ضربات شمس قاتلة.. في عز الخريف !!
حصدت عشرات الارواح
تقرير – فاطمة عوض
الارتفاع الكبير في درجات الحرارة الذي شهدته ولايتي الشمالية، والبحر الأحمر، غير مسبوق ومخالف لمناخ بقية الولايات التي تشهد هذه الأيام موسم الخريف وهطول الأمطار الغزيرة، وأدى ارتفاع الحرارة إلى حدوث إصابات ووفيات بضربات الشمس وصلت إلى 15 حالة وفاة في حلفا، و 6 حالات إصابة بالمرض في البحر الأحمر ، وأدت – مؤخرا – الى وفاة أحد المصريين القادمين من مصر إلى السودان ظهر (السبت) المنصرم، في مدينة حلفا بالولاية الشمالية، نتيجة لإصابته بضربة الشمس، وأعلنت السلطات إصابة شخصين بوحدة عبري ،أحدهما إثيوبي الجنسية، وتم إدخاله العناية المكثفة وحالته الصحية مستقرة.
هذا التطور فى ارتفاع درجات الحرارة ، في شمالي البلاد ، وماترتب عليه من نتائج ، دفع السلطات المحلية الى اتخاذ العديد من الاجراءات والتدابير الوقائية ، بعد أن شهدت خلال اليومين الماضيين ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة، حيث بلغت عند ساعات النهار 48 و47 درجة مئوية.
الصحة تحذر
في غضون ذلك دفعت وزارة الصحة بتحذيرات للمواطنين من التعرض لأشعة الشمس لساعات طويلة ونصحت بضرورة الإكثار من شرب الماء والسوائل والاستحمام، وسارعت بابتعاث فرق صحية للمناطق المتأثرة بالمرض للوقوف على الأوضاع الصحية وتقديم التدخلات اللازمة.
وأدى الارتفاع الشديد في درجات الحرارة بمحلية حلفا بالولاية الشمالية لوفاة 15 شخصاً خلال 48 ساعة، وأوضحت مديرة الشؤون الصحية بالمحلية، أن ضربات الشمس المباشرة تسببت في الوفيات.
وأغلقت محلية حلفا المدارس لمدة أسبوع، وقلّصت ساعات العمل إلى ساعتين في الفترة الصباحية، بعد أن شهدت خلال اليومين الماضيين ارتفاعاً كبيراً في درجات الحرارة، حيث بلغت عند ساعات النهار 48 و47 درجة مئوية. وقالت مديرة الشؤون الصحية بمحلية حلفا، “سعيدة عبد الوهاب” إن ارتفاع درجات الحرارة تسبب في وفاة 13 شخصاً 6 منهم لقوا حتفهم خلال يومي الثلاثاء والأربعاء بمستشفى حلفا بعامل ضربات الشمس، بينما توفي 3 آخرون في الخلاء، و4 داخل المدينة بضربات الشمس المباشرة .مطالبة المركز بإيفاد أطباء للمساعدة في علاج الحالات المتكررة.
وأوضحت أن معظم المتوفين من كبار السن، وهم مصابون بأمراض مزمنة.
وناشدت “سعيدة”، السلطات الولائية والمركزية، بإمداد المحلية بمزيد من الأطباء للمساعدة العاجلة في علاج الحالات المتكررة، كما طالبت إدارة مستشفى حلفا بعمل غرفة خاصة للمصابين بضربات الشمس. وحذّرت المواطنين من التعرّض لأشعة الشمس المباشرة ونصحتهم بتناول السوائل من المشروبات والعصائر، والإكثار من شرب المياه الباردة.
وأوضحت أن السلطات قلّصت ساعات العمل إلى ساعتين في الفترة الصباحية تبدأ من الثامنة وتنتهي في العاشرة، وإلى 4 ساعات في الفترة المسائية تبدأ من السادسة وتنتهي في العاشرة.
الوقاية خير من العلاج
وقال مدير عام وزارة الصحة بالبحر الأحمر د. “الفاتح الربيع” لـ(المجهر): أن ضربات الحرارة تكثر عادة في فصل الصيف أو فصل أشعة الشمس الحارقة ولتفادي ضربات الحرارة يجب تذكر القاعدة الطبية القائلة بأن (الوقاية خير من العلاج)، لأن قاعدة الوقاية تعتمد على شيئين، أن تعرف السبب، وأن تدرك كيفية علاجه بالوقاية ،وكلاهما متوفر في موضوع ضربات الحرارة ويمكن تطبيق القاعدة هنا بسهولة، فالسبب أشعة الشمس الحارقة، والوقاية هي اتقائها .وأضاف مع ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة يحدث ارتفاع في درجة حرارة الجسم وتصل إلى 40 و41 درجة، لافتاً إلى أن أعراض المرض تتمثل في الحمى والصداع والطمام وحالة أشبه بالغيبوبة وآلام في المفاصل مما يؤثر على مركز الحرارة في المخ وحاسة الشم والسمع، وينعكس سلباً على الجلد (نشفان الجلد) وانعدام التعرق مما يؤدي إلى حدوث خلل في الغدد العرقية وفقدان السوائل والأملاح. وقال إن ذلك يؤدي لهبوط في الدورة الدموية ومن ثم الدخول في غيبوبة تصل للوفاة وتوقف القلب والفشل الكلوي بسبب المضاعفات، وأكد أن أكثر الفئات عرضة لضربات الشمس هم عمال الشحن والتفريغ بالميناء والعتّالة وعمال الأفران والباعة المتجولون والعاملون في الميادين، إضافة لأصحاب الأمراض المزمنة والضغط والسكري والأمراض المنسية. ونوه إلى استقرار الأوضاع بولايته وأشار لإصابة 6 اشخاص بضربات الشمس ببورتسودان بسبب ارتفاع درجات والرطوبة والتي وصلت 44 درجة مؤكداً معالجة الحالات وخروجها من المستشفى .
وكشف “الربيع” عن استعداد وزارته لأمراض الصيف للتدخل العاجل في حالة ظهور أي طارئ، مشيرا لافتتاح مركز جديد لضربات الشمس في مستشفى الحوادث يقدم خدماته مجاناً للمرضى وجميع الفحوصات .وارجع “الفاتح” تحويل مركز ضربات الشمس لأمراض السرطان والأورام نسبة لتزايد عدد الحالات ولتقليل سفر المرضى للخرطوم ومدني، لافتاً إلى موسمية ضربات الشمس، مما دفع الوزارة لافتتاح عنبر كبير داخل مستشفى الحوادث لاستقبال الحالات. وقلل “الفاتح” من حالات ضربات الشمس ،وأكد عدم ارتفاع حالات الإصابة ،بالرغم من ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع الرطوبة نسبة لوعي المواطن بالوقاية من المرض، وتقديم الإسعافات الأولية حال ظهور أعراض المرض.
وقالت وكالة السودان للأنباء إن السلطات المحلية بحلفا اتخذت عدداً من الإجراءات لإخطار ذوي المتوفى المصري ،وتسليم جثمانه للسلطات المصرية بمعبر أشكيت.
من جهة أخرى، أصيب شخصان بضربة الشمس بوحدة عبري التابعة لمحلية حلفا، أحدهما مواطن سوداني تلقى إسعافات أولية، واستجاب للعلاج، ويتمتع بصحة جيدة ،والآخر إثيوبي أدخل العناية المكثفة، ووصفت حالته بالجيدة والمطمئنة.
وزار وزير الصحة بالولاية الشمالية “الشيخ أحمد بابكر” المستشفى، واطمأن على الإجراءات التي اتخذت تجاه المصاب الإثيوبي.
وكان والي الشمالية المهندس “علي عوض محمد” قد عقد اجتماعاً بمجلس أمناء مستشفى عبري ،في إطار زيارته التفقدية لمحلية حلفا. وبحث الاجتماع إمكانية تطوير المستشفى وترفيعه. وأكد الوالي اهتمام الدولة بصحة المواطن، ووعد بالعمل على تحقيق مطالب المنطقة في المجالات كافة.
كيف يتم التحكم بحرارة الجسم؟
إن الجسم البشري يستمد حرارته من التمثيل الغذائي بالخلايا.. ولو ظلت الخلايا تنتج حرارة دون أن يفقد الجسم الجزء الزائد.. لارتفعت الحرارة إلى درجات عالية وتسببت بأضرار جمة، ولكن الله تبارك وتعالى وهب الإنسان جهازاً ذاتياً بالمخ ،هو الذي ينظم حرارة الجسم الإنساني عند معدل ثابت حوالي 37ْم. وهذا المركز يتحكم في الجهاز العصبي اللاإرادي المسؤول عن تنظيم الحرارة بحفظ التوازن الحراري للجسم، ارتفاع درجة حرارة الجو المحيط بالجسم ينبه الخلايا العصبية بالجلد فترسل إشارات عصبية لمركز تنظيم الحرارة بالمخ .
وبسبب هذين العاملين يقوم هذا المركز الحيوي بالمخ عن طريق الجهاز العصبي اللاإرادي السيمباثاوي، بأن تتسع شرايين الجلد ويزداد دوران الدم الذي يؤدي إلى تسخين الجلد. ومع وجود تيار هواء يفقد الجلد الحرارة ، وهكذا إلى أن يعود الدم إلى حرارته العادية، وتنخفض درجة حرارة الجسم.
أعراض المرض
من اهم اعراض المرض هو الإصابة بأعراض (إكلينيكية) متعددة، بسبب التعرض لحرارة مرتفعة مدة طويلة. وهي تؤدي إلى موت خلايا أنسجة متعددة بالجسم، مع فشل مراكز المخ الحيوية ، والتي تقوم بعمل التوازن الحراري المعتاد بسبب الحمل الحراري الزائد، وبالتالي اختلال الجهاز العصبي، مع ارتفاع درجات حرارة الجسم، وقلة إفراز العرق. وضربة الحرارة تعتبر من الحالات التي تستدعي إسعافاً عاجلاً.