رأي

أيهما أفضل السلطة القابضة أم الانفلات الأمني؟

بقلم – عادل عبده
العقل السياسي الاعترافي في ظل الأوضاع الماثلة للعيان في الساحة السودانية تجاوز مرحلة الخوف والتدليس في سياق المقارنة العادلة حول ملامح الأفضلية بين السلطة القابضة التي تحكم المواطنين بالقوانين الرادعة والإجراءات التعسفية والانفلات الأمني الذي يقضي على الأخضر واليابس بلا هوادة ويحول المجتمع إلى كرة نار تنطلق من مكان إلى آخر تحمل الهلاك والحرائق والدمار.
درجات الخير تسير على سُلم التدرج من الأسفل إلى القمة، وكذلك درجات الشر تسير على سُلم التدرج من الأسفل حتى القمة، ومن هذا المنطلق يكون الفيصل مبنياً على الحسابات الدقيقة التي تنحاز إلى قاعدة (أخف الضررين) التي جاءت في المفهوم العرفاني.
في ثنايا الحكومة الباطشة تطل الشفافية والحرية من كوة صغيرة يمكن أن تنغلق أو تتوسع انطلاقاً من الحالة الظرفية، وبذات القدر يصبح التطوع إلى الرفاهية والنماء معضلة في علم الغيب والمجهول، ويكون منهج الاحتجاج والرفض على الأوضاع المزرية مخاطرة تؤدي إلى نتائج مخيبة للآمال.
وفي حالة انتشار الفوضى الأمنية يمثل القناص الحق والقوة في آنٍ واحد ولا يستطيع المواطن حماية بيته ومتجره بل حتى عرضه من الانتهاك والفظائع.. من خصائص الانفلات الأمني تكون همجية البندقية الطائشة مرجعية الأحوال العامة وتصبح سيناريوهات أحقاد المليشيات نظم الحكم والإدارة في المدن والشوارع.
حياة السكان في ظل الفوضى الأمنية تكون قصيرة على شاكلة أعمار الفراشات من هدير الرشاشات والدبابات وطوفان النيران والقنابل.
أمامنا صورة ليبيا واليمن وتونس.. كم تباكى الكثيرون على ذهاب تلك الأنظمة الباطشة التي كانت تحكم هذه البلاد وقبيل مجئ الربيع!! وفي ليبيا كانوا يعيشون على الوفرة لكنهم محرومون من النوافذ المفتوحة غير أنهم الآن ذاقوا كابوس الدمار والهلاك ولم يجدوا الوفرة والنوافذ المفتوحة.
العقلاء والحكماء يقولون لا تخسر كل الأشياء، بل حاول أن تخسر بعض الأشياء لعلك تسترد العافية وتتطلع إلى تحقيق ما تصبو إليه، ومن يضربك على خدك أفضل من الذي يضربك على رأسك!!
الإجابة الواضحة على السؤال المركزي.. أيهما أفضل السلطة القابضة أم الانفلات الأمني؟؟ تكون الإجابة من ثنايا الواقعية والحكمة دون الارتكاز على الشطط والحماس الزائد، فالمقام عندما يعكس الحالة الظرفية لا تنفعه الهتافات والأماني الوردية، فالقضية المركزية ليست مقارنة بدائع بل المسألة تكمن في اختيار حالتين أيهما برداً وسلاماً على المواطن أكثر من الثاني!! وإذا كانت هنالك بدائل محكمة ومتماسكة على السلطة القابضة بالانحياز سيكون إلى الصورة الأولى، فهل في الأفق البعيد ما يؤكد ذلك؟؟ بل إن انعدام البديل المطلوب جعل المعادلة بين المر والأكثر مرارة.. هكذا تكون السلطة القابضة خياراً أكثر أفضلية على جحافل القناصة والمليشيات في الشوارع!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية