الفنان "عبد العزيز المبارك" في بوح فني خاص لـ(المجهر)
وسام النيلين من الطبقة الثانية أجمل هدية تسلمتها من الرئيس “نميري”
هذه الأغنية أجبرت الرئيس “منقستو” على الصعود إلى خشبة المسرح بأديس أبابا
أمتلك “15 ألبوماً”.. و(20) جنيهاً أول مبلغ أتسلمه من الإذاعة
يشاركني العازفون اختيار ملابسي في الحفلات.. و”خوجلي عثمان” أقرب الفنانين إلى قلبي
واحد من فناني جيل السبعينيات الذي وضع بصمة واضحة في خارطة الغناء السوداني.. كان مميزاً في أدائه ولونية الغناء التي جاء بها، مما جعل له قاعدة جماهيرية في ساحة الغناء السوداني.. غاب عن الساحة لفترة طويلة من الزمن بعد اغتراب امتد لعدة سنوات بالمملكة العربية السعودية، وعاد قبل فترة ليست بالقصيرة وما زال جمهوره يحتفظ له بتلك العلاقة.. الفنان “عبد العزيز المبارك” واحد من الفنانين الذين أنجبتهم أرض الجزيرة (مدني) شأنه شأن كثير من فناني الجزيرة الذين رفدوا الغناء السوداني بأجمل الكلمات وأعذبها.
(المجهر) التقته في حوار مطول عن أسباب غيابه عن الساحة الفنية ولماذا رفض ترديد الشباب لأغانيه وما هو جديده الآن.. وعدنا به إلى بداياته الفنية وأجمل الأغاني التي قدمها، ومن هو الشخص الذي يرجع له الفضل في تقديمه، وكيف جاء التحاقه بالإذاعة السودانية وما هو سر محبة الإثيوبيين له، وما سر الأغنية الحبشية التي أجبرت الرئيس “جعفر نميري” و”منقستو” على الصعود إلى خشبة المسرح وهو يغني؟؟ إلى جانب العديد من الأسئلة.. ولنترك القارئ يطلع على إجابات الفنان “عبد العزيز المبارك” حول ما طرحنا عليه من أسئلة.
{ أين أنت الآن؟
_ أنا موجود، لكن الساحة أصبحت مزدحمة جداً بعدد كبير من الفنانين والفنانات و(ماليين) كل الأماكن وقفلوا كل الطرق على ناسنا، لذلك الموجود غير مقنع وفي نفس الوقت شايل المساحة كلها، فلا أدري ما الذي حدث لذوق الشعب السوداني.. لا توجد أغانٍ جديدة منذ فترة طويلة.
{ ما الذي حدث إذن؟
_ المسألة أصبحت مسألة تجارة واسترزاق، فالناس أصبحوا يجرون وراء المال والمادة.. وهذا الجيل بدأ يسترزق بأغاني قدامى الفنانين وأصبحت المسألة مكسباً فقط ولا يوجد فنان مجتهد ليقدم عملاً جديداً، وإذا قدمنا نحن قدامى الفنانين الجديد سيأخذونه أيضاً وسيملأون به الدنيا.. هذه واحد من الأسباب التي جعلتنا محجمين عن تقديم الجديد أو الأغاني الجميلة لأنها ستضيع وسط هؤلاء الشباب، فالجيل الجديد لن يستطيع تقديم الجديد لإقناع الناس به أو إشباع رغباتهم وأذواقهم مكتفين بترديد أغاني الفنانين القدامى، بل بدأوا في البحث والتنقيب في الأغاني القديمة من أغاني الحقيبة وأغاني “الكاشف” و”أحمد المصطفى”.
{ ما هو دوركم كفنانين قدامى؟
_ أولاً اتحاد الفنانين أصبح محجماً، ولم يلعب دوراً كبيراً أو يصدر قراراً مؤثراً، فمن يملك القوة والقرار لم يستطع عمل شيء.
{ هل طالبت الشباب بعدم ترديد أغانيك؟
_ مُش أنا.. كل الفنانين يطالبون بعدم ترديد أغانيهم، وهناك خطأ كبير جداً في قانون المصنفات، فهو يقول الحق الأصلي للشاعر والملحن والفنان له الحق المجاور، وهذا الحق يجعلك لا تطالب بأي شيء، والفنانون الذين يقومون بترديد أغانينا يمشون للشاعر ويطلبون منه تنازلاً، ويمشون للملحن ويطلبون منه تنازلاً، وبعد ذلك يغني الواحد منهم على كيفه في التلفزيون وفي بيوت الأعراس طالما يحمل تنازلاً من الشاعر والملحن.
{ هل غيابك الطويل عن السودان خصم من جمهورك؟
_ كثيراً جداً، والفنان لا يعيش إلا في بلده ووسط جمهوره وناسه، وكما يقال بعيد عن العين بعيد عن القلب، فالاغتراب أثر عليّ كثيراً جداً، لذلك عندما جئت نهائي من الغربة شعرت وكأنني أبدأ حياتي الفنية من جديد وأحاول استعادة جمهوري.
{ هل أسعدت جمهورك؟
_ نعم، وخلال فترة وجيزة جداً.
{ ما هو جديدك الآن؟
_ لديّ العديد من الأعمال، لكن في الظروف الحالية من الصعب أن تقدم الجديد لأنه بعد فترة ما معروف يكون حقك أو حق غيرك، سيضيع (ساي)، وهذا هو السبب الذي جعلني محجماً عن تقديم الجديد.. وهناك عدد كبير من قدامى الفنانين محجمين عن تقديم الجديد للأسباب التي ذكرتها.
{ عندما كنت بالمملكة السعودية.. هل قدمت حفلات؟
_ أبداً، ولم يكن لديّ أي نشاط فني.
{ والسبب؟
_ الإنسان لابد أن يحترم قوانين الدولة الموجود فيها، وفي قوانين السعودية تمنع الحفلات المختلطة وحفلات السودانيين معروفة بالاختلاط، لذلك كنت دائماً أعتذر عن المشاركة في أية حفلة سودانية، لكن كنت أشارك في حفلات خارج المملكة.
{ أين؟
_ كنت أشارك في حفلات في مصر وفي الإمارات.
{ البعض يعزو عدم انتشار الأغنية السودانية إلى السلم الخماسي.. ما مدى صحة ذلك؟
_ أعتقد أن الأغنية السودانية مظلومة، فهي منتشرة في أوروبا وفي آسيا وفي أمريكا وفي أفريقيا.. صحيح لم تنتشر في نطاق ضيق وهو المنطقة العربية، وصحيح أن السلم مختلف اختلافاً كبيراً، لكن سلمنا الخماسي قريب جداً من شرق آسيا وأمريكا وأوروبا، والدليل على ذلك أن أغانينا نجحت جداً في مشاركاتنا في تلك الدول، وأذكر أن أحد الزملاء كان يبحث في الانترنت فوجد فرقة إسرائيلية تؤدي لي أغنية.
{ ما اسم الأغنية؟
_ (أحلى عيون بنريدها) والأداء كان بالعربي كمان.. الأغنية السودانية منتشرة في وسط وشرق أفريقيا، وفي أوروبا هناك قبول للأغاني السودانية، وقد شاركت في عدد من المهرجانات، وهناك منظمة تقوم بعرض الفن غير الأوروبي للأوروبيين، وخلال الفترة الماضية انتشرت في أوروبا بصورة ملحوظة خاصة في إنجلترا وفرنسا وهولندا.. وأذكر أن إذاعة (BBC) الإنجليزية قدمت لي أغنية (أحلى عيون بنريدها)، وأذكر أن بعض الصحف سألتني كيف لفنان سوداني مغمور أن تذاع له أغنية في (BBC) وهذه الإذاعة لم تقدم أي عمل لـ”عبد الوهاب” أو “فيروز” أو “أم كلثوم”؟ فقلت ليهم هذا السؤال يقدم للإذاعة.
{ إذا كانت الأغنية السودانية بهذا المستوى والانتشار فما الذي ينقصنا؟
_ نحن حركتنا قليلة وإمكانياتنا ضعيفة، وإعلامنا ضعيف ومحدود.
{ هل الفيديو كليب إضافة أم خصم على الأغنية؟
_ الفيديو كليب بالتأكيد هو إضافة، ويساعد كثيراً جداً في انتشار الأغنية السودانية.
{ إذا أعدناك للماضي.. من الذي قال لك “صوتك حلو”؟
_ منذ أن كنت طالباً بالمدرسة بدأت بتلحين الأناشيد، فبدأ الزملاء بالمدرسة ينتبهون لي.
{ أين كانت بداياتك؟
_ بدأت بمدني، وكنت محط اهتمام الأساتذة، ودائماً كانوا يطلبون مني أن أغني.
{ في أية مدرسة كانت بدايات تعليمك؟
_ بدأت بمدرسة (دردق) الأولية بمدني، ثم (النهر) الأولية أيضاً بمدني.
{ ما هو سر تنقلك وأنت صغير؟
_ كان شقيقي معلماً فكلما تم نقله ينقلني معه.
{ متى بدأت تغني رسمياً؟
_ بعد المرحلة الوسطى، وسط الأحياء.
{ لمن كنت تغني؟
_ كل الفنانين.. “الكاشف”، “سيد خليفة”، “أحمد المصطفى”، “عبد العزيز داوود”، “حسن عطية” والشفيع.
{ وآخرهم؟
_ “زيدان” و”أبو عركي”.
{ وكيف دخلت الإذاعة؟
_ بواسطة شقيقي الأكبر “أحمد المبارك”.
{ أول أغنية سجلتها للإذاعة؟
_ أغنية (طريق الشوق).
{ وأعمال أخرى قدمتها؟
_ (يا عزنا)، (يا قلبي ليه) و(ما كنت عارف).
{ كم لك من الألبومات وماذا يحمل كل ألبوم؟
_ قد يصل العدد إلى (15) ألبوماً، لكن أصحاب التسجيلات هم الذين يقومون بتسمية الألبومات من خلال انتشار الأغنية مثلاً ألبوم يحمل عنوان (يا عزنا) أو (طريق الشوق).
{ كم تقاضيت نظير تلك التسجيلات؟
_ مبالغ زهيدة.
{ هل تذكر المبلغ الذي تقاضيته من الإذاعة في أول تسجيل؟
_ لا أذكر، ربما (20) جنيهاً.
{ من قدمك للإذاعة.. أو من له الفضل في وجود فنان اسمه “عبد العزيز المبارك”؟
_ شقيقي “أحمد المبارك”، ربنا يرحمه.
{ هل لك طقوس تؤديها قبل بداية الحفل؟
_ في حفلات الأفراح الواحد بيعمل مليون حساب لها خاصة في انتقاء الملابس، وأحياناً أشرك الإخوة العازفين في اختيار الملابس التي أرتديها للمناسبة.
{ تغني أغانيك فقط؟
_ نعم.. وأتحاشى في الأعراس تقديم الأغاني الحزينة وأحرص على تقديم الأغاني الفرايحية أو الأغاني التي تتلاءم مع المناسبة.
{ أجمل حفلاتك.. أين تكون؟
_ لا يوجد مكان بعينه، لكن هنالك بعض العرسان يطلبون مني مشاركتهم في تحديد المكان عند طباعة كروت المناسبة حتى لا أكون مرتبطاً بمناسبة أخرى.
{ ألم تكن (دردق) أو (مدني) هي أجمل مناطق حفلاتك؟
_ أبداً، فأنا لست متحيزاً.. كل مناطق السودان هي الأجمل لتقديم حفلاتي.
{ هل حصلت على جوائز؟
_ نعم.. حصلت من الرئيس الأسبق “جعفر نميري” على وسام الجمهورية من الطبقة الثانية.
{ كيف كانت مشاركاتك الخارجية؟
_ شاركت خارج السودان من خلال إحدى الشركات التي تقيم حفلات في أوروبا، فأحياناً تقيم في العام حفلتين أو أكثر، وهذه الشركات كانت تحرص على عرض الفنون غير الأوروبية للأوروبيين خاصة من أفريقيا وآسيا.
{ وما سر حب الإثيوبيين لك؟
_ الإثيوبيون انتبهوا لي عندما غنيت بلغتهم، وكانت أمراً مدهشاً بالنسبة لهم.
{ هل سبق أن غنيت تلك الأغنية في غير الحبشة؟
_ أبداً.. لقد كانت بدايتها في الحبشة إبان زيارتنا مع وفد الرئيس “نميري” بعد فترة انقطاع عن زيارته لإثيوبيا، لذلك استقبل الجهور الحبشي الأغنية استقبالاً غير عادي، ولأول مرة أخاف وأنا على خشبة المسرح من كثرة الجمهور.
{ وأين الرئيسان “نميري” و”منقستو”؟
_ صعد الاثنان إلى خشبة المسرح، وكانت الأغنية التي دفعتهما لذلك.
{ وما اسم الأغنية؟
_ اسمها (ناني).
{ هل تذكر من كان معك من الفنانين؟
_ “خوجلي عثمان، سيد خليفة، أحمد المصطفى وثنائي العاصمة”، بالإضافة إلى الأكروبات والفنون الشعبية.
{ هل كانت تلك الأغنية سبب معرفة الإثيوبيين بـ”عبد العزيز المبارك”؟
_ نعم، وبعدها بدأوا يبحثون عن أغانٍ، بل كثير منهم بدأ يحفظها.
{ من هم أقرب إليك من الفنانين؟
_ معظم الفنانين أصدقاء بالنسبة لي المرحوم “خوجلي عثمان” كان أقربهم.
{ أسرع أغنية تم تلحينها وغنيتها؟
_ أغنية بعنوان (البسمة ديك وين تتلقي)، كلمات “إسحق الحلنقي” ألحان الفنان “إبراهيم حسين”، “إبراهيم” جاءني في البيت وكنت وقتها مع أخي “أحمد المبارك” فقال لي “الأغنية دي شاعر بأنك ح تؤديها أفضل مني، ما تغنيها”، وخلال ساعة حفظتها وفي المساء عملنا ليها بروفة وفي اليوم التالي غنيتها.
{ مدن عالقة بذاكرتك داخلياً وخارجياً؟
_ هناك مدن كثيرة تشابه مدني، لذلك أحببتها مثل كوستي، الأبيض، بورتسودان وكسلا.. وخارجياً هولندا.
{ مقتنيات تحرص على شرائها عند دخول السوق؟
_ كل شيء ملفت للنظر بالنسبة لي.
{ مثل ماذا؟
_ كرافتة أو بدلة أو ساعة أو حذاء.
{ إذا دخلت المطبخ ماذا تصنع؟
_ أدخل المطبخ أحياناً، ومعرفتي بالطبخ قليلة.
{ أكبر هدية نلتها؟
_ وسام الجمهورية من الطبقة الثانية الذي منحني إياه الرئيس الراحل “نميري” في مهرجان الثقافة الثاني كفنان واعد وقتها، وكان مفخرة بالنسبة لي.
{ كنم أمضيت بالمملكة السعودية؟
_ تسع سنوات.
{ في أي مجال كنت تعمل؟
_ في شركة إنتاج وتوزيع الكاسيت.
{ أكثر ألبومات الكاسيت مبيعاً؟
_ وقتها كنا نعمل في مجال الغناء الشرقي.. ومنهم الفنانون العرب “عبد الحليم”، “محمد عبده” و”طلال مداح”.والفنانتان “أصالة” و”أم كلثوم”.
{ والسودان أين هو من ذلك؟
_ بعد أن عملت في الشركة أدخلت الفنانين السودانيين، وكنت أحرص على أخذ “شريط” وأقدمه للشركة لطباعته وتوزيعه.
{ أيام فرح عشتها؟
_ كثيرة، خاصة اللحظات التي تجمعك بأصدقاء عائدين من سفر أو تلتقي بهم.
{ وأيام حزنت فيها؟
_ كثيرة.
{ السودانيون مفتونون بـ(هلال مريخ).. أي الفرق تشجع؟
_ الحاجة الوحيدة الما بعرفها الرياضة والسياسة.
{ إذا دخلت السينما.. ما هي الأفلام التي تستهويك؟
_ الأفلام المصرية التي تعكس الواقع المصري، لأن هناك تشابهاً بين الواقع المصري والسوداني.
{ والمسلسلات؟
_ “ما بحبها”، لأني لا أستطيع متابعتها، لذلك لست حريصاً عليها.
{ هل كانت لك هوايات غير الفن؟
_ القراءة.
{ في أي المجالات؟
_ كل ما يقع عليه نظري من كتب بدون تحديد.
{ كيف كان زواجك وهل هو عن حب؟
_ عشت قصة حب لمدة ثماني سنوات وبعدها تزوجت.
{ من غنى في حفل زواجك؟
_ “رمضان زايد، محمد وردي، محمد الأمين، سيد خليفة، عبد العظيم حركة وخوجلي عثمان”.. كان مهرجاناً.
{ ماذا ستقدم في الفترة القادمة؟
_ أغنية للشاعر “عبد القادر الكتيابي” وألحان “عواض محجوب عواض”.
{ ما اسمها؟
_ (سر الشوف) إن شاء الله نقدر نقدمها قريب.
{ ما أجمل الأعياد بالنسبة لك؟
_ عيد الأضحى، فمناسبته عظيمة.. وثانياً في العيد يتجمع معظم المسافرين من ولايات السودان المختلفة و”بتكون لمة جميلة جداً”.