رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان "أحمد محمد حامد الشايب" لـ(المجهر) (1- 2)
الخلاف حول رئاسة “السيسي”.. وتمديد أجل السلطة الإقليمية لعام ليس كافياً
من يصفون “السيسي” بالجهوية في أنفسهم غرض.. وهم يستخدمونها للوصول إلى المناصب
لا أستبعد حدوث صفقة بين السودان وأمريكا بعد اكتشاف الذهب بدارفور
صحيح هناك تجاوزات في الصرف.. لكن له ما يبرره…!!
حاورته- إيمان عبد الباقي
تصوير- شالكا
يعدّ “محمد أحمد حامد الشايب” من القيادات المؤثرة داخل حزبه، فضلاً عن تقلده حديثاً منصب رئاسة اللجنة الاجتماعية بالبرلمان.. التقته (المجهر) في حديث الصراحة الذي تطرق خلاله إلى العديد من القضايا المتعلقة بـ(اتفاق الدوحة) لسلام دارفور، وآخرها تمديد أجل الاتفاق عقب انتهائه في يوليو المنصرم، إلى جانب التعثر الذي صاحب التنفيذ والتحديات والعيوب، إضافة إلى الانشقاق الذي تم بينه وحزب التحرير والعدالة برئاسة “أبو قردة” كطرفين من الأحزاب الرئيسية الموقعة على الاتفاق. ودافع “الشايب” دفاعاً مستميتاً عن الاتهامات التي طالت “السيسي” بتبديد أموال السلطة الانتقالية مقراً في الوقت ذاته بوجود تجاوزات في الصرف، لكنه أكد أنها لا ترقى إلى مستوى فساد، متهماً حزب “أبو قردة” المنشق عن حزبهم بالخروج على المؤسسية.. فإلى مضابط الحوار.
{ أربعة أعوام مضت على (اتفاق الدوحة).. كيف تقيمون الوضع.. نريد جرد حساب لهذا الاتفاق؟
_ طبعاً لا أقول اتفاقية، لكن أقول (وثيقة) لأنها وثيقة دولية بضمانات دولية وهي جزء من التسوية في السودان وملزمة للأطراف الموقعة عليها، وبالطبع لم تنته بمراسم التوقيع.. ثانياً الأطراف الموقعة حريصة على الاستمرار في الوثيقة رغم التحديات والتعثر الذي حدث، خاصة في مجال الالتزام المالي.
{ ما السبب الذي أدى لهذا التعثر؟
_ لأن الحكومة لم تبدأ بتنفيذ التزاماتها المالية إلا في السنة الثالثة.
{ برأيك.. ما هي أهم عيوب الاتفاقية؟
_ واحد من عيوب الاتفاقية، هو عدم (الحكامة) للعلاقات بين الولايات وهي لم تؤطر من خلال لوائح، وإن كانت هنالك مآخذ.. والغيرة السياسية هي التي تولد كمية عراقيل وتخلق نوعاً من عدم التفاهمات بين الأطراف.
{ وما هو سبب التأخير؟
_ سنتان من عمر الاتفاقية انقضتا في تنفيذ الإجراءات، لذلك أثر مشروعات التنمية لم ينعكس منذ الشهور الأولى للاتفاقية، والدولة لم تكن لديها إمكانيات لتوفير المبلغ المقرر دفعه.
{ كم كانت قيمة المبلغ المطلوب؟
_ من جانب الحكومة عليها دفع مليار دولار على أن يسدد باقي المبلغ، (2) مليار، على مراحل حتى السنة السادسة.. الحكومة دفعت فقط حوالي (400) مليون دولار.. وهذا واحد من العيوب التي تحسب على الاتفاق، عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها.
{ وماذا عن الطرف الآخر.. الوسيط القطري.. هل أوفى بالتزاماته؟
_ بالتأكيد.. القطريون أوفوا بكل التزاماتهم، وهم أحرص الناس على الاتفاقية، حتى مؤتمر المانحين الذي تم في الدوحة يفترض أن يكون إحدى الدعامات التي تدعم تنفيذ الاتفاقية.
{ وهل كانت المشكلة في الالتزامات المالية فقط؟
_ التعثر لازم الاتفاقية في أشياء كثيرة، مثل الترتيبات الأمنية واستفتاء دارفور والتنمية وعودة النازحين والمصالحة، وهذه كلها ملفات أساسية وحساسة.. الآن تم التمديد لعام وفي اعتقادي أنه ليس كافياً لتنفيذ الالتزامات، لكن أعتقد أن أكبر مكسب للدارفوريين والسودانيين أن يحدث توازن بين الأقاليم المختلفة فيما يتعلق بالتنمية والخدمات، وفي نفس الوقت إسكات العناصر التي تنادي بذلك.
{ ذكرت بأن السنتين انحصرتا في الإجراءات فقط.. ألا يوجد بنود تم تنفيذها؟
_ هنالك أشياء كثيرة تم تنفيذها.. لكن كانت أشياء أقرب للإجراءات أكثر من أنها مسائل لها مردود اقتصادي وخدمي للمواطن.. المردود الخدمي لم يبدأ إلا في السنة الثالثة للاتفاق.. السنتان الأولى والثانية انتهتا في تكوين السلطة ومقارها وتنزيل السلطة إلى الناس وتكوين ورش عمل.
{ هذا يؤكد ما ذهب إليه البعض بأن اتفاق الدوحة انتهى بمراسم التوقيع وأنه لا يوجد شيء ظاهر على الأرض.. حتى القوى المنضمة للاتفاق ضعيفة؟
_ ليس صحيحاً.. القوى شملت كل الحركات، الحركات التي لم تنضم هي حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان بقيادة “عبد الواحد نور”، وهناك حركات لم تنضم كانت عبارة عن مجموعات منشطرة ولم تكن جزءاً من إطار الاتفاقية.. كل الزخم الذي نسمع به هو حركات منشطرة.
{ الحركات التي تتحدث عنها غير مؤثرة خاصة وأن أكبر حركتين خارج الاتفاق؟
_ قد يكون ذلك قبل خمس سنوات، لكن الآن حركتي “خليل” و”عبد الواحد” وجودهما سياسي أكثر منه وجود عسكري بسبب تعرضهما لانشطارات كثيرة أضعفتهما، حتى أنهما كانتا تأخذان وزنهما من مؤازرة المجتمع الدولي لهما.. والآن المجتمع الدولي يعدّ قضية دارفور وصلت سقفها، وأصبح الاهتمام بالقضية منحصراً في بعض الجوانب التي تخص حقوق الإنسان أكثر من غيرها.
{ لكن ألم يؤثر وجود بعض قيادات هذه الحركات خارج البلاد على السلام؟
_ أي معارض سوداني سواء أكان “عبد الواحد” أو غيره في ظروف التعقيدات السياسية التي يعيشها السودان مؤكد سيؤثر.. لأن كل الحركات مرتبطة بجهات أجنبية.
{ ما نوع التأثير؟
_ عدم المشاركة في الاتفاق يؤثر سلباً بالطبع، لذلك أعتقد أن الاتجاه يمضي إلى أن يكون هنالك حوار أوسع، وهذا واحدة من الحلول بالنسبة الأطراف الآخرين، أن يأتوا ليوقعوا على (وثيقة الدوحة) باعتبارها الأساس.
{ هل لديكم اتصالات في هذا الاتجاه؟
_ نعم.. هنالك اتصالات تتم، بعضها رسمي وبعضها غير رسمي.
{ هل يوجد تجاوب من الأطراف غير الموقعة؟
_ نعم.. هنالك تجاوب، لأن الناس وصلوا إلى قناعة بعدم جدوى الحرب، والمواطن الدارفوري أو السوداني وصل إلى ذلك.
{ هل لديهم شروط؟
_ أي شخص خرج يريد بعض الاحتياجات التي يجب أن تتوفر وبعض الضمانات، خاصة في ظل التعثر الذي صاحب الاتفاقية. وأعتقد أنه كان واحداً من المؤشرات السالبة التي تضعف جهود استقطاب العناصر، فمدى جدية الدولة وإسراع الخطى في التنفيذ هي التي يمكن أن تكون مؤثرة في إقناع الآخرين.. الآن هنالك أناس كثيرون يريدون المشاركة، لكنهم قادمون في شكل مجموعات صغيرة.
{ مثل من؟
_ مجموعات انشطرت من الحركات كانت مع “عبد الواحد” و”مني أركو مناوي”، وحدث هذا نتيجة صراعات وخلافات داخل الحركات.
{ هل حددوا وقتاً لذلك؟
_ لا، لم يحددوا وقتاً، لكن هنالك اتصالات مستمرة.
{ حالياً بعد التمديد.. إلى أي مدى تتوقع أن يظل “السيسي” رئيساً للسلطة الانتقالية؟
_ “السيسي” موجود.. لا نقول كرئيس، لكن بحكم الثقة المتوفرة لديه وهو الموقع على الاتفاقية.. الشيء الآخر كل الموقعين يشكلون فصائل وهذه نقطة قانونية يجب الانتباه إليها. وهنالك فرق بين أن يكون فصيلاً واحداً وبين أن يكون خمسة عشر فصيلاً. “السيسي” يقود من (14-15) فصيلاً. التحرير والعدالة بقيادة “أبو قردة” فصيل منشق عن الحركة الأم.. لذلك هذه المسائل لها أوزان.
{ هنالك اتهام بأن الحركات تسيطر عليها القبلية؟
_ هذه مسألة موجود في تركيبة الإنسان السوداني.. الشخص يعتز بمنطقته وقبيلته، وهذه واحدة من المشاكل التي تشكل تحدياً كبيراً للهوية السودانية وترتبط بالمواطنة.. لكن أنا أبصم بالعشرة، لا يوجد شخص يعرف “السيسي” أكثر مني، عاصرته منذ الصغر.. إنه رجل مثقف وعالم وله تجارب وأفكار، فلا يمكن أن يفسد كل هذا بالجهوية.. من يقولون ذلك في نفوسهم غرض وبعضهم يتخذ من الجهوية معبراً للوصول إلى منصب.
{ هنالك اتهام لـ”السيسي” بتبديد أموال السلطة؟
_ حتى الآن فيما يتعلق بالمشاريع الخدمية الإنتاجية كافة السلطة لم تتسلم أموالاً في يدها، كلها خطابات ضمان من البنوك، التي بدورها تسلم الناس بموجب عقودات، ويحدث فرز بالنسبة للعطاءات من قبل أكثر من (10-12) جهة سيادية اتحادية، ووزارة المالية بوصفها طرفاً، والمفوضية القومية للإيرادات طرف وحكومة السودان طرف.. هنالك جهات متعددة هي التي تقرر وتحدد المشاريع وإرساء العطاءات، فلا مجال للتبديد.
{ هنالك أرقام وملاحظات حول الصرف وردت في تقرير المراجع العام.. ما مدى صحتها؟
_ يمكننا أن نتكلم عن التسيير، لكن هذا في ظروف (وثيقة الدوحة) والتعقيدات التي لازمت قضية دارفور.. هنالك مسائل كثيرة الاتفاقية لم تنظر إليها، وهي المؤثرات والإفرازات الجانبية، من المفترض أن تضع لها معالجات.. أحياناً يحدث تجاوز في الصرف، لكن ليس معناه وجود فساد، لأنه عندما توازن من زوايا ولوائح مالية محضة يمكن أن تقول هنالك صرف خارج بنود الميزانية.. لكن هذا له مبرراته.. وليس هنالك مال يصرف هباء.
{ يعني تصرف في أي اتجاه؟
_ مرات تكون هناك مسائل تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية ومعالجات مرتبطة بظروف الناس الموجودين.
{ هل هنالك مشاريع تنزلت على أرض الواقع؟
_ الآن رئيس السلطة الإقليمية منذ قرابة العشرة أيام يفتتح مشروعات تقدر بـ(315) مشروعاً، وهذه كلها تتصل بالمشاكل في مجالات الصحة والتعليم ودور العبادة والمسائل المتعلقة بالجوانب الخدمية الأخرى، خاصة الذين تأثروا بالنزوح بسبب الحرب، وحتى هذه المشاريع لم يتم إنشاؤها وتركيزها في عواصم الولايات بقدر ما أن (50%) ذهبت إلى الولايات.
{ من أين جاءت هذه الأموال؟
_ من الدعم القطري، ومن المبالغ التي وفرتها حكومة السودان.
{ التمديد لعام.. أهي فترة كافية وهل سيكون لديكم خطة للتغيير؟
_ الخطة موجودة والناس سيقومون بتنفيذها، وهنالك المرحلة (أ) وقد انتهت الآن، والمرحلة (ب) سيُبدأ الآن فيها.. وفي تقديري أن فترة سنة ليست كافية، وأعتقد أن السنتين اللتين انقضتا من عمر السلطة الإقليمية كانتا في إجراءات السلطة وتكوينها وهيكلتها.
{ لاحظنا وجود خلاف حول التمديد لـ”السيسي” مرة أخرى؟
_ الخلاف موجود.. في ناس رشحوا شخصيات أخرى.
{ هل سيكون هناك تغيير لرئيس السلطة؟
_ هذا متروك للموقعين الرئيسيين على الاتفاقية.. لكن مسألة الرئاسة ليست أحلاماً.. مَن الذي لديه مؤهل ولديه سند قانوني.. أصحاب المصلحة متمسكون برئاسة “السيسي”.. الـ(14) فصيلاً.
{ بالنسبة إلى شكل المعالجات السياسية مع المؤتمر الوطني هل أنتم راضون عنه؟
_ نحن رضينا بالمحاصصة باعتبار أن قناعة الطرفين توصلت إلى أن هذا هو الممكن، لكن البطء يلازم مسألة التنفيذ على أرض الواقع.
{ في البداية كانت لديكم اعتراضات؟
_ نحن نعترض عندما يكون هنالك التزام يتم الإخلال به أو التباطؤ في تنفيذه.. يجب على كل طرف الالتزام بما عليه.. نحن عدم رضانا كان بسبب ذلك أما مسألة المحاصصة، فهذه أشياء تحكمها قوتك أنت وكسبك الخارجي، لكل معيار، إذا الطرف الآخر ليست له إرادة للالتزام بما اتفق عليه فهذه ستكون مشكلة.
{ إذن أنتم الآن راضون لكن على مضض؟
_ نحن نقبل ونرى ماذا يحدث.. ولكل حادثة حديث.
{ ماذا بالنسبة لشريككم الآخر الذي اختلفتم معه (حزب أبو قردة)؟
_ هم اختطوا طريقاً وأنشأوا حزباً، وهذا حقهم القانوني والدستوري ونتمنى لهم التوفيق.. ونحن كحزب مستمرون.. وفي النهاية الذي يحكم علينا هو المواطن.
{ ما مدى صحة الحديث عن دمجٍ للحزبين مرة أخرى؟
_ نحن أبوابنا مشرعة ودستورنا، والنظام الأساسي للحزب واضح، ونقبل كل من يرتضي الالتزام بالمبادئ والأهداف.
{ أذن هل خيارات الدمج قائمة أم هو طلاق بائن؟
_ “أبو قردة” هو الذي يجيب عن هذه المسألة، لأنه خرج عن المؤسسية.
{ كيف جاء السيسي الى رئاسة حركة التحرير والعدالة؟
_ هنالك من يدعي أنه جاء بـ”السيسي”، لكن الجنود الخفيين هم قادة المجتمع المدني برئاسة “إبراهيم سليمان” ومجموعة خيرة من أبناء دارفور وغيرها سعوا لتوطين الاتفاق.. د. “يوسف بخيت” و”يحيى مادبو”.. وأذكر أننا أول ناس مشينا الدوحة لنقنع الوسيط القطري بتبني قضية دارفور قبل سنة من ظهور التحرير والعدالة.. د. “السيسي” قدم قبل تكوين الحركة كأحد المعول عليهم .. د. “عوض الجيد” والسفير “محمد الحسن إبراهيم” نائب سفير قطر.. بجانب مؤسسة قطرية لعبت دوراً، هي المؤسسة العربية للديمقراطية.. د. “محسن مرزوق” الآن هو الأمين العام لنداء تونس.. كما كان للحزب الحاكم دور كبير بالقضية.
{ تحدث الناس عن ثروات في دارفور والصراعات الخارجية والداخلية الدائرة بسببها ما نوعها؟
_ (شوفي داير أقول ليك حاجة).. الآن العقد الذي وقعه الروس مع حكومة السودان فيما يتعلق بالتنقيب، صحيح جاء في وقت متأخر جداً لكن بالتقنيات التكنولوجية العالية ووجود أقمار اصطناعية تكشف هذه الإمكانات، والسودان واحد من الدول التي يدور حولها صراع بين الأقطاب الدولية، وأمريكا تعلم أن السودان به كميات ذهب وبترول.. أنا لا أستبعد مع التناغم البطيء وتحسين العلاقات بين السودان وأمريكا الآن أن تتم صفقات (تحت التربيزة).. فالاكتشاف لم يأت بالصدفة.. وهي مسائل معلومة.. وأعتقد أن دخول الروس في توقيع اتفاقية بقرابة ترليون دولار مسألة غير عادية، وهذه الشركات هي شركات حكومية وليست خاصة.
{ في دارفور تحدثوا عن وجود معادن قيمة؟
_ هنالك بترول، ويتم التنقيب في ولايات شرق وشمال دارفور، وتوجد كمية من الحديد والنحاس، وكما ذكرت هذه الموارد الطبيعية الكامنة هي مدخل صراعات ونفوذ دولي.. نحن لا نتوقع أن يتركونا لحالنا، لكن يجب أن ننتبه إلى أن مواردنا نحن من نستفيد منها، ولن نستطيع الاستفادة منها إلا إذا وحدنا رؤيتنا وصارت لدينا ثوابت وطنية من خلالها ننتقل لبناء الوطن.
{ هذا يقودنا إلى دعاوى تتحدث عن أن بعض حركات دارفور تتحدث عن خيار تقرير المصير؟
_ دارفور الآن تشكل (20-25%) من مجموع السكان.. هنالك مسائل كثيرة تدحض هذه المسألة.. أولاً الانتشار الكبير لأبناء دارفور في بقاع السودان، وهذا غير متاح لأي مواطنين في ولاية أخرى.. النقطة الثانية الترابط الاجتماعي بين المكونات الداخلية ومكونات المجتمعات.. الشيء الثالث العوامل الاقتصادية يعني الانتشار الواسع للدارفوريين، ارتبطت به مسائل اجتماعية واقتصادية بعد ذلك هنالك المسائل التي يمكن أن تجمع: اللغة، الدين والتوجه.. هذه كلها عناصر قوة وليست عناصر تفرقة.. ثم أن أهل دارفور إذا رجعنا لقرون هم الذين كانوا يدعون للوحدة، حتى السلطان “تيراب” حين وصل شندي والمتمة كان في إطار وحدة البلد.. هذه كلها احتمالات مزايدات سياسية.. ثم أنك تنفصل عندما تشعر أنك لست جزءاً من قسمة السلطة.. الآن دارفور أخذت نصيبها وحقها مثلها ومثل غيرها.
{ تقسيم الولايات الثلاث إلى خمس.. هذا الأمر خلق أعباء زيادة على الدولة؟
_ الحكم الاتحادي أو اللا مركزي الحالي بكل المقاييس ليس هو الذي يصلح للسودان.. سواء أكان من ناحية الكلفة المالية أو من ناحية التفكك الذي حدث بالنسبة للبنية الاجتماعية. ثالثاً، النعرات القبلية أصبحت جزءاً من المسائل المعقدة جداً في السياسة السودانية، وأصبحت مسألة الجهوية تعلو القومية وهذه كلها أفرزتها مسألة التطبيقات بالنسبة للقانون.. والحكم الاتحادي لم ينزل بمستوياته للمحليات وحتى إذا نزل لا توجد إمكانيات ولا موارد حتى يشعر المواطن بأن هنالك أشياء ملكه يقرر بشأنها ويستفيد منها.. انحصرت السلطة في أيدي الولاة وأصبحوا هم الذين يوجهون مسائل التنمية، وهذا واحد من الأشياء التي عزلت الفكرة العامة للحكم اللا مركزي.. لذلك نحن ننادي بالعودة لنظام الأقاليم تقليلاً للصرف، ويمكن أن تكون هنالك تنمية متوازنة بين المحليات، وستكون هنالك شراكة حقيقية وتبعد الناس عن مسألة الجهوية والقبلية.. نحن نريد حكماً فيدرالياً حقيقياً.
{ الآن بالنسبة للأوضاع الأمنية بالإقليم؟
_ هنالك تحسن في الوضع الأمني عموماً.. لكن نحن لا نتحدث عن أمن كامل ما لم نقم بثلاثة أشياء: الأول هو فرض هيبة الدولة على الأرض، وهذا يعني أن أية قوة سواء أكانت جيشاً أو أمناً أو شرطة، هذه الجهات المعروفة دستورياً هي المسؤولة عن حفظ الأمن.. الثاني، وضع إجراءات وتدابير بالنسبة لجمع السلاح، وعندما نقول جمع السلاح تأتي بعده مرحلة عدم استخدام السلاح في غير موضعه، ثم وضع الترتيبات ثم اتخاذ الإجراءات لنزعه. وهذه مسائل مرتبطة ببعض المسائل السياسية ولابد أن نبدأ الآن.. والأمر الثالث، وهو جانب مهم، توفير وسائل كسب العيش بالنسبة للناس.. السلاح الآن أصبح مدخلاً لاكتساب المال، وأنت كلما وفرت وسائل كسب عيش كلما قللت من مسألة الصراعات وإفرازاتها.
{ بعض الحركات الدارفورية ساندت طرفي الصراع في دولة الجنوب؟
_ هذه حقيقة طبعاً.. وأنا شخصياً أتأسف وأنقل هذا الأسف لكل الحركات الدارفورية التي أصبحت جزءاً من الحرب في جنوب السودان، وأعتقد أننا لم نحترم أنفسنا.. يجب أن يعود الناس إلى عقلهم ويتركوا الجنوبيين لشأنهم.
{ كنت مسؤولاً عن ملف الرُحّل؟
_ أنا كنت في المفوضية القومية لحقوق الإنسان، وهذا كان ملفاً من الملفات.. الرُحّل يشكلون شريحة كبيرة في السودان وأنا عاصرت معاناتهم وجهدهم لتكون لديهم وضعية وكيان، ويكونوا جزءاً من الشراكة في إدارة البلد منذ 1972م.. وأعتقد أنها أكثر الفئات المحتاجة الآن قبل أي وقت مضى لتنمية اجتماعية حقيقية بالنسبة لهذا القطاع المهمل، لكن الآن هنالك جهود من المجتمع الدولي، وهنالك جهود للاهتمام بالرُحّل.. أخيراً الناس التفتوا إليهم في السنوات القليلة الماضية، ولا زال الملف يحتاج إلى جهد كبير حتى نصل إلى مرحلة نجعل منهم شركاء حقيقيين في المجتمع ومستفيدين حقيقيين من الخدمات، ونستطيع انتشالهم من سوء الخدمات وسوء التغذية للأطفال والأمهات.. وآن الأوان لإنصافهم، وهم جزء لا يتجزأ من الوطن.