مسألة مستعجلة
الأورنيك الإلكتروني .. احذروا من الفساد المضاد!
نجل الدين ادم
تحصيل الرسوم عبر الأورنيك الإلكتروني باتت سياسة دولة للعبور إلى مرحلة الحكومة الإلكترونية، لكن ثمة إشكالات ما تزال تقف عائقاً أمام تنفيذ البرنامج بالشكل المطلوب، على رأسها ضعف البنية التحتية المعنية بالتنزيل، سواءً كانت الأجهزة التي تستخدم والتقانة المستخدمة وغياب التدريب والتأهيل بجانب جهل المواطن بتفاصيل ما سيقدم عليه، لا يختلف أحد مع وزارة المالية في الأورنيك الإلكتروني شانه أن يغلق كل منافذ الفساد المستشري من جراء استخدام الأورنيك الورقي، ولكن ما لم تتحسب له وزارة المالية بأن هناك فساداً مضاداً من جراء استخدام الأورنيك الإلكتروني في ظل جهل المواطن بتفاصيل حقه كأن يحصل على إشعار باستلام المبلغ مثلاً وهذه غير معلومة.
أمس زارنا في الصحيفة ولي أمر حادب على المصلحة العامة وهو يحمل شهادة استخرجها من وزارة التربية دون أن يعرف هل هناك أورنيك أم لا!، تحدث الرجل عن أن نقاشاً دار مع المتحصل حيث دفع الرسوم وطلب منه التوجه إلى نافذة أخرى لتكملة الإجراءات، وهنا سأل طالب الخدمة عن الإشعار الذي يوضح أنه سدد بالإلكتروني أم لا؟ فما كان من الموظف إلا أن قال له: خلاص سجلنا الرسوم في الموبايل!، المهم في نهاية الأمر سلم صاحبنا أمره إلى الله واستخرج شهادة ابنه دون أن يجد إجابة لأسئلته التي طرحها.
نحن هنا لا نشكك في مخالفة الوزارة للإجراء ولكننا نقف في أنه لا بد أن تكون هناك قرائن أحوال تثبت أو تنفي دفع الشخص للرسوم في حال حدوث أي مغالطة، بالتأكيد هذه مشكلة حقيقة تتطلب أن تنظر إليها وزارة المالية بعين فاحصة فمثل هذه القرارات دائماً ما يكون المواطن الداعم الأساسي لتنفيذها من خلال مراقبته والسؤال عن حقه وإلحاحه على معرفة قانونية الإجراء، لكن للأسف فإن أي مواطن لا يعرف كيف يضمن حقوقه من خلال هذا الانتقال من الورق إلى الإلكتروني، في السابق كان الشخص يقف (ألف) حتى يتم استخراج أورنيك (15) مالي مختوم وحينها يهدأ باله ويكون مطمئناً على أن الأموال التي يدفعها لا تذهب إلى خزائن أخرى وإنما تجد طريقها إلى خزينة الدولة.
هذه الثغرة التي أشرت إليها من شأنها أن تفتح باب فساد أكبر ومقنن ما لم يتم تداركها، كيف ذلك؟ وهي بالتأكيد ستكون منتشرة في عدد من منافذ تقديم الخدمة.. فالإجابة حاضرة من خلال النقاش الذي دار بين ولي الأمر الذي استخرج الشهادة وذلك الموظف دون أن نشكك في سلامة الإجراء، الفساد هنا ربما يأتي من خلال استلام الموظفين للأموال دون أن يسلموا دافع الضريبة إشعاراً بما سدد، ففي هذه الحالة يمكن أن يكون افتراض أن الأموال لم يتم توريدها عبر الأورنيك الإلكتروني حاضراً طالما أنك لا تعطي طالب الخدمة ما يفيد بدفعه رسوماً لذلك.
أغلقوا كل المنافذ التي يمكن أن تدخل شبهة الفساد حتى لا تضيع الأموال العامة وكذلك قوموا بعرض برامج تثقيفية وتعريفية للمواطنين فهم الحلقة المهمة في نجاح البرنامج لأن في جهل المواطن بالإجراءات باب كبير للفساد المصلح وبالتوفيق.