السيد "الحسن" و"إبراهيم الميرغني".. معركة الضدين
بقلم – عادل عبده
المنازلة العاتية بين السيد “الحسن الميرغني” رئيس قطاع التنظيم بالاتحادي الأصل و”إبراهيم الميرغني” الناطق الرسمي باسم الحزب لاحت بوادرها على الأفق البعيد، فهي معركة شرسة من نوع جديد كسرت بعد طول صبر تقاليد البيت الميرغني الكريم القائمة على إحداثيات إخفاء التباعد والخلافات، فالواضح أن “الحسن” و”إبراهيم” نقيضان لا يجتمعان مثل المشرق والمغرب، وقد حاول كلاهما خلال الفترة الفائتة منع التصادم الظاهر بينهما غير أن مجريات الأمور في الاتحادي الأصل المثخنة الجراح والكالحة الصور والملامح حالت دون ذلك.
كان “إبراهيم الميرغني” يملك معلومات صادقة وصحيحة تفوق الكثيرين عن السيد “الحسن” من ناحية قدراته السياسية وتركيبته النفسية والمزاجية وكيف سيتعامل مع المؤتمر الوطني، لكنه فضل الصمت حتى يكون الحكم عليه من خلال شواهد الواقع، وبالفعل صدق حسه عندما سلم حزبه إلى بطارية الإنقاذ!! وجسّد واقعة الثور في مستودع الخزف، ومن ناحيته حارب “الحسن” حراك “إبراهيم الميرغني” في الحزب وقطع الطريق على نجوميته التي ظهرت في الإعلام وزيارات الأقاليم بل وقام بتسليم موقعه التنظيمي كناطق رسمي إلى أحد أنصاره.
على باحة الاتحادي الأصل تنطلق معركة الضدين على مسارها الابتدائي بين “الحسن” و”إبراهيم الميرغني”.. فمن الذي يكسب؟ ومن الذي يخسر؟.. ها هو “إبراهيم الميرغني” يعلن بالصوت العالي بأن مولانا “محمد عثمان الميرغني” رئيس الحزب قرر إعادة جميع المفصولين إلى أسوار الاتحادي الأصل وأمرهم بمزاولة نشاطهم على الفور، بينما تمترس “الحسن” بموقفه الرافض للخطوة مبيناً بأن قرار الفصل ساري المفعول!!.. ومن هنا تلوح مفاصل المعركة السياسية الحانية بين الرجلين.. من الذي يحوز على دعم “محمد عثمان الميرغني” في هذه القضية؟؟.. وكيف ينتهي هذا المشهد المليودرامي الذي حير الكثيرين؟؟ فالشاهد بحسابات المنطق أن “إبراهيم الميرغني” لا يمكن أن يفصح عن تلك الإجراءات إذا لم ترد على لسان مولانا علاوة على ذلك ما هو سر عدم وصولها مباشرة إلى “الحسن” إذا كان صحيحاً ما ذكره؟؟
الحلقة المفقودة تؤجج الهشيم بين أبناء العمومة في البيت الهاشمي وبذات القدر تفرض على مولانا الأب مزيداً من الشفافية والوضوح، فـ”الحسن” يراهن على صيغة كسب الوقت وإغاظة خصومه في الحزب وأن تلك القرارات لم تصله بينما “إبراهيم الميرغني” يستند على ملامسته المباشرة على وتر الموضوع من زعيم الحزب وصاحب القرار النهائي.
معركة الضدين بين السيد “الحسن” و”إبراهيم الميرغني” ربما تترك دخاناً كثيفاً على العديد من المسارات إذا كانت عالية الوتيرة وقد تترك ظلالاً غاتمة على الحزب إذا كانت قصيرة الوتيرة، فـ”الحسن” يهدد بفصل “إبراهيم” من خلال عبارات حاسمة بينما يحاول “إبراهيم الميرغني” إغلاق باب النفق المظلم الذي دخله “الحسن”.. مواقف القيادات المفصولة الرافضة للقرار صارت متجانسة مع خطوات “إبراهيم الميرغني” الذي أصبح قيماً على قضيتهم بينما “الحسن الميرغني” يشتكي منه حتى الذين دخلوا معه إطار المشاركة، وهنالك من يرى أنه أخفق في تصعيد بعض الأعضاء في المواقع الدستورية أنه لا يحمل مشروعاً سياسياً محدداً في دخوله للحكم.
معركة الضدين ستكون ملحمة جبارة تفصل بين حالة اليأس والغموض والتطلع إلى أبواب الأمل.. وطاولة المنازلة لا تحتمل المناورة السياسية والإرباك المشهود فـ”الحسن” يريد إزاحة “إبراهيم” للاستمرار في طريق السلطة وتحقيق أحلامه الواسعة و”إبراهيم” يريد أن يحدث الحسم في الإطار المحدد بعيداً عن الزعيق والانتقام في ظل المحافظة على الإرث الظليل.