رأي

النشوف اخرتا

شعارات معادية
سعد الدين ابراهيم
في أخبار الجريمة نشرت الأنيقة (المجهر) يوم (الاثنين) خبراً عنوانه ضبط موظف يكتب شعارات معادية للحكومة على حائط مدرسة بأم درمان.. تم التحري معه.. ولا أدري أي عقوبة تنتظره .. لكن أولاً أتساءل عن جدوى ذلك والآن تكتب الصحف مقالات وتجري حوارات مع معارضين يطرحون فكرة إسقاط النظام..  ويحرضون المواطنين على الثورة على النظام فماذا سيكتب الرجل معاداة للحكومة أكثر من هذا؟
أذكر في الصبا أيام الانتماء للحزب الشيوعي السوداني كانت كتابة الشعارات المعادية لمايو أو المرسخة لنضال الحزب الشيوعي جريمة ولا تقدم فيها للمحكمة إنما تعتقل إن ضبطت إلى ما شاء الله.. وكنت أنا شخصياً لا أؤمن بجدوى الكتابة وكنت اعتذر ولكن لا اعتذار هناك حيث اللائحة والديمقراطية المركزية، فيمكن أن ترفض أمراً ولكن إذا قرر الحزب تنفيذه فإنك ملزم بالتنفيذ وستتعرض لعقوبات الإيقاف وربما الفصل إن لم تمتثل لرأى الأغلبية.. وكان الحزب يقر الكتابة المعادية للنظام على الجدران باعتبارها واحدة من سبل المقاومة. وذات يوم صدرت لنا تكاليف بكتابة شعارات.. لم تخرج من عاش نضال الحزب.. وقاوموا النظام الديكتاتوري .. وكانت الكتابة حين ذاك  قد تطورت من الكتابة بالبوهية وحملها في آنية واستخدام الفرشاة إلى عمل أداة تشبه القلم لعل مبتكرها هو زميلنا ومعلمنا خلف الله سعد أمد الله في أيامه.. وذلك بالشمع والألوان الحمراء وصبها في زجاجه ثم كسر الزجاجة بعد أن تجف واستخدامها أداة للكتابة وهي سهلة التأمين وتسهل الهروب إن ظهر في الشارع أي شخص.. المهم تم تكليفنا بالكتابة في ذلك اليوم وتحديد التوقيت كان صارماً لأن المأمول أن تمتلئ جدران أحياء العاصمة كلها بالشعارات حتى يكون أثرها أكبر قوة.. لذلك لابد من إنجازها في التوقيت المحدد لأنها جماعية التنفيذ.. كلفت مع زميل لي (ح..ع) بالكتابة على جدران في الحارة الرابعة بمدينة الثورة وهي أكثر المناطق ازدحاماً لما فيها من مناشط.. الشاهد أننا دخلنا السينما الدور الثاني وخرجنا .. ولدرء الخوف عمد زميلنا إلى احتساء ما يساعده على الثبات .. وكانت الخطة أن يكتب هو وأن أقوم أنا بمهمة الرقابة .. وأنجزنا المهمة في عشرة حوائط أو أكثر.. وكان يكتب بسرعة وتحت تأثير الخوف فإن تم القبض عليك ستتعرض لعقوبات دون محاكمة وأنت وحظك.. الصباح حضر إلي الزميل (ح..ع) لنرى ما أنجزنا.. وذهبنا للمواقع التي كتبنا فيها .. لا يستطيع أي فرد قراءة ما كتب كانت شخبطات كالرسوم السريالية.. وأخذنا نضحك .. وكنا نخاف من اكتشاف هذا الأمر ومحاسبتنا لكن مر الأمر ولم يحدث ذلك بيد أنها أصبحت طرفة تروى.. يا لذياك الزمان !!
ثم هو الحاصل داير ليهو كتابة على غرار طرفة الذي كان يوزع أوراقاً بيضاء بزعم أنها منشورات بافتراض أن الوضع ما داير ليهو كتابة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية