حوارات

"أنس عمر" والي شرق دارفور في إفادات صريحة لـ(المجهر)

إما فرض هيبة الدولة وبسط العدل ووقف الحرب وإما تقديم استقالتي للرئيس؟؟
وجدت المجتمع منقسماً والحكومة معطلة وحزب المؤتمر الوطني مشلولاً
“أنس عمر” أعيش في الزمن الضائع ولست خائفاً من الفشل واعتقلت (36) من عتاة المجرمين
الحديث عن التنمية ترف ونشرنا قوة قوامها لواء من الجيش والشرطة والأمن لدرء خطر نزاع الرزيقات والمعاليا
الكدمول ممنوع بقانون الطوارئ ولا للفوضى وحمل السلاح
حوار – يوسف عبد المنان
{ ماذا يجري في دارفور الآن؟؟ غادر ولاة المشهد.. وجاء آخرون ودارفور كانت من المناطق التي رفعت صوتها تطالب بحكم أبنائها.. كيف استقبلت الولاة اليوم وأربعة منهم من خارجها.. والاستثناء لثلاثة ولاة فقط في السودان الشرتاي “جعفر عبد الحكم” في زالنجي.. والوالي “أبو سروال” في الدمازين، ومولانا “هارون” في الأبيض.
المشهد الدارفوري الآن هو حالة (اللاسلم واللاحرب) ولكن فوضى المليشيات وآثار المعارك ومخلفات الصراع تقعد بالإقليم المنكوب.. وتواجه حكام دارفور الجديد أزمات قديمة متجددة من صراع قبلي أقعد بالتنمية وهدد الأمن القومي إلى (انفلاتات) في المدن الكبيرة خاصة نيالا التي يفوق عدد سكانها أي مدينة أخرى في السودان باستثناء الخرطوم.
ماذا في أجندة ولاة دارفور وحكامها الجدد وما هي القواسم المشتركة بين زالنجي والضعين والفاشر والجنينة.. وما هي فرص نجاح الولاة الأربعة “عبد الواحد يوسف” الذي جلس على كرسي السلطان المخلوع “كبر”، المهندس “الفكي” الذي ورث ما تبقى من حكم الجنرال “جار النبي”.. والعقيد “أنس عمر” الذي أركبه الزمان سرج الضعين الولاية (المنحوسة)، وفي أقاصي الغرب “خليل عبد الله” حاكم دار أندوكا التي عادت لأحضان المؤتمر الوطني بعد أن ظلت تقع ضمن نصيب الحركات المسلحة في السلطة منذ الفترة الانتقالية وانتهاءً بحكومة “حيدر قالوكوما”.. والمشهد الدارفوري بهذا التعدد.. ثمة ما يجمع بين ولاة دارفور.. وما يفرق بينهما.. ولكن تبقى قضية الأمن وتبعات الحرب وآثارها من القضايا المشتركة بين كل الولايات الدارفورية (المجهر) خلال مرافقتها لرئيس السلطة الإقليمية لدارفور وهو يتجول في الولايات الخمسة التقت بأربعة من ولاة دارفور.. في حديث تشاركناه والزميل الأستاذ “بكري المدني” رئيس تحرير صحيفة الوطن.. كل صحيفة سألت ضيفها بما تراه أولوية.. وخرجت إجابات الولاة كما تنشرها (المجهر) في حلقات عن قضايا الإقليم المثخن بجراح الحرب.
اليوم يتحدث العقيد أمن (م) “أنس عمر” والي شرق دارفور عن هموم ومشكلات الولاية التي شهدت في هذا العام حرباً مأسوية بين مكوناتها (الرزيقات والمعاليا) وربما تكون تلك الحرب من الأسباب التي جاءت بالعقيد “أنس عمر” خلفاً للعقيد “الطيب عبد الكريم”، نصيب شرق دارفور موفور.. فمن بين ثلاثة ولاة تعاقبوا عليها يعتبر د.”عبد الحميد موسى كاشا” هو المدني الوحيد.. ماذا قال “أنس عمر”..
{ كيف جئت لولاية شرق دارفور وهل كنت تتوقع أن ترتقي من محلية المناقل لوالي؟؟
– جئت هنا بقرار من مؤسسات حزب المؤتمر وبثقة القيادة التي تقدر التكاليف.. أنا سياسي وكل شيء متوقع أن ترتقي لمنصب الوالي أو يتم إعفاؤك من التكليف السياسي وتذهب عضواً عادياً في الحزب.. المناصب لا تضيف للإنسان شيئاً ولكنها تأخذ منه.. لم أفاجأ مطلقاً بتعييني والياً.. ولا يشكل منصب الوالي قيمة في حد ذاته.. إذا لم يكن وسيلة لخدمة الناس وحل مشكلاتهم ومرضاة رب العباد.
{ كيف وجدت الوضع في شرق دارفور وكنت في المناقل تسمع عنها الأخبار في وسائط الإعلام؟؟
– جئت إلى هنا.. ووجدت الأوضاع معقدة جداً.. كل شيء في غير موضعه.. الهاجس الأمني يؤرق مضاجع الناس والسلطة وأجهزة الدولة، كل ذلك بسبب الصراع القبلي الذي نشب في هذه المنطقة بين الرزيقات والمعاليا، وبكل أسف هو صراع قديم منذ الستينيات ولم تفلح الحكومات المتعاقبة في حله.. وفي السنوات الخمس الأخيرة تجدد بصورة مفزعة حتى كادت السلطة أن تغيب في شرق دارفور.. حتى الوزراء في الحكومة غير قادرين على أداء واجبهم ومهامهم.. الرزيقي في الضعين لا يستطيع دخول عديلة.. أو أبو كارنكا لأن هناك معاليا.. والعكس، الدستوري من أبناء المعاليا لا يستطيع زيارة الضعين.. وجدت حكومة منقسمة على نفسها.. انقطع التواصل (حكومياً) فكيف لا ينقطع شعبياً؟؟ المجلس التشريعي ظل معطلاً لا يؤدي عمله.. وحتى اليوم معطل.. وربما تعطل لفترة أخرى.. لأن استئناف المجلس التشريعي لعمله رهن بتحقيق السلام، ولكن أنا عازم على تحقيق السلام بين الأطراف.. وهناك خطة لتحقيق السلام والمصالحة.. لا تراجع عن السلام ولا نكوص عن المصالحة.. في مناخ الحرب تحدث التفلتات الأمنية وينشط قطاع الطرق، توقفت الزراعة وقل الإنتاج.. في كل ولايات السودان تفتح الجامعات والمعاهد العليا.. والمستشفيات، نحن هنا نفتح المراكز الصحية.. هذه الولاية في حالة تدهور مريع جداً، إذا كانت مؤسسات الدولة معطلة فالحزب أيضاً يعاني من مرض الشلل في شرق دارفور.
{ أولويات الولاة ما بين التنمية والرفاهية.. والسلام الاجتماعي ما هي أولويات “أنس عمر” في (الضعين) نعني الضعين كعاصمة لولاية؟؟
– أنا لا أكذب على الناس ولن أسوق إليهم الأماني والأشواق في الوقت الراهن لا تنمية سواء طرق أو جامعات فإنسان شرق دارفور خائف على نفسه وعلى زراعته.. وثروته الحيوانية، لذلك أولويات حكومة الولاية هي إشاعة ثقافة السلام والعمل على إحداث تراضٍ بين مكونات الولاية.. وحكومات الولاية تربطها أرحام مشتركة ومصاهرات على مدى التاريخ.. ولذلك الأولوية أولاً للسلام وتطبيع الحياة المدنية قبل عقد مؤتمرات المصالحة.. وقد جئت بحكومة جميع الوزراء من خارج الولاية.. تم اختيار كفاءات من كل السودان.. وأولى ثمرات تكوين الحكومة أن وزير التخطيط العمراني ذهب لأبو كارنكا والتقى بالناس هناك وكذلك وزيرة الشئون الاجتماعية ومعتمد شئون الرئاسة، وذلك بعد زيارتي لمناطق عديلة وأبو كارنكا وقد تم استقبالي بحفاوة من الأهل المعاليا.. وعقدت لقاءات مفتوحة سمعت لكل الناس.. أفرغ الجميع ما في الجوف من رؤى وغسلت تلك الاجتماعات  ما في النفوس من مرارات واستمعت إليهم في صبر شديد حتى قال كل إنسان كلمته.. والآن الأوضاع في تلك المناطق بها استقرار إداري.
{ ما هي الترتيبات الأمنية التي اتخذت.. خاصة فصل الخريف فيه يعود الرزيقات من البحر إلى الشمال ويتخوف الناس من حدوث احتكاكات بين القبيلتين؟
_ على صعيد الترتيبات الأمنية تم نشر لواء من القوات المسلحة والشرطة والأمن لحفظ الأمن إذا اعتدى شخص على آخرين يتم القبض عليه فوراً.. لا مجاملة في أمن البلاد وحتى نضمن أداء القوات القومية من شرطة وجيش وأمن لواجبها دون عواطف تم استبعاد المكون المحلي من تلك القوات أي أن لواء الجيش والأمن والشرطة ليس من بين أفراده رزيقي أو معلاوي.. كل القوة التي تحفظ الأمن الآن من خارج الولاية.. هذه التدابير الأولية اتبعتها حكومة الولاية بعد أول اجتماع لمجلس الوزراء بحزمة قرارات بموجب قانون الطوارئ الذي تم تفعيله الآن وأهم قرارات حكومة الولاية قيادة حملة واسعة على المخالفات التي يرتكبها بعض الأفراد.
{ هل تم القبض على المجرمين الذين يرتكبون حوادث القتل؟
_ منذ إعلان بدء تطبيق الخطة الأمنية تم إلقاء القبض على (36) مجرماً في الضعين والمناطق المجاورة هؤلاء من عتاة المجرمين.
{ ولكن لم يتم القبض بعد على المتورطين في أحداث القتل القبلية؟
_ من بين هؤلاء المجرمين الذين تم إلقاء القبض عليهم هناك متهمين بالمشاركة في أحداث القتل بين الرزيقات والمعاليا وبقانون الطوارئ سوف نلقي القبض على كل مجرم. أنا والي مسئول عن أمن الناس لا أعرف للمتمرد قبيلة ولا للنهاب قبيلة ولا للسارق ومعتاد الأجرام قبيلة وقد وجدت تعاوناً صادقاً من ناظر الرزيقات والآن تم منع لباس الكدمول الذي هو وافد على بلادنا من دولة تشاد.. ويعتبر من مظاهر التمرد على الدولة.. الكدمول يخفي معالم وجه الإنسان لذلك من يرتدي الكدمول يرتكب الجرائم.. ومنعت العربات ذات الدفع الرباعي.. وحظرت على أي سيارة غير مرخصة السير في الطرقات وأي إنسان يرتدي ملابس عسكرية ستتم محاكمته.. وأي إنسان يحمل سلاحاً وهو غير مخول له بحمله تتم محاكمته.. الضعين وأبو كارنكا وعديلة هي مدن يجب تطبيع الحياة المدنية فيها..
{ هناك حديث عن وجود للتمرد وسط القبائل التي تتقاتل؟
_ هذا غير صحيح، الولاية ليست بها حركات تمرد أو معارضة، كل الذين يقاتلون يصوتون للمؤتمر الوطني ولكن حركات التمرد تتخذ من أرض الولاية منطقة عبور لها.. طبعاً في السابق عندما يتم تعيين شخص معين في الحكومة يتصدى بعض الشباب لمعارضة هذا التعيين، الآن كل الحكومة من خارج الولاية باستثناء المعتمدين الذين أيضاً لا يذهبون إلى مسقط رأسهم.. لذلك الحكومة محل رضاء من الشعب.
{ قلت في حديثكم إن المؤتمر الوطني مشلول فكيف تتم إجازة الحكومة وعقد الشورى؟
_ المؤتمر الوطني كأجهزة موجودة ولكنه مشلول لا يستطيع عقد أي اجتماع له إلا أصبح هذا الاجتماع غير قانوني، مكاتب المؤتمر الوطني لا تعمل إلا في المحليات أما على مستوى الولايات فالحزب مشلول ولا يستطيع الرقابة على الحكومة ولا دور له إلا بعد فترة حينما يتم تطبيع الحياة.
{ إلى أين يتم ترحيل المقبوض عليهم من المعتقلين؟
_ كل شخص يتم القبض عليه يرحل خارج الولاية فوراً، الأجهزة الأمنية الآن لديها قوائم بأسماء المجرمين الذين يزكون الصراعات القبلية ويؤججون الصراعات حول ملكية المزارع، هؤلاء مكانهم الحبس والمحاكمة.. إذا لم يحترم الناس القانون وما لم نفرض هيبة الدولة خلال ستة أشهر لا جدوى من بقائنا في الحكم.. هذه مسئوليتي كوالي أما فرض هيبة الدولة وسلطان الحكم وتأمين الناس أو أتقدم باستقالتي للرئيس.
{ كيف قبلت بالعمل في ولاية مثل شرق دارفور؟
_ لم أتوقع أصلاً أن يتم تعييني في منصب الوالي ولكنت حينما عرض علىَّ الأمر وافقت فوراً قناعة مني أن ركوب الصعاب أفضل للإنسان من العيش الرغد والسهل.. لقد عملت في مناطق أكثر صعوبة من دارفور كنت في الجنوب مقاتلاً وإدارياً وسياسياً.
{ تخوفت من التجربة؟
_ أخاف من شنو؟ دارفور هم أهلي.. أنا قضيت عمري في العمليات مقاتلاً منذ الجامعة، الآن أعيش في الزمن الضائع.. وأثق جداً من نفسي ولدي ثقة أكبر في أهلي بالولاية إن الحال سيتبدل إلى الأفضل.
{ ما بين الأمن والسياسة والخطابة؟
_ تقلبت في تكليفات الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، حملت السلاح مقاتلاً.. وعملت في القوات النظامية من الشرطة والجيش والأمن ومارست السياسة منذ الصغر واختياري جاء لتقديرات سياسية.. من سبقني في كرسي الوالي لم يكن فاشلاً أبداً.. كان التغيير لكل ولاة السودان وليس لشرق دارفور وحدها.
{ كيف تم اختيار حكومة شرق دارفور؟
_ أنا لم أشارك مطلقاً في اختيار وزير، الجهات التنظيمية في الحزب هي التي اختارت الحكومة أنا لا أعرف حتى أسماء الوزراء والمعتمدين.. لذلك التنسيق والتعاون والتضحية هو شعار حكومة شرق دارفور من أجل إنسان المنطقة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية