من وحي الأخبار

أحداث الجيلي

فعل جهاز الأمن والمخابرات الوطني حسناً حينما أصدر بياناً شجاعاً، وواضح العبارات حول الأحداث التي وقعت بمنطقة الجيلي من بعض المستجدين الذين خرجوا من معسكرهم التدريبي والإتيان بتصرفات غير مسؤولة في مواجهة بعض المواطنين ومستخدمي الطريق. جهاز الأمن شدد على كونه مؤسسة نظامية مسؤولة تواجه مثل هذه التصرفات بالحزم اللائحي والمؤسسي الصارم، فضلاً عن تعويض أي متضرر من الأهالي تثبت التحقيقات ضرره. وقطعاً فإن هذا سلوك متحضر واحترام للناس، الذين إن ساء بعضهم ما جرى فإني على ثقة أن الأمور ستقاس بمقياس الوعي العام الذي يدرك أن ما جرى تصرف لن يمس البتة موفور الثقة في كامل القوات النظامية وعظيم الاحترام الذي تحظى به كجهات معنية بحماية الوطن والمواطنين، والذين يعرفون أن ذات الأبناء المتسببين في الأحداث سيكون بعضهم بعد أشهر في جبهات القتال حاملاً روحه على كفيه فداء للأرض والتراب.
لا يقر أحد أو يقبل أن يتم ترويع مدني أو إحداث شغب صغير أو كبير بأي مبررات، لكن حال حدوث ذلك فثمة سعة لمحاسبة المتجاوز، وتوجد سوابق وشواهد على عقوبات صارمة خاصة لدى المؤسسات العسكرية والأمنية بالإجمال، فإن مثل هذه الأمور تؤخذ بالشدة الرادعة وهي مؤسسات تتفوق في هذا حتى على جهات كثيرة عديدة يرتكب أنصارها هفوات أو أخطاء وقد لا يحاسبون أو تتم محاسبتهم بنعومة لطبيعة القانون الضابط والنسق الإداري الحاكم.. وبالرجوع لكثير من الأحداث ذات الحضور الأمني من حيث العناصر فثمة عقوبات وصلت حد الطرد من الخدمة لأشخاص من بينهم ضباط، وحتى العقوبة الإدارية تكون قاسية وتقارب مضار الرفت! وفي حادثة الجيلي سيكون رائعاً ومنصفاً إن التزم جهاز الأمن والمخابرات الوطني بتعويض أي شخص ثبت تضرره فيما جرى.
مثل هذه الأحداث مهم فيها التحلي بالروح العالية وعدم التضخيم وافتعال الإثارة لأنها أحداث وقعت وستقع، إذ ما الذي يجعل العسكريين بدعاً عن بقية البشر.. ففي ميادين الكرة يتشاجر الجمهور، وفي الجامعات تقع الاضطرابات، ووصل الأمر مؤخراً إلى مناسبات رسمية يؤمها وزراء ودبلوماسيون، وبالتالي فإن ما جرى وإن كان مرفوضاً ليس بدعاً، لكن المفيد فيه والمعتبر أن جهة كبيرة مثل جهاز الأمن والمخابرات الوطني أقرت بتصرفات سماها بأنها (غير مسؤولة) في مواجهة بعض المواطنين ومستخدمي الطريق،  وأعلن الجهاز عن تشكيل مجلس تحقيق للاستقصاء وتقديم المخالفين كافة إلى المحاكم العسكرية، وأن الانضباط قيمة أساسية لا تهاون فيها لمنسوبي تلك المؤسسة، وأن ما حدث لهو محض تصرف عابر.
مثل هذه الأمور والطارئات يتم التعامل معها ابتداء بالحكمة التي تضيق مساحات الضرر العام والاشتعال الشامل، لذا ليس من المسؤولية والوطنية توظيف خرق صغير وتصرفات فردية لتكون منصة لتقويض بناء أُسس وشُيّد على دماء ومهج الرجال.. ومن فضل الله أن هذا الشعب أوعى من أن يُساق نحو تلك المفاهيم المخربة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية