بكل الوضوح
بلد المليون أزمة..!!
عامر باشاب
{ ما زالت كلمة أو مفردة “أزمة” من الكلمات الأكثر انتشاراً وشيوعاً خاصة عندنا في السودان، حيث تجدها تطاردك بقبحها وقسوتها في كل مكان، في الصباح، وفي (نص النهار)، وفي آخر المساء.
{ نطالعها في مانشيتات الصحف، وفي برامج الفضائيات، وتخرج من ألسنة الناس في الشارع العام، وفي ملمات الفرح والمآتم، في تصريحات الناطقين باسم الحكومة وفي أقوال من يتزعمون المعارضة.
{ كل الساحات والميادين عندنا لا تخلو من كلمة “أزمة”، بدءاً بالأزمة السياسية، والأزمة الاقتصادية، وأزمة الصحة، وأزمة البيئة، وأزمة التعليم، وأزمة السكن، وأزمة الفن، وأزمة الرياضة، وأزمة المسرح، وأزمة الدقيق، وأزمة رغيف العيش، وأزمة المواصلات، وأزمة الغاز وأزمة “الموية” والكهرباء، وأزمة الثقة، وأزمة الأخلاق.. وأخيراً أزمات الصدر والقلب التي انتشرت بكثافة.
{ والغريب في الأمر أن الأزمات القلبية هذه كانت حتى وقت قريب محصورة وسط “ناساً حالا زين مصنع مصنعين”، لكنها الآن دكت حتى قلوب الكادحين، أولئك الذين قدر لهم أن يعانوا كل الأزمات.
{ الغريب أيضاً أن الأزمات عندنا أصبحت شيئاً عادياً جداً، وكلمة أزمة لم تعد تثير دهشتنا ولم تعد تلفت انتباهنا ولم نعد نقف عندها كثيراً.
{ والعجب العجاب أن كل أزماتنا لا يوجد لها حل، والنتيجة بالطبع هي أن الأزمة تؤدي إلى أزمة أخرى، وهكذا ظلت تتوالد الأزمات وتتكاثر حتى صار السودان بلد المليون أزمة، أو بالأصح صار أكبر سلة أزمات في العالم.
{ ومن الأزمات السياسية التي ظلت تعيدنا إلى مربع التخلف أن معظم السياسيين الذين كانوا يتشاركون كمعارضة في إدارة الحرب ضد الحكومة من داخل فنادق عواصم الدول الأوروبية والعربية والأفريقية.. الآن صاروا يتصارعون فيما بينهم وبعين قوية على الثروة والسلطة من فنادق الداخل وهمشوا قضايا مواطني مناطقهم التي طالما ادعوا بأنها مهمشة وأنهم مسحوقون.
{ كيف لا تزيد أزماتنا وغالبية السياسيين عندنا يظلون على الدوام يرفعون شعار الدفاع عن حقوق ومصالح الشعب، ومجرد أن يصلوا لكرسي السلطة الدوار ويستمتعون ببريق الدولار ينسون حاجة اسمها شعب، وتبدأ رحلة البحث عن المصالح الخاصة والحقوق الذاتية (حقي وحقك).