تقارير

حكومة "الخرطوم" الجديدة (50%) من "عبد الرحيم" و(50%) من "عبد الرحمن"

حكومة “الخرطوم” الجديدة (50%) من “عبد الرحيم” و(50%) من “عبد الرحمن”
أخيراً .. فك شفرة حكومة الخرطوم .!
قوامها (12) وزارة و(3) مجالس و(7) محليات و(4) معتمدي رئاسة
التغيير في التشكيل الجديد بنسبة (50%) للوزراء و(72%) للمعتمدين و(100%) في المتخصصة
والي الخرطوم: لا مجاملة لمسؤول على حساب المواطن
لم نأتِ لحماية الموظفين الكبار وأي مقصر سيحاسب
الخرطوم ـ نزار سيد أحمد –
الزمان هو (الأحد) الثالث والعشرون من شهر أغسطس من العام 2051م، المكان، القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة بالخرطوم،  عقارب الساعة تشير إلى الرابعة عصراً حينما ولجنا إلى القاعة الرئاسية التي تم تجهيزها لتواكب المؤتمر الصحفي لإعلان حكومة ولاية الخرطوم. وضعت الكراسي داخل القاعة على شكل حدوة حصان في (6) صفوف على اليمين ومثلها على اليسار وفي كل صف (28) كرسيًا أي أن نصاب الحاضرين كان (336) شخصاً أو يزيد بقليل، كذلك وزعت شاشات ضخمة على كافة النواحي، ووضعت منصة رئيسة تسع  لشخص واحد هو المتحدث الرسمي والي الولاية “عبد الرحيم محمد حسين”،  وعلى جانبها منضدة صغيرة تسع لحقيبة وكوب ماء. مضت الدقائق في انتظار حضور الوالي، كسرها الحضور بالاستماع إلى مدحة كانت تنبعث من سماعات ضخمة نصبت عشوائياً في داخل القاعة، بينما طاقم الوالي المعاون يهرول تارة لاستقبال الضيوف من رؤساء تحرير الصحف والقيادات الإعلامية، وتارة أخرى يهرولون خارج القاعة نحو الصالون الذي كان يتواجد فيه الوالي مع ضيوفه من فئة VIP)). مرت كل تلك المشاهد وسط تعليقات كثيرة من الحاضرين حتى ولج إلى القاعة الوالي “عبد الرحيم محمد حسين” وهو يرتدي بدلة سفاري رمادية اللون، ويرسم على محياه ابتسامة عريضة ربما تعبر عن رضاه عن حجم الحضور الذي كان كبيراً مقارنة بالحضور الذي يحضر مناسبات على تلك الشاكلة. كان بمعية “عبد الرحيم” لحظة دخوله الأستاذ “محمد حاتم سليمان” نائبه في المؤتمر الوطني، ليختار الاثنان مقعديهما لينطلق البرنامج بآياتٍ من الذكر الحكيم، ليعتلي بعدها والي الخرطوم منصة الحديث ويفتح حقيبة (سامسونايت) بنية اللون يخرج منها ملفاً ويبدأ الحديث.
من حيث ما انتهى الآخرون
أول ما بدأ به والي ولاية الخرطوم “عبد الرحيم محمد حسين” هو التعبير عن سعادته بالحضور الإعلامي الكبير الذي اعتبره سنداً وعضداً له في مسيرته. وأشار إلى أنه ظل على الدوام يتابع الصحف ليومية باهتمام كبير، وأكد أنه ينتظر من الإعلام دوراً كبيراً في تقديم النصح عبر النقد البناء الهادف. وعرج الوالي مباشرة لشكر حكومة الولاية السابقة بقيادة “عبد الرحمن الخضر” لما قدموه من جهد وخدمات. وقال إنه لا يمكن أن ينكر عطاءها وجهدها، مشيراً إلى أنه سيبدأ مشواره من حيث انتهت الحكومة السابقة. وقال “عبد الرحيم” إنهم يقدمون حكومة جديدة بمشاركة سياسية واسعة بحجم ومستوى المشاركة التي حظيت بها الانتخابات القومية التي أفرزت فوز المؤتمر الوطني، واعتبر أن هناك عبئاً ثقيلاً ملقى على عاتقهم سيما في ما يتعلق بتهيئة المناخ المناسب للحوار الوطني، باعتبار أن الخرطوم تحتضن هذا المشروع الإستراتيجي الكبير.
فيد باك
رجع والي ولاية الخرطوم بالذاكرة إلى الوراء مستعرضاً بشكل عشوائي إنجازات حكومات الولاية المتعاقبة منذ عهد “محمد عثمان محمد سعيد” في العام 1989م حتى عهده، وقال إنه على مستوى الطرق المسفلتة كانت في العام 89م (200) كيلو متر وصارت الآن (2500) كيلو متر، وعلى مستوى الكباري كانت هناك (4) كباري وصارت الآن (7) كباري. وأشار إلى أنه لم تكن هناك أنفاق وهي الآن (8) أنفاق. وقال إن شبكات المياه كانت (2) مليون متر طولي وصارت (15) مليون متر طولي في الوقت الراهن. وأشار إلى أن المستشفيات كانت (9) ولائية و(12) اتحادية لكنها الآن (48) مستشفى. واعتبر الوالي أن تلك الإنجازات جزء من ملامح نهضة ولاية الخرطوم خلال الـ(25) عاماً الماضية، قدمها ليؤكد العزم على تقديم كل ما بوسعه خلال الـ(5) أعوام القادمة من عمر حكومته .
تحديات وبرامج مستقبلية
قبل أن يكشف والي الخرطوم عن أسماء حكومته الجديدة أكد أن هناك جملة من التحديات الأساسية التي تواجه حكومة الولاية القادمة ينبغي عليها إنجازها. وأشار إلى أن في مقدمة تلك التحديات تأتي قضايا الخدمات  الأساسية (المياه ـ الصحة ـ المواصلات ـ التعليم ـ الكهرباء ـ النظافة). وأوضح أن هناك قضايا أخرى ستكون في محور اهتمامهم مثل معاش الناس وتوفير قفة الملاح، والاهتمام بقضايا الريف، وتطوير الشراكات مع الأحزاب، وتماسك النسيج الاجتماعي. وأشار إلى أن إنجاز كل تلك الملفات يحتاج إلى كبير جهد سيما في ظل التطور الكبير الذي شهدته الولاية وبخاصة في ملف السكان، حيث كانت الولاية في العام 1956م يسكنها حوالي (300) ألف نسمة بينما يقدر عد سكانها في الوقت الراهن ما يربو على الـ(8) ملايين مواطن. وكشف عن تزايد الهجرة إلى الخرطوم بمعدل (10) إلى (12) ألف أسرة يومياً، معتبراً الأمر ضمن التحديات التي تحتاج إلى إعادة نظر وإلى دراسات في كيفية خلق تنمية متوازنة بين العاصمة والولايات. وأشار إلى أن تلك التحديات تقابلها برامج مستقبلية في مقدمتها هو إصلاح الجهاز التنفيذي لتقديم الخدمة النموذجية، وذلك بالتركيز على مشروعات الدعم الاجتماعي للتخفيف على الأسر الفقيرة، وتطوير قضايا البحث العلمي لحل المشكلات التي تواجه الولاية بالاستفادة من الجامعات ومراكز البحوث، فضلاً عن التركيز على الإعلام لإبراز الدور الايجابي لتحقيق الأهداف الكلية التي ترغب في تنفيذها الولاية .
ملامح التشكيل الجديد
مضى “عبد الرحيم محمد حسين” ليكشف ملامح الحكومة الجديدة التي قال إنها تتشكل من (12) وزارة و(3) مجالس و(7) محليات و(4) معتمدي رئاسة. وأشار إلى أن نصيب الأحزاب السياسية الأخرى وزارات الحكم المحلي، وهي وزارة مستحدثه وقد تم منحها لحزب الأمة القيادة الجماعية، ووزارة تنمية الموارد البشرية والعمل وقد نالها الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، ووزارة الثقافة والإعلام جاءت من نصيب الحزب الاتحادي المسجل، ثم معتمد رئاسة لحزب الأمة الإصلاح والتنمية. وأشار والي الخرطوم إلى أن التغيير في الوزراء جاء بنسبة (50%) وفي المعتمدين (72%)، وفي المجالس المتخصصة بنسبة (100%) مع تقليص المجالس إلى (3)، بدلاً من (7)، وتقليص معتمدي الرئاسة إلى (4) بدلاً من (8).
الحكومة الجديدة
ربما لم تأتِ حكومة الخرطوم بحجم التوقعات التي وضعت عليها خاصة وأن الكثيرين كانوا يعولون على تغيير شامل، يأتي بوجوه جديدة على سدة وزارة الولاية. وتولى وزارة  الحكم المحلي الكاتب الصحفي “حسن إسماعيل سيد أحمد حسين” من حزب الأمة القيادة الجماعية، وظل الأستاذ “عادل محمد عثمان” وزيراً لوزارة المالية في منصبه، كذلك احتفظ “أحمد قاسم” بحقيبة وزارة البنى التحتية، أما وزارة التخطيط العمراني كانت من نصيب الوافد الجديد فريق مهندس “حسن صالح محمد دين” عضو رئاسة الأركان الحالي وقائد سلاح المهندسين السابق، وزارة الزراعة والثروة الحيوانية تولاها الدكتور “محمد صالح جابر أحمد”، أما الصناعة والاستثمار جاءت من نصيب الأستاذ “عبد الله أحمد حمد”، واحتفظ الأستاذ “محمد يوسف الدقير” بحقيبة الثقافة والإعلام عن الحزب الاتحادي المسجل، كما احتفظ البروفيسور “مامون حميدة” بمنصبه وزيراً للصحة. وتولى الدكتور “فرح مصطفى” وزير الحكم الاتحادي السابق حقيبة وزارة التربية والتعليم، واحتفظت “أمل البيلي” بوزارة التنمية الاجتماعية، وتولى معتمد أم درمان السابق “اليسع صديق الحاج أبوكساوي” وزارة الشباب والرياضة .
وجاء على سدة رئاسة محلية الخرطوم الفريق ركن “أحمد عثمان أبو شنب”، ولمحلية بحري الأستاذ “الصادق محمد علي الشيخ”، وتولى معتمدية أم درمان الأستاذ الصحفي “مجدي عبد العزيز الفكي”، وتولى محلية شرق النيل “عبد الله الجيلي محمد الجاك”، فيما ظل الأستاذ “عبد اللطيف فضيلي” معتمداً لمحلية أم بدة، وتولى محلية جبل الأولياء اللواء معاش “جلال الدين الشيخ الطيب”، أما محلية كرري فقد آلت إلى “الصادق محمد حسن أحمد”. وقد تولى مناصب معتمدي الرئاسة كل من المهندس “موسى آدم إبراهيم”، “أميرة يوسف أبو طويلة”، “ماجدة نسيم حماد”، “الرضي سعد آدم حامد”، وتولى رئاسة المجالس كل من “محمد حسين سليمان أبو صالح” المجلس الأعلى للتخطيط، و”جابر إدريس عويشة” رئيساً للمجلس الأعلى للدعوة، واللواء “عمر أحمد إبراهيم نمر” للمجلس الأعلى للبيئة والترقية الحضرية.
انحياز للمواطن
رفض والي ولاية الخرطوم في تعليقه على استفسارات الصحافيين تسمية حكومته بالحكومة العسكرية، كما رفض تسمية حكومته بحكومة الشيوخ معتبراً أن هناك رضاءً تاماً عن تمثيل الشباب في الحكومة الجديدة، وحول ما إذا كانت هناك صراعات صاحبت تشكيل الحكومة أكد أنه لم تكن هناك أي خلافات أو صراعات. وأشار إلى أنه شكل حكومته وعرضها على المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بالولاية وأجازها بالإجماع. وقال إن الأحزاب المشاركة قدمت مرشحيها وتم قبولهم من قبل الحزب الحاكم. وأكد أن الكثيرين ممن وقع عليهم الاختيار كانوا زاهدين في تولي مناصب وزارية، وأن بعضهم ذرف الدمع السخين لأجل عدم اختيارهم لأي تكليف. واعتبر أن الموازنات أمر طبيعي في كل حكومة لكنه أكد أنها لن تكون على حساب المواطن أو الأداء، مشيراً إلى أن هذا كان شرطه عندما تم اختياره والياً للخرطوم. وأضاف أنه لم يأتِ لحماية الموظفين الكبار بقدر ما جاء لحماية المواطن. وأضاف:(لو لحسنا التراب لن نفي المواطن حقه ولن نمتن عليه بأي خدمة نقدمها له). وأكد أنه لا مجاملة لمسؤول على حساب المواطن. وتطرق الوالي إلى قضية الأمن التي اعتبرها مهمة لولاية مثل الخرطوم، مؤكداً حرصه على أمن الخرطوم التي قال إنها مقارنة بمدن العالم تعتبر آمنة .
الأراضي
تعرض الوالي إلى قضية الأراضي والفساد الذي يضربها مناشداً الجميع بتقديم أي معلومات بشأن فساد الأراضي، لكنه بالمقابل رفض اتهام الناس بالباطل دون أي مستندات. وأشار إلى أن الأراضي هي واحدة من الموارد الرئيسية للولاية، إذ تعتمد عليها بنسبة (40%) في رفد خزانة الولاية بالمال. وأوضح أن هذا المورد في طريقه للنفاد بعد تقلص مساحات الأراضي. وأشار إلى أنه سيراجع خارطة الولاية وسيقوم بحسم الصراع بين الأراضي الزراعية والسكنية، وقطع بمحاسبة أي مسؤول تقدم حوله مستندات تدينه بفساد في الأراضي أو غيرها.
النظافة والأجانب
اعتبرها الوالي أحد التحديات التي تؤرق مضاجعهم. وأشار إلى أنه تلقى بشأنها الكثير من المقترحات. وأكد أنه يفكر بجدية في خلق جسم جديد  يكون مسؤولاً عن النظافة في الولاية، وكان محور الوجود الأجنبي ضمن محاور النقاش بين الوالي وأهل الصحافة الذين اعتبروا انتشار الأجانب دون أي ضوابط أحد المهددات الأمنية بالولاية، حيث أكد الوالي أن قضية الأجانب كبيرة تحتاج لإعادة نظر خاصة وأنها ذات طابع اتحادي وولائي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية