مسألة مستعجلة
نجل الدين آدم
الحوار الأمريكي .. حوار الطرشان!!
أهم نتائج ما دار من حوار بين الحكومة والوفد الأمريكي الزائر للبلاد برئاسة مبعوث الرئيس “أوباما” للسودان وجنوب السودان، السيد “دونالد بوث” بحسب ما خرج إلينا، كان التوصل إلى تفاهمات بشأن رفع الحظر عن سلعة الصمغ العربي وكل المدخلات الزراعية المعنية بالسلعة.
المبعوث الأمريكي ووفده دخلوا في لقاءات واسعة مع عدد من المسؤولين في الحكومة وعلى رأسهم وزير الخارجية كان طابعها السرية التامة، والتقوا اتحاد أصحاب العمل كجهة متضررة من قرار الحظر الاقتصادي المفروض على السودان، وكذلك التقوا بمجلس الصمغ العربي وهذا بيت القصيد. في كل هذه الحوارات لم يخرج إلى العلن إلا الاتفاق على رفع الحظر عن الصمغ العربي لسبب بسيط وهو أنه الهدف الأساسي الذي اضطر “واشنطن” لإعادة الحوار، باعتبار الصمغ سلعة مهمة بالنسبة لهم سيما وأنهم يستوردون من السودان نحو (70%) من إنتاج هذه السلعة النادرة.
في بادئ الأمر تفاءلت والمبعوث الأمريكي يعود بعد فترة طويلة لاستئناف الحوار والذي يعول عليه الكثيرون، في أن يكون نهاية لحقبة العقوبات الاقتصادية التي طالت البلاد وتضررت منها، سيما وأن “واشنطن” بدأت في الرفع الجزئي للعقوبات وهذا ما فتح شهية الحكومة لتعول كثيراً بأن الولايات المتحدة الأمريكية صادقة في نواياها هذه المرة، ولكن النتائج!، فقط اقتصرت في سلعة ولم يتم إحراز أي تقدم واعتقد جازماً أن “واشنطن” لم تتغير ولن تتغير، وما يجري الآن هو مجرد تحول مرحلي تحتمه المصالح من أجل الوصول إلى تفاهمات عميقة بشأن الصمغ العربي، وربما كان الاتفاق أن يكون التصدير حصرياً عليها، أما العلاقات السودانية الأمريكية وتطورها فهي مجرد شعارات!.
فرغم بشريات نجاح الحوار إلا أن واقع حال الولايات المتحدة وإستراتيجيتها تجاه السودان ينبئ بأن هذا التقارب هو تقارب مصالح كما أشرت والحوار هو حوار الطرشان .. وحوار الطرشان معروف عنه أن كل طرف لا يفهم الآخر حيث يؤل كل طرف ما يسمعه إلى فهم خاص به ويبقى الحوار دونما جدوى.
موقف السفارة الأمريكية بتعطيل تأشيرة الدخول للوفد البرلماني برئاسة مولانا بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” للمشاركة في أعمال البرلمان الدولي في “واشنطن”، هي واحدة من حلقات المكر الأمريكي الذي يؤكد عدم تغيير “واشنطن” لنظرتها ومفهموها تجاه السودان. تخيلوا أن السفارة تتعمد تأخير التأشيرة حتى قرب المؤتمر بساعات لتقوم بعد ذلك بمنح التأشيرة، يعني في الزمن بدل الضائع لتضع الوفد البرلماني السوداني في حيرة من أمره.
لذلك فإن إدارة الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية يحتاج لقدر من الحكمة والبصارة في إدارة المصالح بالنحو الذي تنتهجه مع مراعاة الاعتبار لأسوأ الافتراضات، حتى لا يكون الحوار حوار الطرشان لا يفهم كل الآخر وينفض السامر دون إحراز تقدم. أرجو أن لا يكون الاندفاع كبيراً حتى لا نصاب بخيبة الأمل، والله المستعان.