السلطة الإقليمية تحتفل بفتح مظاريف مشروعات التنمية للمرحلة الثانية
في يوم وصفه رئيسها بأنه يمثل مرحلة تاريخية من أيام دارفور الخالدات
السلطان “سعد بحر الدين” يطالب أبناء دارفور بتجاوز الخلافات
الخرطوم – وليد النور
وسط إجراءات أمنية مشددة بقاعة الصداقة بالخرطوم احتفلت السلطة الإقليمية لدارفور،أمس، بفتح مظاريف عطاءات مشروعات التنمية للمرحلة الثانية (ب). وتفادياً لما حدث بفندق (السلام روتانا) خلال الأسبوع المنصرم وصلت الدعوات إلى المدعوين مع تنويه بضرورة إبرازها عند الدخول إلى مكان الاحتفال. وربما كان كل الذين دخلوا عبر بوابات قاعة الصداقة الشمالية والجنوبية، أو أغلبهم، قد توجس من حدوث أمر جلل، بسبب الترتيبات الأمنية المشددة، ممثلة في الوجود الكثيف للقوات النظامية وقوات شرطة النجدة والعمليات بزيها المميز، وقد تم تفتيش المدعوين كافة تفتيشاً دقيقاً. وكان بعض الزملاء الصحافيين لا يحملون بطاقات دعوة فتم منعهم من الدخول، على الرغم من أنهم يحملون بطاقات اتحاد الصحافيين السودانيين قبل أن يسمح لبعضهم، فيما آثر البعض الآخر العودة من حيث أتى. ومع ذلك فإن حالة التوتر لم تخل من مفارقة طريفة، ومن ذلك أن مقدم البرنامج قد دعا مسؤول مكتب سلام دارفور الدكتور “أمين حسن عمر” لمخاطبة الحفل رغم غيابه وسط ذهول الكثير من الحضور. ويعزى هذا اللبس- ربما– إلى الشبه الكبير بين السفير “عثمان ضرار”، ود. “أمين حسن عمر”. وقد تفاجأ مقدم الحفل- ثانية- بأن الشخص الذي يجلس شمال “السيسي”، هو ممثل مكتب سلام دارفور. وسمع رئيس المجلس التشريعي للسلطة الإقليمية لدارفور السلطان “سعد عبد الرحمن بحر الدين”، يداعب وزير شؤون رئاسة مجلس الوزراء الأستاذ “أحمد سعد عمر” قائلاً: (إنت البنج بتاعنا) في إشارة إلى أنه كبير القوم. وبعد تأخير قارب ربع الساعة عن الموعد المحدد دخل رئيس السلطة الإقليمية الدكتور “التيجاني سيسي”، بصحبة عدد من الوزراء ووزراء الدولة، لينطلق الحفل في الساعة 11 وخمسة وأربعين دقيقة، بدلاً عن الحادية عشرة صباحاً.
رئيس السلطة الإقليمية لدارفور د. “التيجاني سيسي محمد” بدأ خطابه بالآية الكريمة: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا)، وقال إن كل الدعم الذي مولت به مشاريع التنمية كان يتم برعاية كريمة من رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير”. واستطرد قائلاً إن السلطة الإقليمية لم تتسلم أموالاً سائلة لكن لديها حساب ببنك أم درمان الوطني، وبنك فيصل الإسلامي، وتسلمت مبلغ (800) مليون جنيه، وبعد خصم الضرائب والقيمة المضافة بلغ صافي المبلغ (493) مليون جنيه، نفذت بها (307) مشروعات. كما تسلمت السلطة مبلغ (900) مليون جنيه لمشاريع الإعمار للعام 2015م، بجانب خطاب ضمان بأكثر من ترليون جنيه لمشروعات تنموية أخرى، ومبلغ (200) مليون دولار من الصندوق العربي للتنمية لربط ولايات دارفور بالشبكة القومية للكهرباء. وأعلن “السيسي” عن فتح العطاءات لعدد (443) مشروعاً تقدمت لها (120) شركة، متمثلة في (135) محطة مياه. وزاد بأن عدد الشركات التي تقدمت لتنفيذ المشاريع بولاية جنوب دارفور(36) شركة، بنسبة بلغت (43%)، وعدد الشركات التي تقدمت لتنفيذ المشاريع بولاية شمال دارفور (34) شركة، بنسبة بلغت (28%) وشرق دارفور (16) شركة، بنسبة بلغت (13%)، وغرب دارفور (14) شركة بنسبة (12%)، وأخيراً ولاية وسط دارفور (13) شركة، بنسبة بلغت (11%).
وقال “السيسي” إن اليوم يمثل مرحلة تاريخية من أيام دارفور الخالدات بعد أن لاح في الأفق وقف الحرب والاقتتال، ونسيان جراحات الماضي من أجل غد مشرق وأفضل. وتابع: (نحن الآن في أمس الحاجة إلى الاستقرار والتنمية، وهذه المشروعات هي ثمرة جهود مضنية بعد سنوات الحرب العجاف)، مشدداً على أن السلطة ستمنع أية جهة مهما كانت قوتها من تعطيل مصالح أهل دارفور. وامتدح “السيسي” جهود اللجنة الفنية التي عكفت ليل نهار على إعداد مشاريع التنمية، وقال: (هي لجنة مكونة من وزارة المالية والسلطة الإقليمية، وسجلت أعلى النقاط من خلال عملها وتستحق الإشادة على الرغم من البعض الذي الحق به الأذى.
إلى ذلك، أكد وزير مجلس الوزراء الأمير “أحمد سعد عمر” دعم الدولة لمشروعات التنمية في دارفور، التي ستقود إلى إعادة الأمن والاستقرار وعودة النازحين واللاجئين، وأشاد بجهود السلطة الإقليمية لدارفور لتنفيذها مشروعات التنمية في دارفور. وطالب الممانعين من أبناء دارفور بالمشاركة في تنمية دارفور وضرورة الرجوع إلى صوت العقل وتجاوز كل الخلافات من أجل أهلهم في معسكرات النزوح واللجوء، مبيناً أن دارفور في أشد الحاجة لأبنائها لإعمارها.
من جانبه، طالب السلطان “سعد بحر الدين” رئيس مجلس السلطة الإقليمية أبناء دارفور بتجاوز كل الخلافات التي تعوق تنفيذ المشاريع التنموية في دارفور، مبيناً أهمية اطلاعهم بدورهم من أجل الاستقرار الذي أصبح يعم كل مناطق دارفور. وقال إن ما نفذ من مشروعات في دارفور بذل فيها جهد كبير من السلطة الإقليمية لدارفور وأدى إلى استقرار كبير وعودة طوعية كبيرة.
وأكد “بحر الدين” أن السلام والعودة الطوعية أصبحا واقعاً في دارفور، مشيداً بالقرار السياسي الشجاع الذي اتخذته الدولة بأن تتحاور وتتفاوض وتحمل البندقية أيضاً، و(هذا القرار هو الذي قادنا إلى الاستقرار وما ننعم به الآن من سلام وأمن)، على حد قوله. وأشاد بالقوات المسلحة والشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى التي بذلت الغالي والنفيس لكسر شوكة التمرد في دارفور.
وكان الأسبوع المنصرم شهد فندق (السلام روتانا) خلافات حادة واشتباك بالأيدي إثر قيام مجموعة تتبع للوزير “بحر إدريس أبو قردة” باقتحام مقر الاحتفال عنوة وترديد هتافات مناوئة لرئيس السلطة د. “التيجاني السيسي”، مما اضطر ممثل الجامعة العربية السفير “صلاح حليمة” للانسحاب من مقر الاحتفال، وتبعه السفير القطري بالخرطوم، وسادت فوضى عارمة فندق (السلام روتانا)، انتهت بإلغاء الاحتفال الذي تم تنظيمه لفتح مظاريف مشروعات التنمية للمرحلة الثانية.