رأي

المشهد السياسي

قالها “الحاج مضوي” وظلت باقية..!
موسى يعقوب
 
“الحاج مضوي محمد أحمد” رحمه الله، من الرموز الاتحادية البارزة والمؤسسة للحزب الاتحادي والتي لها دورها فيه وفي عضويته البرلمانية وتمويله. فقد كان أحد تجاره ورجال أعماله ومن عاشروا قياداته وعرفوهم عن قرب.
تأسيساً عليه في رجب – أبريل 1985م، عندما سقط نظام المشير “نميري” وقد كان من أبرز معارضيه، كانت له كلمة أو شهادة لا تزال أثارها ونتائجها باقية. ذلك أنه قال يومها والحزب يواجه مرحلة جديدة من العمل السياسي والحزبي والمنافسة.
لم يبق لنا الموت زعيماً أو قائداً..
أي أن الحزب بات يعاني من غياب
الرموز الحزبية ذات الألق والجاذبية
والقدرة على تجاوز الأزمات والمطبات..!
وذلك حق، فسنوات الستين والسبعين والثمانين من القرن الماضي ذهب فيها دون ترتيب “مبارك زروق” و”الأزهري” و”حسن عوض الله” و”نصر الدين السيد” و”يحيى الفضلي” وصولاً إلى “الشريف حسين الهندي” – آخر تلك الشلة القيادية البارزة ذات الزخم والألق والجاذبية الشعبية.
لقد تأثرت يومها وأنا كاتب عمود سياسي يومي بما قال “الحاج مضوي محمد أحمد” فخصصت له عموداً أطريت فيه ما قال الأمر الذي جاءت حقبة ما بعد الانتفاضة في رجب – أبريل لتؤكد عليه.
فالحزب الوطني الاتحادي – حزب الأغلبية في برلمان ما بعد الجلاء ورئيس الحكومة الأولى بعد الاستقلال وقبله كانت حصته في الجمعية التأسيسية الثالثة في المرتبة الثانية بعد حزب الأمة القومي الذي نال أكثر من مائة مقعد وحصل الاتحادي على بضع وسبعين مقعداً أي أكثر من الجبهة الإسلامية القومية بقليل.. بل حصة الجبهة من النواب في الخرطوم كانت الأكبر من حصة الحزب الاتحادي الذي كان لا ينافسه أحد في ذلك المقام.. وفي دوائر الخريجين أيضاً التي استأثرت بها الجبهة الإسلامية على الأحزاب الأخرى التقليدية والعقائدية، وما ذلك كله وغيره بتقديرنا إلا بسبب أن الموت لم يبق للحزب الوطني الاتحادي قائداً أو زعيماً ممن عرفوا على نطاق واسع بعد مؤتمر الخريجين والاستقلال كما روى قطب الحزب الراحل “الحاج مضوي محمد أحمد” الذي عرف بصراحته وشجاعته في النطق بالحقيقة..!
فمن ينظر إلى واقع الحال اليوم وحسب ما جرت به الصحف وطفحت يجد أن قائمة الموت التي ذهبت بالسيد “أحمد الميرغني” الذي كان له وضعه ووقعه في البيت “الميرغني” وفي الدولة السودانية والوطن، وبـ”الشريف زين العابدين الهندي” و”أحمد السيد حمد” و”الخليفة حمد كمبال” و”محمد زيادة حمور” و”الحاج بشير النفيدي” و”أحمد محمد يس” وغيرهم، يجد أن الموت (فعلاً) لم يبق للحزب من يذكرونا من الرموز عند الملمات والأزمات.
السيد “أحمد الميرغني” شقيق السيد “محمد عثمان الميرغني” الصغير والذي كان رئيس مجلس السيادة بل وقبل ذلك قبلة أهل الحزب والطائفة والأسرة والوطن ورفاق السياسة، كان يمتاز بالحكمة، وخير شاهد على ذلك أنه عندما حدث التغيير في 30 يونيو 1989م، وكان في الخارج لاذ بمنزل والده بالإسكندرية ولم ينخرط في ركب المعارضة ملتزماً بأن منصبه السابق كرئيس دولة ووطن لا يسمح له، فظل على سمته ذاك حتى عاد إلى البلاد في نوفمبر 2001م، وأدركته منيته في نوفمبر 2008م، رحمه الله.
وفي سياق الزعامات والقرارات الوطنية نذكر الخلاف الذي فرق بين الحزب الاتحادي بزعامة “الأزهري” وحزب الشعب الديمقراطي بقيادة الشيخ “علي عبد الرحمن” الذي انتهى إلى حزب واحد هو الحزب الوطني الاتحادي الديمقراطي. بل وبعد الخصومة مع “الميرغني” (الأب) كان الزعيم الاتحادي يحيى الفضلي” يقول:
كان السيد “علي الميرغني” في اريحيته كالشجرة التي نلقي عليها بـ(الحجار) وتساقط علينا الثمار..
اليوم وبعد مرور كل هذا الزمن الطويل الذي لم يبق فيه الموت نجوماً في سماء الاتحادي – إن جاز التعبير نسأل.. وربما يسأل “الحاج مضوي محمد أحمد” في قبره هل يقوم أبناء الأسرة السيد “محمد الحسن الميرغني” والسيد “إبراهيم الميرغني” وغيرهما من الزعامات الحالية بما قام به الأوائل – “الأزهري” و”الشيخ عبد الرحمن” رحمهم الله جميعاً – أم يمضي الحال على ما هو عليه وزيادة كما تقول تصريحات وإفادات السيد “إبراهيم الميرغني” الذي يقول إنه الناطق باسم الحزب..؟ كلمة “الحاج مضوي” فيما يبدو باقية والأمر لله من قبل ومن بعد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية