رأي

مجرد سؤال؟؟؟؟

إني إلى ساحة “الفاروق” أهديها

رقية أبو شوك
 
كما عودت القراء دائماً أن أخرج بين الفينة والأخرى من الطابع الاقتصادي ولغة الأرقام حتى لا نصاب جميعاً بالملل، فلغة الاقتصاد تهم قطاع الاقتصاد والذي ينضم تحت لوائه كل الشعب السوداني، طالما أنه مرتبط بمعاشهم لذا فنحن جميعاً بحاجة إلى أشياء تخرجنا من الملل. ومن أجل ذلك فقد أكتب عن الفن والغناء وأهلي وعشيرتي بالشمالية والطنبور ولكن ما أحلى الكتابة عندما تكون عن الدين والقرآن والسيرة النبوية العطرة، وعندما تكون عن خلفاء وأصحاب رسول لها أنها متعة لا تشابهها متعة.
أقول هذا وفي خاطرتي القصيدة العمرية للشاعر “حافظ إبراهيم” أعجبت جداً بمقاطعها جملة وتفصيلاً والتي جاءت تحكي قصة حياة سيدنا “عمر بن الخطاب” أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين.
حسب القوافي حين ألقيها
وإني إلى ساحة الفاروق أهديها
وقد استعرضت القصيدة بنداً بنداً … فقد كانت كل حاشية لها معاني ومدلولات ..ووقفت كثيراً في قصة رسول كسرى الذي جاء إلى المدينة المنورة لمقابلة خليفة المسلمين “عمر بن الخطاب”، حيث تعتبر من أشهر الروايات التي نقلها لنا التاريخ الإسلامي … رسول كسرى سأل عن قصره وحصنه المنيع كما يقول التاريخ .. سأل فدلوه على بيته وهو أدنى من بيوت الفقراء فوجده نائماً في ملابسه البسيطة تحت ظل شجرة قريبة، فقال قولته المشهورة (حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر). وهنا قال الشاعر “حافظ إبراهيم”:
وراع صاحب كسرى أن رأى عمر
بين الرعية وهو راعيها
وعهده بملوك الفرس أن لها
سواراً من الجند والأحراس يحميها
رآه مستغرقاً في نومه فرأى
فيه الجلالة في أسمى معانيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح
مشتملاً ببردة كاد طول العهد يبليها
وقال قولة الحق حتى أصبحت مثلا
وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهم
فنمت نوم قرير العين هانيها.
هذا هو الإسلام وهذا هو خليفة رسول الله “عمر بن الخطاب” الذي ينام تحت ظل شجرة، الأمر الذي أدى إلى اندهاش رسول كسرى ملك الفرس المشهور بالسوار الذي لبسه  “سراقة بن مالك”  بعد أن وعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.. لبسه في عهد “عمر بن الخطاب” وكان قد بلغ من الكبر عتية جاء يمشى منحني الظهر ألبسه إياه “عمر بن الخطاب” في معصمة لأن وعداً وعده إياه رسولنا صلوات الله عليه وسلم بعد أن وعدت قريش بهدية عظيمة (مائة من كرائم الإبل) لمن يدل على مكان رسول الله (ص) وصاحبه  بعد أن هاجرا من مكة إلى المدينة، وكان “سراقة” قد خرج بحثاً عنهما والقصة تحكي عن ذلك.
إنها قصص وحكاوي تقشعر لها الأبدان رأيت أن أذكركم بها علنا نكون مثلهم ولا نلتفت للدنيا الزائلة وقصورها، نبني القصور ونعليها ونفتخر بها ولكنه أمير المؤمنين ينوم تحت ظل الشجرة نوم قرير العين هانيها.
نومة هذه تعتبر نومة هانئة لأنه كما قال رسول كسرى (حكمت فعدلت فأمنت فنمت ياعمر).
كم نحن بحاجة إلى مثل هذه النومة … فقط لابد أن نجلس مع أنفسنا ولو نصف ساعة نحاسبها حساباً يسيراً نجرد فيها كل الحسابات السالبة والموجبة لنرسم خطى جديدة لباقي العمر ..يكون وعداً قاطعاً مع أنفسنا أن لا نعود إلى الأشياء التي لا ترضي الله، وأن نتواضع ونحسن إلى من يريد الإحسان وأن نحسن الظن بالآخرين حتى ولو أساءوا إلينا أن نتجنب الكذب والنفاق وأن لا نسعى لنشر الفتن بين الناس من أجل المصلحة الشخصية التي قد لا تدوم إلا أياماً معدودات فقط بعدها ينكشف معدنك ثم تبحث عن تصحيح الأخطاء فتجد أنه للأسف (تو ليت).
تجد الكل قد انفض من حولك لأنك كنت فظاً (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
فكثير ما كنت أقول إن الكلمة الطيبة جواز سفر فالله سبحانه وتعالى قال لسيدنا موسى وأخيه هارون، وهما يستعدان لمخاطبة فرعون (قولا له قولا ليناً)، فقط ذكرت نفسي وذكرتكم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية