(المجهر) في حوار الانفراد مع الدكتور "رياك مشار"
رئيس الحركة الشعبية (المعارضة) والنائب الأول (القادم) لرئيس دولة (الجنوب)!
نعم.. وساطة “البشير” نجحت.. وهذا ما دار بيني و”موسيفيني” في “الخرطوم”
لا أخشى على حياتي في “جوبا”.. ولم أتعرض لمحاولة (اغتيال) خلال العام السابق
لدينا (10) وزراء في الحكومة القادمة ولن يكونوا جميعهم من قبيلة (النوير)
لا اتصال بيننا و(قطاع الشمال) وهم وجهوا سلاحهم ضدنا في أحداث “جوبا”
السودان لم يدعمنا (عسكرياً) ولكنه آوى (نصف مليون جنوبي) وجهز لهم المخيمات
حاوره – الهندي عز الدين
هاتفني أمس مسؤول إعلام الحركة الشعبية (المعارضة) في جنوب السودان السيد “وليم إزكيل” طالباً مني المشاركة في المؤتمر الصحفي لرئيس الحركة قائد الجيش المعارض النائب الأول السابق و(القادم) لرئيس جمهورية (جنوب السودان) الدكتور “رياك مشار” المقرر عقده الخامسة من عصر (الجمعة) بفندق (كورال) – هيلتون سابقاً. وافقت على الفور، رغم انقطاعي عن المؤتمرات الصحفية منذ أكثر من عام، فللجنوب في وجداني ووجدان كل (سوداني) سليم الفؤاد، مكانة خاصة وعزيزة ولم تنقطع آمالنا بعد في عودة السودان الواحد الموحد، كما أن للدكتور “مشار” عندي تقديراً ومعزة واحتراماً، فهو قائد وسياسي جنوبي صاحب قضية وفكرة، وعقل راجح، ونفس نقية، فطوال سنوات الانتقال بموجب اتفاق السلام (نيفاشا) لم نسمع عن “مشار” ما يسيء لشعب وحكومة (الشمال)، أو يثير المرارات والإحن والضغائن كما كان يفعل قادة آخرون في الحركة الشعبية (جنوب وشمال) على رأسهم “باقان أموم”، وقادة (قطاع الشمال).. “عقار”، “الحلو” و”عرمان” الذين كانوا ملكيين أكثر من الملك، وجنوبيين أكثر من “سلفا” و”مشار”، وانفصاليين أكثر من صقور الجيش الشعبي لتحرير السودان).
{ وصلت فندق “كورال” قبيل (الخامسة)، وتأخر المؤتمر الصحفي لأكثر من (ساعة) زمن بسبب انشغال الدكتور “مشار” بمخاطبة أخرى للمئات من مناصريه بالخرطوم بقاعة أخرى، شارحاً لهم أسباب وخلفيات وتفاصيل توقيعه على اتفاقية السلام الأخير مع الرئيس “سلفاكير”.
{ قبل المؤتمر الصحفي، طلب من الأستاذ “وليم إزكيل” الرجل الهادئ والمهذب إتاحة الفرصة لصحيفة (المجهر) لإجراء حوار مقتضب مع د.”مشار”، وافق وكان لنا شرف الانفراد بالنائب الأول لرئيس دولة جنوب السودان – بموجب الاتفاقية – كأول صحيفة سودانية تجري معه حواراً خاصاً، ادلفوا معنا إلى تفاصيل إجابات أهم رجل – الآن – في جنوب السودان، فقد كان جزءاً أصيلاً من (الماضي)، وربما مثل كل (المستقبل) في الدولة الوليدة التي واجهتها النكبات سريعاً وعادت لمربع الحرب قبل أن تهنأ بالاستقلال.
ترى ماذا قال “رياك مشار” رمز” (النوير) الكبير.. وقبلة (المثقفين) الجنوبيين في كل القبائل في إجاباته المقتضبة وطريقته الهادئة والوقورة:
{ دكتور مرحباً بك في السودان بلدك (الأول) ومرحباً بك في صحيفة (المجهر)..
-مرحب بيكم.
{ وقعت اتفاق السلام أخيراً مع الرئيس “سلفاكير”.. ولكن في ظل تعقيدات الوضع السياسي والأمني والاثني في جنوب السودان بعد أكثر من عام من حرب طاحنة.. كيف تعود للقصر الجمهوري في “جوبا”.. كيف تضمن سلامتك الشخصية – أطال الله عمرك – والقيادات المناصرة لك، علماً بأنك تعرضت في السابق خلال سنوات الحرب الأولى لمحاولات (اغتيال) من داخل الحركة الشعبية؟
-هذا سؤال مهم.. ولكن نحنا ما متخوفين من سلامتنا وسلامة القيادة، لأنو إذا اتفق الطرفان بتنفيذ اتفاقية السلام لن يكون هناك استهداف للقيادات.. حتى عمليات الخرق الأمني للاتفاق ستكون قليلة.
{ هل تعرضت لأي محاولة (اغتيال) أو شعرت بشيء من هذا القبيل، خلال فترة السنة التي قدت فيها تمرداً على “سلفاكير”؟
-لا.
{ طيب.. كيف تنظر لإمكانية انسجام مجلس الوزراء القادم في “جوبا” وسيكون لكم فيه (10) عشرة وزراء وذلك في ظل الانقسام (القبلي) الحاد بعد الحرب (دينكا – نوير).. وهل سيكون كل وزراء “مشار” من “النوير”؟!
-نحن حركة (قومية).. وعندنا وجود في كل ولايات جنوب السودان، ولذلك الوزراء لن يكونوا كلهم من قبيلة (النوير).
{ هل تتوقع تعاوناً داخل الحكومة ومجلس الوزراء بينكم ومجموعة الرئاسة أم تنافراً كما كان في السودان عقب (نيفاشا) بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية؟!
-أنا أعتقد أنه سيكون في تعاون.. لأننا كلنا حريصين على إنفاذ اتفاقية السلام، رغم أنه ما زالت هناك خروقات، لكن الكل عايز سلام.
{ علاقتك بالسودان شابتها تساؤلات وشكوك من “جوبا”.. واعتبر البعض “الخرطوم” داعماً أسياسياً لك.. ماذا قدم لك السودان؟
-أول حاجة.. السودان قام بإيواء المواطن الجنوبي.. دي أول حاجة عملتها حكومة السودان لأنوا في حوالي (نصف مليون جنوبي) في السودان.. وجهز لهم المخيمات.. ونحن نشجع مواطني جنوب السودان قبل العودة للجنوب بعد السلام أن يذهبوا للمخيمات لأنهم سيجدون فيها خدمات صحية وتعليمية والمأكل والمشرب.
تاني حاجة تسهيل الحركة للمواطنين والسياسيين بين البلدين..
{ وعلى الصعيد السياسي.. ماذا قدم لك؟
-السودان ظل يسعى لإيجاد حل سلمي لمشكلة جنوب السودان.. وهذا موقف ايجابي.
{ هل قدم السودان دعماً عسكرياً لـ”رياك مشار”؟
-لا.
{ حدثنا عن علاقتك الحالية بالحركة الشعبية (قطاع الشمال) وقد كانوا رفقاء لك سابقاً بالحركة الموحدة قبل انفصال (الجنوب)؟
-طبعاً.. قبل الأحداث كان عندنا علاقة مع بعض وكنا حركة واحدة، ولكن بعد أحداث “جوبا” هم وجهوا سلاحهم ضدنا، وقاتلونا في مناطق كثيرة، قطعنا الاتصال بهم.
{ ليس لديك الآن أي اتصال مع “عقار” أو “الحلو” أو “عرمان”؟
-لا. لا اتصال لنا معهم. ونحنا تحدثنا مع الرئيس الأوغندي “موسيفيني” أن (قطاع الشمال) يعتبر قوة (سالبة) ولابد من إحلال سلام شامل في السودان، وإذا لم يكن هناك سلام في (السودان الشمالي) لا يمكن أن يتحقق السلام في (السودان الجنوبي).
{ دكتور.. الحركة التي تقودها الآن اسمها (الحركة الشعبية المعارضة) وحزب “سلفاكير” اسمه (الحركة الشعبية).. هل سيتغير الاسم لاحقاً بعد عودتكم للسلطة أم ستعود الحركة موحدة كما نص على ذلك الاتفاق؟
– نحنا وقعنا على اتفاق “أروشا”، والاتفاق ينص على توحيد الحركتين في حركة واحدة هي (الحركة الشعبية). طبعاً.. شايفين تصريحات الرئيس “سلفا” هو استبعد (توحيد) الحركتين. بعدين نشوف لما نصل “جوبا”.
{ لماذا وافقتم على توحيد الحركتين والاندماج رغم كل ما حدث من إشكالات عميقة داخل الحركة قبل الحرب الأخيرة؟
-نحنا وقعنا على اتفاق “أروشا” لأنه خاطب القضايا التي طالبنا بها في مؤتمر (6) ديسمبر عام 2013.
{ ووقع سلفاكير كذلك ورغم ذلك يستبعد الوحدة؟
-نعم هو وقع.
{ كيف تقرأ مواقف دول الجوار من حركتكم.. موقف السودان ويوغندا معلومين.. إثيوبيا مثلاً؟
-دولة “إثيوبيا” محايدة تماماً.. هي الوسيط بيننا وبينهم.
{ أمريكا؟
-موقفها إنو لازم السلام يتم.
{ ألا تعتقد أنها ساندت “سلفاكير”؟
– في البداية كانوا بقولوا “سلفاكير” (الرئيس الشرعي المنتخب)، ولكن بعد فترة ولأنو “سلفاكير” ما أجرى انتخابات.. أمريكا أخذت موقف لأنو شرعيتو بتكون انتهت.
{ والاتحاد الأوربي؟
-أعتقد موقفهم وأمريكا واحد. هم يريدون السلام في الجنوب.
{ ألا تشعر أنهم وقفوا مع طرف ضد آخر؟
-لا.
{ وزيارتك الحالية للخرطوم.. خلفياتها؟
-أنا ما كنت عارف ح أقعد في الخرطوم ثلاثة أيام. رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” وجه لي الدعوة أثناء مشاركتي في اجتماعات (إيقاد)، الرئيس الأوغندي “موسيفيني” طلب منه التوسط بيني وبينه، فالرئيس “موسيفيني” كان جزءاً من الصراع وتدخل بقواته مسانداً لحكومة “جوبا” حتى أنني كثيراً ما كنت أتحدث إليه وليس مع “سلفا”، لأنه كان يتحدث باسم “سلفاكير”.
{ وهل قبلت مبادرة الرئيس “البشير” وماذا حدث خلال لقائك مع الرئيس “موسفيني”؟
-نعم قبلت المبادرة.. ولما كلموني جيت طوالي.. وقابلت الرئيس “موسفيني” وتحدثنا عن إنفاذ الاتفاقية وانسحاب قوات يوغندا.. طبعاً الاتفاقية تقول ببقاء جزء من قوات يوغندا في منطقة (غرب الاستوائية)، لمدة (20) شهراً، وأنا كنت بتساءل ليه في غرب الاستوائية؟ هل لأنو في (جيش الرب). والرئيس “موسفيني” قال لا وجود لجيش الرب حالياً في الجنوب، لكنه يخشى من تسلله مرة أخرى للجنوب، طبعاً نحنا موقفنا ما مفروض تبقى قوات يوغندية في الجنوب.
{ إذن المبادرة ناجحة؟
-نعم مبادرة ووساطة الرئيس “البشير” ناجحة واليوم أيضاً (الجمعة) التقيت بالرئيس “البشير” وسنلتقي مع الرئيس “موسفيني” في اجتماع قادم لمجلس السلم والأمن الأفريقي، وهو رئيس الدورة لهذا الشهر. وسنلتقي أيضاً في “نيويورك” بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة.
ما كان ممكن نتفق برانا مع الرئيس “موسفيني” ودا سبب زيارتي للخرطوم.
{ متى سيتم تشكيل الحكومة المقبلة للجنوب؟
– خلال (90) يوماً من توقيع الاتفاق، يعني في الأول من ديسمبر.
{ وعودتكم لجوبا؟
-قبل تشكيل الحكومة.
{ كيف يسير الاتفاق الآن؟
-ما زالت هناك خروقات من الحكومة حول “ملكال” ومناطق أخرى ونحن نرجو أن تلتزم الحكومة بوقف إطلاق النار.
{ ماذا بشأن المتمردين عليكم بقيادة “بيتر قديت”؟
-هم ما زالوا أعضاء وقيادات في الحركة معنا، وأنا أرسلت لهم وفوداً للحديث معهم، ولكن حتى الآن لم تحدث أي مواجهات بيننا، ولا أثر لما يقولونه على أرض الواقع ولا مستقبل لذلك لأن كل الإقليم حولنا يضغط من أجل السلام.
{ البترول.. كيف سيدار خلال المرحلة المقبلة؟
-ستكون إدارته مشتركة وستقوم شرطة مشتركة بيننا لحماية حقول البترول.
{ شكراً دكتور..
-شكراً لكم.