رأي

مجرد سؤال

تأخر الخريف.. الخطر القادم
رقية أبو شوك
 
كنت حضوراً في جلسة مجلس الوزراء قبيل التشكيل الوزاري بجلسة بعد أن وجهت دعوة رسمية لشخصي لحضورها، التي ترأسها النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح”.. الجلسة التي تضمنت عدداً من المواضيع، قدم في بدايتها تقرير مفصل عن خريف العام الماضي والاستعدادات لخريف العام الجاري.. التقرير ذكر أن خريف هذا العام سيبدأ متأخراً وينتهي مبكراً، وذلك حسب هيئة الأرصاد الجوية وهي الجهة المعنية والمعتمدة لرصد الأجواء الخريفية وتوقعات المناخ.
توقفت كثيراً في (الخريف هذا العام يبدأ متأخراً وينتهي مبكراً).. وأيقنت تماماً أن الأرصاد الجوية صدقت كثيراً في توقعاتها مؤخراً بعد أن تم تجهيزها بعدد مقدر من أجهزة الرصد، وقد كانت كل توقعاتها صادقة بنسبة كبيرة جداً وهذه شهادة للتاريخ.
الآن صدقت في توقعاتها بأن الخريف هذا العام متأخر جداً، فلم تنتظم الأمطار حتى الآن بمناطق الزراعة المطرية، حيث من العادة أن مناطق الزراعة المطرية تهطل أمطارها كأول قطرة في أبريل، وحينها تكثف استعداداتها للزراعة وتضع خططها قبل وقت كافٍ.
كنت أتوقع أن يتم الإعداد للموسم الزراعي المروي بخطة توسعية في كل محاصيل الموسم الصيفي، خاصة وأن هنالك إنذاراً أو تنبيهاً من الجهات المختصة بأمر المناخ بأن الخريف سيأتي متأخراً.. فالزراعة المطرية كانت تعلن عن خططها والتوسع في مساحات الذرة والسمسم والدخن ودونكم خريف العام 2014م الذي شهد توسعاً في مساحات الذرة والسمسم، وغيرهما من المحاصيل حتى تجاوزت إنتاجية الذرة سبعة ملايين طن، وبلغ الفائض منه ثلاثة ملايين طن، بمعنى أن الاستهلاك كان فقط أربعة ملايين طن، وحينها تم توجيه البنوك بفتح صادر الذرة حتى لا يتضرر المنتجون ويصابوا بالإحباط وعدم الحماس لزراعة 2015م.
الآن مساحات المروي في الجزيرة كانت عادية جداً، وكذلك بقية المشاريع المروية الأخرى، الأمر الذي يؤكد أننا سنعاني شحاً في محاصيل الذرة وذلك في حالة تصدير الفائض الذي أعلن عنه والذي كما ذكرت كان ثلاثة ملايين طن.. فالتحوطات كان من المفترض أن تتم بكل أريحية، خاصة إذا كانت هنالك توقعات بنقص الأمطار أو شحها أو انعدامها، مع العلم أن الزراعة المطرية ذات علاقة مباشرة بالأمطار التي هي من رب السموات والأرض.. قال تعالى في سورة الواقعة: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ).. صدق الله العظيم.
الآن هذا شهر أغسطس، والأمطار ما زلت دون المطلوب، أضف إلى ذلك أن هنالك نقصاً حاداً في الجازولين سينعكس بطريقة أو بأخرى في العمليات الزراعية رغم الانفراج النسبي، فالزراعة لأنها مواقيت وزمن كان يجب أن يتم تأمين الموقف قبل وقت كافٍ من الزراعة.. فالذي يعتمد على الجازولين يجب أن يوفر، وكذلك الاعتمادات المالية من البنوك لأولئك الذين يعتمدون من بعد الله على البنوك والتمويل.
أيضاً يجب أن نضع في الاعتبار ضرورة الشكر على النعم حتى لا تزول.. فخريف العام الماضي كانت له انعكاساته الإيجابية على الزراعة، وبالتالي اكتفينا ذاتياً من الذرة والذي هو غذاء الكثير من أهل السودان حيث (الكسرة والعصيدة).. فالشكر على النعم يزيدها ويباركها (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).
وأخيراً.. أتمنى بعد هذا الحال أن تهطل الأمطار وتتجاوز الـ(600) ملم وتمتلئ كل الأودية والخيران و(الفولة).. (الفولة دي بيعرفوها أهلنا البقارة) في رحلة الخريف بحثاً عن المياة، وتخضر الأراضي الزراعية المطرية بكل مناطق السودان.. مع خالص شكرنا لهيئة الأرصاد الجوية التي نبهت لتأخر الأمطار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية