عن (رامبو) وحل هيئة ترقية السلوك الحضري
الأستاذ الجليل/ لهندي عز الدين
صوت الحق الذي نريد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
قرأت في عمودك (شهادتي لله) بالأمس كما غيري تحت عنوان: (رامبو) طاقة بلا وظيفة.. وهنا لا أتحدث إلا بلسان تأثر كما غيره من قرار إلغاء (هيئة ترقية السلوك الحضري) كأنها الشامة الوحيدة السوداء في حكومة الخرطوم، وذهب العاملون فيها غير مأسوف عليهم إلى قارعة الطريق وتشردوا في زمن أطلق فيه شعار لابد للمعتمدين والوزراء الجدد أن ينزلوا إلى أرض الواقع لحل معاناة المواطنين، وهذه هي أول معاناة لعمال شُردوا كما قلت دونما ذنب، لأن الهيئة بهم أنجزت العديد من الأعمال لا ينكرها إلا جاحد أو مكابر أو صاحب غرض دنيوي فانٍ.
أتحدث لأنني مدير الإعلام والمتابعة بالهيئة، ولابد من إظهار ما هو خافٍ، وأجزم أن عملنا واضح كالشمس وبدون ميزانيات عدا بعض مال تسيير لا يفي لشراء مستلزمات برامج الهيئة فما بالك بالعاملين. فكان العميد/ يوسف عبد الفتاح بحركته الماكوكية التي لا تهدأ، لم يعرف الجلوس والاستكانة في المكاتب، فكان دائماً مكتبه عصاه يؤشر بها لعمل هنا أو هناك، وكنا نتمنى من الجميع الحضور لرؤية مكاتب الهيئة التي لا تحسد عليها.
هيئة ترقية السلوك الحضري استقدمت بعضاً من شرائح المجتمع الملهمة، فجاءت بفرقة الصم والبكم، وهي شريحة وهبها المولى قدرة وفناً وصبراً لإنفاذ البرامج، فكانت بناءً وطلاءً…. الخ، وإدماجهم في المجتمع.. والشريحة الثانية هم نزلاء السجون (كوبر) الذين عليهم أحكام خفيفة، سعت الهيئة لكسر الحائط الأسمنتي واستبدلته بآخر زجاجي حتى لا تتفشى ظاهرة الحقد والكراهية للمجتمع الخارجي، فكانوا يعملون بكل جلد ونقلوا الحجارة ورصفوا بها جانب مدخل كوبري النيل الأزرق، ومنهم من خرج واستمر في العمل مع الهيئة وأعال أسرته، كذلك سبقت الهيئة الجميع باستقطاب بعض خريجي الجامعات من مهندسين وتشكيليين للحد من ظاهرة البطالة.
شاركت الهيئة في كل الأعمال والمناسبات التي مرت بالبلاد، فكان تأهيل محطتي مياه سوبا وجبل أولياء، وكان العميد/ يوسف يقود النفرة ويتابع، وأيضاً في افتتاح كوبري الحلفايا كان موجوداً بين جنوده حتى الصبح، وكذلك تجهيز استاد المريخ لمباراة الجزائر ومصر الشهيرة.
عمت المجسمات التي تحكي عن تراث قبائل السودان المختلفة كل الشوارع الرئيسية (مسار الزائر)، كذلك الجداريات التي تحكي عن الحقب التاريخية، وأنشئ عدد من النوافير، وتمت زراعة الأشجار المثمرة المانجو بـ(شارع سعد الدين، المستشفى والقصر الجمهوري) والجوافة بـ(شارع الطابية) والنخيل بـ(شارع النيل، وجوار جامعة الخرطوم) كانت قطوفها دانية، الآن أصابها الإهمال.
ونسبة لعدم توفر تناكر مياه كان عمال الهيئة يقومون بسقايتها بواسطة الأباريق حتى تم استعمال عربة “بوكس” صغيرة تحمل صهريجاً صغيراً كانت بمثابة (بندول) مسكن، وتمت زراعة أشجار الظل والزهور، واستجلبت الهيئة قوالب لصناعة المزهريات الموزع جزء منها بشوارع الولاية، كما قامت الهيئة بتركيب العديد من لمبات الزينة والأسوار، خاصة عند تقاطعات الشوارع ذات الكثافة حماية لمستخدميها.. كل ذلك كان يتم بدعم من بعض المؤسسات والهيئات والأفراد، ومنها: جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وزارة الداخلية، هيئة سكك حديد السودان، الطيران المدني… الخ.
الحقيقة التي يجب أن تُملّك للقارئ، أن القرار الذي تم بموجبه إلغاء الهيئة فيه كثير من الإجحاف والظلم، لأنها ليست كالهيئات الأخرى، ولم تخصص لها ميزانية ولا تعتمد على موارد حكومية، وعلى الرغم من ذلك أعمالها غطت قرص الشمس.
نقول الحق، ولا خير فينا إن لم نقله.. إن عبارات نزول أعضاء الحكومة لملامسة مشاكل المواطنين سبقها العميد/ يوسف عبد الفتاح قبل (25) عاماً.. والظلم ظلمات يوم القيامة، لأن الجهات التي تسلّمت أصول مواقع الهيئة اندهشت لعظمة أعمالها، وكنا نظن أن الحكم عليها بالأعمال.
والله المستعان
هاشم حسن آدم
مدير الإعلام والمتابعة بهيئة ترقية السلوك الحضري سابقاً