رأي

النشوف اخرتا

أجرة القتل
سعد الدين ابراهيم
في خطبة الجمعة ذكر الإمام في واحد من مساجد الثورة بأم درمان عن وفاة شقيقته في واحدة من المستشفيات الخاصة حسب ما أشار، تم معاملة الأمر بأهمال لم يحضر الطبيب إلى أن توفيت المرأة ولم تقدم لها المستشفى سوى (الرقاد) ولم يحضر الطبيب الا بعد الوفاة ومع ذلك طالبوهم بأجرة الطبيب الذي لم يفعل شيئاً سوى استخراج شهادة الوفاة.. وحكا زميل الإمام في مستشفى خاص آخر أن الطبيب أجرى العملية لمريضهم ولما خرج من حجرة العمليات هنأهم بنجاح العملية وركب عربته وذهب ليخبرهم بعد وقت من الزمن الممرض بأن مريضهم توفي أثناء العملية .. المشكلة أساساً في نظام الخصخصة المطلوق.. الغريبة أنك حين تلتقي بالمسئولين في تلك المستشفيات لا يتورعون في الاعتراف بالهدف التجاري وإن من حقهم المطالبة بأجر الخدمات التى يقدمونها وأنهم لم يضربوا المريض على يده ليتعالج عندهم فقد أتى بمحض إرادته، وهذا منطق مقبول تجارياً في زمن الخصخصة الهوجاء .. فالتحرير الاقتصادي والخصخصة هدفهما إتاحة الحرية للعمل ومنع احتكار الدولة وذلك ينعكس على المواطن بخير في مجتمع الخصخصة الحقيقية إذ تقضي على الاحتكار والغلاء وتتيح تقديم أفضل الخدمات للمواطن وبسعر معقول لأن الخدمة العرض فيها أكثر من الطلب إن لم يكن موازياً له .. لكن نحن طلقناها طلقة تيس (سيدي) الشهير فاستمر الاحتكار ولكن ليس للدولة بل لبعض الأفراد في سوق الله اكبر.. فظل الاحتكار موجوداً وعائده لن يذهب إلى الدولة وذلك كان فيه فائدة للمواطن إذ تكون الدولة والد المواطنين الذي يصرف عليهم ..
يحيرني نظامنا الاقتصادي فلا هو نظام اشتراكي ولا هو نظام رأس مالي بل هو مرات إقطاعي ومرات شيوعي قابض ومرات رأس مالي جشع بشع، عموماً المعادلة بالنسبة لي بسيطة وربما ساذجة .. فأنا أدخل المطعم لأتناول طعاماً فإذا لم أتناول الطعام فبالضرورة لن أدفع شيئاً وأنا أركب الطائرة لكي أصل إلى مكان ما فإذا ركبت الطائرة ولم تفلح في الاقلاع فسأسترد حتماً ثمن التذكرة .. وربما إذا شكوت شركة الطيران سأربح تعويضاً عن التأخير.
قياساً على ذلك أنا أذهب للمستشفى (خاص أو عام) لكي أتعالج من المرض فإن لم يتم علاجي فبالضرورة يجب أن لا أدفع.. أما إذا مت فهذه تعني الفشل في علاجي وهو الخدمة التي أدفع لأجلها وينبغي أن يدفع المريض فكيف يدفع الميت الأجرة؟ ألا تخجل إدارة المستشفى أن تطالبني بدفع رسوم لمريض أوصلته إليهم حياً وأعطوني إياه ميتاً .. صحيح المستشفى بذلت جهداً في العلاج ولكنه نفس الجهد الذي بذلته شركة الطيران لإصلاح طائرتها التي لم تقلني إلى وجهتي.. ونفس الجهد الذي يبذله صاحب المطعم لإطعامي ولكنه لم يتمكن من ذلك.
عووك يا بلد أصحي..
 صرخ المواطن آآخ ما بحّ فيك صوتو..
جاتو الكفوف طاخ طاخ..
يدفع تمن موتو
عووك يا بلد فيقي..
عووك يا بلد أصحي
وضارف كتير ياخوي ..
على وضعك الصحي
ما تمشي مستشفى
 وتدي الأهل ردحي ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية