" نادر خضر ".. شهادة مختلفة لإنسان مختلف!!
{ رحل عن دنيانا الفانية الفنان الصديق الرقيق “نادر خضر”، في حادث مروري مفجع، واختطفته المنون مغادراً كلمح البصر إلى دار الخلود بإذن الله.
تعرفتُ على العزيز “نادر” عن قرب خلال السنوات الخمس الأخيرة، فكان نموذجاً مختلفاً جداً عن أبناء جيله والأجيال التي تلته، فهو شاب مهذب، مؤدب مثقف، يعرف كيف يتحدث، وماذا يقول، ومتى يرد وبكل لحترام ووقار.
{ وكنتُ وما زلتُ أقول إن كثيراً من نجوم بلادنا، في مجالي الفن وكرة القدم، لا يحسنون الحديث، ولا يجيدون التعبير، ولايعرفون أبجديات المخاطبة في المناسبات العامة أو عبر أجهزة الإعلام المقروءة، المسموعة والمرئية، مما يعرضهم للوقوع في مشكلات مستمرة مع زملائهم في الوسط الفني خاصة، أو حتى مع جمهورهم الذي بقدر حبه لهم، إلا أنه – بلا شك – يشعر بالضيق والإحباط عندما يطالع تصريحاً أو يتابع مقابلة تلفزيونية مع فنانه أو نجمه المفضل، ويجده يتعسر في الحديث ويخطئ في التعبير أو بلغة الشارع (يرمي في الدراب)!
{ لكن العزيز الراحل “نادر خضر” كان مثقفاً ومحدثاً لبقاً، وهذا ميّزه على أقرانه وكثيرين ممن سبقوه، وجميع من أتوا بعده، أقولها بكل ثقة وصدق، وقد كان يعجبني بهذه الصفة، فضلا عن قدرته التطريبية العالية، لأننا يجب أن نفخر بفنانينا وفناناتنا المثقفين والمثقفات، على قلتهم، إذ ما زال الناس يستشهدون بالأستاذ الموسوعة “عبد الكريم الكابلي”، ويقدرون لنقيب الفنانين المحترم الأستاذ “حمد الريح” إشراقاته ومحاولاته لتطوير مهنة الغناء والموسيقى في السودان.
{ مات “نادر خضر” ذات الميتة الفجيعة التي اختارها الله لصديقه الأغلى وخله الوفي الراحل ابن الزعيم “محمد إسماعيل الأزهري”!! فقد مضى الاثنان إلى الدار الآخرة في حاث مروري وفي ساعات الفجر الأولى!! يا سبحان الله!!
{ قبل ثلاث سنوات، وفي ليلة رمضانية، زارني المرحوم “نادر” بمكتبي بصحيفة (آخر لحظة)، وفي نهاية الجلسة ألحّ علي في حضور إحدى حفلاته في واحدة من الخيم الرمضانية، فاعتذرت له بلطف، لكنه أصر وما زلتُ أذكر كلماته في أذني (يا رجل.. إنت ملك عام.. إن لنفسك عليك حقاً روّح عنها قليلاً )!! استجبت لدعوته الكريمة فكانت ليلة راقية ومحترمة.
{ المرحوم “نادر خضر” لم يكن يتعاطى الكحوليات، هذ العادة (الحرام) والشراب (الهلاك)، التي يظن بعض الغافلين من كبار وصغار الغافلين أنها ضرورة ولازمة من لوازم الفنان!! هدانا الله وهداهم.
{ تقبلك الله يا “نادر”، ورحمك رحمة واسعة، وزاد في حسناتك، وتجاوز عن سيئاتك، وجعلك من أهل اليمين بقدر ما أسعدت الملايين.
{ أنعيك من خارج السودان.. من “الدوحة”، ويؤلمني جداً أنني لم أكن من بين المشيعين لجثمانك والمترحمين على روحك عند مواراتها الثرى، ولكن عزائي وعزائي أن محبيك بالآلاف..
{ إنا لله وإنا إليه راجعون.