من وحي الأخبار

السودانوية

نقلت مشهداً على صفحتي بالفيس بوك خلاصته أنني كنت بالمطار ولتمضية لحظات الانتظار.
عند صالة الوصول؛ التزمت سطح هاتفي أقص فراغات الوقت بثرثرات الواتس حتى انتبهت مع حضور أحدهم قادماً للبلاد فيما يبدو على جناح مصاب لفقد عزيز؛ شاب يشي سمته بغربة محسنة! وحينما ضرب هواء الفناء الخارجي وجهه انفجر باكياً بين يدي أخواته اللائي مزقن جلد الحاضرين بالنشيج.
لحظات وتجمع الحضور كلهم جميعاً حتى عمال الصالات يرفعون أكفهم بالفاتحة؛ بعض النساء الحاضرات من غير معارفهن نحن فارتمى عليهن العائد عساه يجد في فيوض دموعهن سلوى؛ مسحت دمعة تسللت من عيني وأنا أردها بأصبعي مرة وبكفي كاملة مرات وأنا أربت على كتفه وقد وصلت إليه بنضح الناس عنوة رغم أني كحالهم لا أعرفه؛ قلت له (شد حيلك) فانبثق منه الدمع فأرحت رأسه على كتفي.
انصرف الرجل بعدها وظلال من السكون تزاحم أضواء المكان وخيالات الواقفين، انصرفت أتفقد من انتظر ورجل برداء خليجي يقول لي .. والله يا سودانية الينتمي إليكم حاز الدنيا والزمان ..وتنهد حتى أحسست به يضع أحمالاً من الأسى على الأرض.

قد يكون الأمر لحظة إنسانية تحدث كثيراً بصيغ شتى؛ مرة أو عشرة بالمطار وغيره ولكن الشاهد أني نقلتها ووثقتها ولم أندهش لحجم الاستحسان والروح الحالية التي أحدثها الأمر، وصحيح أن الأمر لم يخلُ من بعض المستهزئين لكن الأغلبية الضاربة والغالبة رجحت جوانب الخير والتواد بين الناس، وهو الملح المقوي لهذا النسيج الاجتماعي رغم تطرف بعض المدبرين بالهزيمة النفسية ممن يقولون إننا تغيرنا وأنا شخصياً أقول لا وأفاخر بقولي هذا وأتمسك به.
الانترنت الذي يعد الآن المشيطن والمشوه لهذا الوطن يمكن أن يكون كذلك نقطة لعكس كثير موجب وأصيل، في طبائع هذه الأمة العظيمة التي لا تزال مظنة الخير والجمال فتحسسوه في حراك البسطاء وسكناتهم ولا تصابوا باليأس فو الله لا نزال أكرم الناس وأعفهم وأحسنهم حتى في مواقيت الشحناء والتباغض .. سودانيون .. نعم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية