تقارير

السلم الأفريقي في "الخرطوم" اليوم ..إرهاصات ما قبل الوصول

زيارة لتقييم الأوضاع أم لتدعيم المواقف المسبقة؟
يزور الخرطوم  اليوم (الأربعاء) وفد رفيع من مجلس الآمن والسلم الأفريقي قوامه (20) مسؤولاً ممثلين لـ(15) دولة أفريقية إضافة لموظفين كبار من مفوضية الاتحاد الأفريقي في زيارة يتوقع لها أن تستمر ثلاثة أيام، يقضي الوفد منها يومين في الخرطوم لمقابلة عدد من المسؤولين في الدولة من بينهم وزير الخارجية ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ورئيس السلطة الإقليمية لدارفور، ورئيس مكتب سلام دارفور، بجانب لقاءات مع مقرر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ومفوض عام العون الإنساني،  ومن ثم يتوجه الوفد إلى ولاية شمال دارفور التي يعقد فيها الوفد عدداً من اللقاءات، مع والي الولاية وبعض ولاة دارفور، والمدعي العام للمحكمة الخاصة لجرائم دارفور ومن ثم يزور مقر بعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة (اليوناميد) مع تنفيذ زيارات لبعض معسكرات النازحين.
تقرير – نزار سيد أحمد
بحث ميداني
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير “علي الصادق” إن الغرض من  زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي هو تقييم الأوضاع على الأرض في دارفور، لاتخاذ قرار بشأن تنفيذ خروج قوات اليوناميد بناءً على التقدم المحرز في الأوضاع الإنسانية والأمنية بمختلف مناطق دارفور، استناداً على مرجعية فريق العمل الثلاثي (الحكومة ـ الاتحاد الأفريقي ـ الأمم المتحدة). وأضاف السفير “علي الصادق” الذي كان يتحدث للصحافيين أمس (الثلاثاء)، أن الزيارة تأتي في إطار حرص مجلس السلم والأمن الأفريقي للتواصل مع المسؤولين في السودان، والتباحث معهم حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، لتأكيد أفريقية العملية المختلطة (يوناميد). ويمضي “علي الصادق” ويقول إنها تأتي أيضاً في أعقاب قرار المجلس في 22/6/2015م الذي بموجبه مدد ولاية يوناميد لعام آخر .
موضوعات أخرى وتوقعات
زيارة مجلس السلم والأمن الأفريقي ربما تطرق لقضايا أخرى بحسب “علي الصادق” الذي أشار إلى أن المجلس سيستمع إلى المسؤولين في الدولة بجانب قضية دارفور إلى موضوعات أخرى، من بينها دور السودان في إحلال السلام في جنوب السودان، إضافة لبعض القضايا الداخلية مثل الحوار الوطني، وتأثير العقوبات الأمريكية على السودان. وتوقع “علي الصادق” بعد وقوف وفد المجلس على الأوضاع على الأرض أن تتشكل لديه صورة واضحة، بأن هناك تطوراً ملحوظاً في الأوضاع الأمنية والإنسانية نتيجة للجهود التي تقوم بها الحكومة السودانية مع الشركاء من أجل إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في إقليم دارفور.
تقييم مسبق
قبل وصوله للخرطوم وفي 31 يوليو 2015 الماضي أصدر مجلس السلم والآمن الأفريقي بياناً خرج لوسائل الإعلام بتاريخ 13 أغسطس أي قبل أسبوع من زيارته للسودان، هذا البيان وصفه كثيرون بأنه استباق لتقييم الأوضاع في دارفور، خاصة وأنه حمل الكثير من العبارات التي تشير إلى عدم استتباب الأوضاع الأمنية والإنسانية في دارفور، حيث أعرب المجلس في بيانه عن قلقه إزاء الوضع الإنساني السائد في دارفور، بما في ذلك الزيادة الكبيرة في أعداد النازحين. وطلب من جميع الأطراف تسهيل عمل الوكالات الإنسانية لضمان أمنها ووصولها بدون عوائق إلى السكان المحتاجين، واعتبر أن استمرار النزاع المسلح في دارفور يشكل تهديداً للسلام ليس للسودان فحسب وإنما للدول المجاورة. وشدد على ضرورة تجديد التزام الأطراف لتسهيل العملية السياسية، وأدان استمرار القتال المتقطع بين الحكومة والحركات المسلحة، لاسيما في وسط دارفور ما أسفر عن استمرار نزوح السكان المدنيين. وقال المجلس في بيانه إنه (وافق على القيام بزيارة ميدانية لدارفور لتقييم الوضع على الأرض تمهيداً لاتخاذ قرارات مناسبة، من شأنها أن تسهم في تعزيز الوضع الأمني والإنساني فضلاً عن الجهود الرامية إلى تعزيز الحوار والمصالحة في دارفور).
مجلس السلم تعرض لضغوطات
وفي تعليق على بيان مجلس السلم والأمن الأفريقي قال مصدر حكومي رفيع فضل عدم ذكر اسمه لـ(المجهر)، إن الاتحاد الأوربي مارس ضغوطات على مجلس السلم والأمن الأفريقي ليخرج بهذا البيان الذي تطابق تماماً مع تقرير بعثة الاتحاد الأوربي بالسودان الذي أشار إلى عدم استتباب الأوضاع الأمنية والإنسانية بدارفور، وتضمن تقرير بعثة الاتحاد الأوربي معلومات وصفتها الحكومة بالمغلوطة عن زيادة أعداد اللاجئين والنازحين، والوضع الإنساني في السودان، وهو كلف البعثة استدعاء ممثلها من قبل إدارة السلام والشؤون الإنسانية التي احتجت على التقرير ورفضت ما جاء فيه جملاً وتفصيلاً .
تحريض النازحين
الدكتور “يوسف بخيت” ممثل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الأسبق وحاكم إقليم دارفور الأسبق، يرى أن زيارة وفد مجلس الأمن والسلم الأفريقي لدارفور تأتي لتقييم أوضاع النازحين في الوقت الراهن، وما يمكن أن يحدث لهم في حالة خروج (اليوناميد) من دارفور.  واعتبر “يوسف بخيت” الذي تحدث لـ(المجهر) أمس أن لقاءات المجلس مع المسؤولين في الدولة شكلية سيما في ظل موقف الحكومة المعلن الذي يرى ضرورة خروج اليوناميد اليوم قبل الغد. وأشار “بخيت” إلى أن قيادات حركات التمرد حرضت النازحين في المعسكرات على الاحتشاد بشكل كبير أثناء زيارة وفد المجلس لهم وتقديم معلومات تزعم تهديد بقائهم في حالة خروج اليوناميد. وأكد “بخيت” أن الجميع ساهم في أن يصل الوضع في دارفور إلى هذا الحد، وبخاصة في محور النازحين الذي فشل الجميع في إعادتهم إلى قراهم، معتبراً أن مكتب سلام دارفور يتحمل الوزر الأكبر في هذا الملف خاصة أنه ظل بلا هدف واضح. ومضى “يوسف بخيت” ليقول إن المحور الأساسي من زيارة مجلس السلم والأمن الأفريقي هو هل ستستمر يوناميد في دارفور أم ستخرج .
سيناريو اتجاه واحد
وفي خطوة تقرأ في سياق السيناريو الذي يجري ترتيبه من قبل عدة أطراف لاستمرار بقاء قوات اليوناميد في دارفور، عقد الممثل الخاص المشترك لبعثة (يوناميد) “ابيدون بأشوا” اجتماعاً استمر ليومين مع رئيس حركة العدل والمساواة “جبريل إبراهيم”، ورئيس حركة تحرير السودان “عبد الواحد محمد نور”، ورئيس تحرير السودان “مني أركو مناوي” بالعاصمة الفرنسية “باريس” في يوم (السبت) الماضي 16 أغسطس 2015، حيث أشار قادة حركات التمرد الثلاثة في تصريحات عقب الاجتماع إلى أهمية الدور الذي تقوم به (يوناميد) في دارفور من أجل حماية المدنيين وعمال الإغاثة على الأرض. وقالوا إن البعثة لديها الوسائل والخبرة للتوصل إلى حل سياسي للصراع، حيث قال رئيس حركة العدل والمساواة “جبريل إبراهيم”: (نحن نسعى لآلية تسمح لبحث ملفات السلام)، لافتاً إلى أن يوناميد لديها الوسائل والمعرفة لتحقيق تقدم في هذا الصدد، بينما أكد “عبد الواحد” صراحة دعمه ليوناميد لدورها في حماية المدنيين في دارفور، مطالباً مجلس الأمن بتوسيع ولاية البعثة من حفظ السلام إلى صنع السلام. وشدد على أنه يجب أن يبدأ السلام بالأمن وحماية المدنيين، وينبغي أن يكون شاملاً على الرغم من خصوصية الحالة في دارفور.
خلاصة الزيارة
وأخيراً ينتظر أن يكون لزيارة مجلس السلم والأمن الأفريقي انعكاسات واضحة على الوضع في دارفور فيما يلي قضية اليوناميد التي تنازع الحكومة لإخراجها من السودان، وربما يكون تقرير وفد المجلس الذي سيعده عقب الزيارة هو الفاصل في مسألة بقاء اليوناميد من عدمها، خاصة وأن الآلية الثلاثية المشتركة (الحكومة ـ الاتحاد الأفريقي ـ الأمم المتحدة) ستعقد اجتماعاً في “نيويورك” في سبتمبر المقبل، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن ألغي اجتماعان في يوليو  بأديس أبابا، وقبله في مارس بالخرطوم، وربما يخرج ذلك الاجتماع بقرار بشأن يوناميد التي تنتظر الحكومة خروجها بفارق الصبر باعتبار التطور المحرز في إقليم دارفور، بينما تسعى أطراف أخرى منها ما هو معروف ومنها من يعمل في الخفاء على بقاء يوناميد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية