب.
{ ما هو سلاحك لكي تشارك في إدارة حزب كبير وتاريخي كالحزب الاتحادي الديمقراطي؟
_ مع تحفظي الكبير على كلمة (سلاحك)، أقول إن أداتي الأولى هي الرأي.
{ كيف؟
_ أن يقال وأن يسمع وأن يعمل به مع الآخرين، حينما يتفقون عليه وتأتي الأداة الثانية والأهم، الموقف المدرك الواعي للمرحلة والواقع دون تراخٍ أو تزمت.
{ تعلمنا من قيادات الاتحاديين مجانبة التفكير بصوت مسموع و(فصاحتك غريبة على قيادات الاتحاديين).. ما تعليقك؟
_ (السؤال دا ما مفهوم)!!
{ يعني.. عرفت جماهير الاتحاديين من آل “الميرغني” الصمت وقلة الكلام بينما أنت فصيح ومتحدث لبق وهذه مفارقة.. أم أن جيل الأبناء بدأ التغيير؟
_ (مافي شك إنو قلة الكلام من الفضائل المحمودة وإذا كثر الكلام كثر الزلل)، لكن الصمت أيضاً قد يتحول لمنقصة، عندما يجدر بك الكلام لتبيان حقيقة أو تأكيد موقف. لكن الأهم هو أن تعرف متى تتحدث وكيف، وتفكر جيداً في كل كلمة قبل النطق بها، وتنتقي مفرداتك بعناية، وهذا ما نسميه الكلام الذي لا يرد.
{ كيف ترى مسار الديمقراطية داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي…
_ أما أن تكون متحدثاً باسم الحزب الاتحادي فهذا أمر آخر لا يعرف صعوبته إلا من جربه.
{ كيف وجدته أنت الآن.. الناطق الرسمي باسم الحزب؟
_ هو كالمشي على حد السكين، فجماهير الحزب لديها درجة عالية من الوعي ونفس الدرجة من العاطفية.. نعم هي شديدة الولاء حينما تمنحك الثقة.
{ (سؤالي قائم) كيف ترى مسار الديمقراطية داخل حزبكم؟
_ قصدت إكمال فكرتي عن الصمت والكلام للقيادات الاتحادية.
{ حزبكم تأخر (40) عاماً كاملة لعقد مؤتمره العام.. هل هذا مقبول؟
_ أجيبك عن المسار الديمقراطي في حزبنا.. منذ بدايته كانت تعترضه عقبات كبيرة أهمها الانقلابات العسكرية، الأمر الذي كان يستدعي دائماً مسألة (التفويض) لقيادة الحزب بصلاحيات موسعة، نظراً لاستحالة عمل الأجهزة بصورة طبيعية.
{ فتحول الاستثناء لقاعدة (بكل أسف)؟
_ نعم.. تحول الاستثناء لقاعدة، نسبة لتطاول الآماد العسكرية فينا.
{ لكن ما هو الحل لتصحيح المسار الديمقراطي داخل الحزب؟
_ المستقبل في حزبنا سيكون مختلفاً، فهذا الجيل متنوع في مصادر معرفته، ولا يمكن التعامل معه إلا بديمقراطية حقيقية والكل توصل لقناعة جوهرية، هي أن انعقاد المؤتمر العام هو المخرج الوحيد لكل مشكلات الحزب الحالية.
{ من الذي يعرقل قيام المؤتمر العام ودائماً ينجح؟
_ كل من له مصلحة في عدم قيامه هو (معرقل)، وهم في الحقيقة فئتان.. الفئة الأولى هم من يعرفون جيداً أن الجماهير لن تختارهم ولن تنتخبهم، و”عاوزين يظلوا في هذه الحالة”.. أما الفئة الثانية فأولئك الذين لا يؤمنون أصلاً بالديمقراطية التي تصعب عملية اتخاذ القرارات إلا عبر الأجهزة المنتخبة.. وكل من ينطبق عليه الوصف فهو الموصوف بالتأكيد.
{ و(عمك) مولانا “الميرغني” هو أول من تنطبق عليه أوصافك أعلاه؟
_ أبداً.. وعلى الإطلاق مولانا السيد “محمد عثمان الميرغني” قام بكل الإجراءات اللازمة لعقد المؤتمر، وأصدر جميع القرارات التي طلبت منه، وفوض اللجان المركزية والولائية.. ومولانا ليس بصاحب مصلحة في تعطيل المؤتمر، لا مكانة ولا عمراً، وهو لم يتخذ قراراً منفرداً قط بل يصر دائماً على أن يكون القرار جماعياً.. لكن المعطلين الحقيقيين معروفون وسيتم تجاوزهم، وبدأ العمل الفعلي، لكن دون ضجيج.
{ من هؤلاء المعطلون الحقيقيون لقيام مؤتمركم العام؟
_ عندما يحين الوقت المناسب سنكشف الحقائق.
{ شريحة الشباب وهي القوة الحية في حزبكم تنتظر انسحاب “آل الميرغني” من إدارة الحزب؟
_ هذا الكلام غير صحيح، والقوة الحقيقية لجماهير شباب الحزب أنها لا تفكر بهزه الطريقة ولا تنتظر، بل تعمل الآن على أن تكون قيادة الحزب جماعية عبر مؤسسات منتخبة، لكني أنا شخصياً مستعد للانسحاب من إدارة الحزب إن كانت هي رغبة الأغلبية، بل ومستعد لما هو أبعد من ذلك.
{ ماذا تقصد بـ(أبعد من ذلك)؟
_ دعها هكذا مفتوحة مشرعة على الرياح الأربعة، فهي أبلغ.
{ هل حان وقت يقظة الغول الاتحادي؟
_ هو ليس بغول، لكنه طائر العنقاء.. وقد حان وقته، فإما أن يستيقظ الآن أو ينام إلى الأبد.. والتاريخ لن يرحمنا، وسيذكر أن حزب الوسط العريض تخلى عن دوره في تصحيح مسار الأمة السودانية.
{ إما الآن وإما….؟
_ (إما الآن وإما لا).
{ كم مرة تم اعتقال “إبراهيم الميرغني”؟
_ إن كنت تعني الاعتقال الجسدي فلا، (ولا مرة)، والحمد لله.. أما إن كنت تعني اعتقال العقل والفكر والوجدان فألف مرة.
{ ألف مرة؟
_ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
{ كيف تبدو علاقتك بالشباب الاتحاديين؟
_ أنا واحد منهم.
{ كيف يمكن تلخيص الضجة مع ابن عمك “محمد الحسن الميرغني”؟
_ ببساطة شديدة، تم اتخاذ إجراءات غير قانونية ومخالفة لدستور ولوائح الحزب كانت تتعلق بمحاولة تعطيل أجهزة ومكاتب الحزب في أنحاء السودان كافة بفصل قيادات حزبية كبيرة وتاريخية ومؤثرة.
{ وتم تصحيح الأوضاع؟
_ تم تصحيح كل تلك الأوضاع وإعادة الأمور لنصابها بثلاث وسائل حاسمة، وهي قرارات مجلس الأحزاب، وثانياً توجيهات السيد رئيس الحزب، وثالثاً قيام المراقب العام بإجراء تحقيق موسع حول تلك الانتهاكات.. سينتهي قريباً.
{ وكل شيء بالميدان الشرقي هادئ (كما يقولون)؟
_ نعم، وعادت أجهزة الحزب للعمل بصورة طبيعية، لكن تلك الإجراءات ترتبت عليها نتائج سياسية تحتاج هي الأخرى إلى تصحيح.
{ ماذا تقصد بنتائج سياسية؟
_ مثل المشاركة في الانتخابات والاعتراف بنتائجها، التي أفضت للمشاركة في الحكومة وتعيين دستوريين فيها.
{ هل صحيح أن الصراع مع “محمد الحسن الميرغني” ربما دخل البيوت وكشف المستور وأثار قضايا كبرى كانت صامتة؟
_ هذا الحديث غير صحيح جملة وتفصيلاً،و لا يخرج عن كونه توهمات لدى البعض وأحلام لدى البعض الآخر، ويجب أن يفرق الناس بين العمل العام والعلاقات الأسرية.. هذا الخلط هو الذي أحدث كل تلك الفوضى التي نعيشها.
{ أليست بينكما خلافات؟
_ نعم.. هناك خلاف جذري حول طريقة وأسلوب إدارة الحزب “والحزب دا غير مملوك لأحد”، بل هو ملك لكل أعضائه على السواء. أما على المستوى الأسري فلا يوجد شيء غير الاحترام والتقدير المتوفر بيننا ولا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال (من طرفي)، ولا أظنه هو يفعل ذلك، وتظل علاقات الأسرة خاصة.. أما شأن الناس والعمل العام فهو ملك مشاع للجميع.
{ لكن بغياب المؤسسات فالأسرة (أنت والحسن) “مؤسسة الأسرة” هي من ينوب ويصور المنافسة والصراع؟
_ (دا حديث غير سليم).
{ هل تقبل بمناظرة بينكما (أنت والحسن)؟
_ لا أقبل.
{ إذن أنت و”الحسن” غير مختلفين؟
_ نحن غير متنافسين أصلاً.
{ (طيب) اقبل المناظرة لمجرد إثراء النقاش؟
_ أنا لم اقبل المناظرة، ولا أظن سأقبلها مستقبلاً
{ وليه الرفض؟
_ لأنني غير مقتنع بمنطق التناظر في حل الإشكاليات، فكل طرف يسعى لهزيمة الآخر بكل الوسائل أكثر من عرض وتوضيح المواقف، ولقد دعيت لمناظرات كثيرة ورفضتها من ذلك المبدأ.
{ بل السبب الحقيقي لرفضك مناظرة مع “الحسن” هو الحساسية الزائدة بينكما؟
_ الأزمة الاتحادية حلها لا يحتاج لمناظرة، وكل عضو في الحزب يعرف أين تكمن المشكلة (مشكلة الحزب).
{ كيف تقدر إمكانيات “الحسن” السياسية؟
_ أنا غير مؤهل لأحكم على مؤهلات وإمكانيات أي شخص، ولم أنصب نفسي يوماً حكماً ولن أفعلها، ليس في العمل السياسي فحسب بل حتى في العلاقات الإنسانية.
{ ولكن كيف يفرق الناس بين الخطأ والصواب؟
_ عن طريق الأحداث والوقائع، فهي أبلغ.