المشهد السياسى
غاب الكبار ووزعت “مريم” الحلوى..!
موسى يعقوب
القيام بالمعايدة والهدايا والتبريكات في المجتمع السوداني ممارسة معتادة وبخاصة في الأعياد والمناسبات الدينية، إلا أن السياسة ما دخلت في شيء إلا عابته.
صحف كثيرة سعدت قبل أيام بزيارة الدكتورة “مريم الصادق المهدي” إحدى نواب رئيس حزب (الأمة القومي) بصحبة عدد من أعضاء الحزب المرموقين والمرموقات وهي تتزيا بزي خاص زادته الحلوى التي بين يديها خصوصية وهي تقدمها للرموز الصحفية الذين زارتهم وذكروها بالخير واستنطقها البعض ولو على خفيف..!
الدكتورة “مريم الصادق” وقبل أن تُرفع درجتها السياسية في الحزب كان لها حضورها الإعلامي والسياسي اللافت.. مما أثار غضب بعض القيادات التي اعتبرت ذلك الحضور بدعم من الوالد الإمام وزعيم الحزب مما يعني تركيزاً للسلطة الحزبية في يد الأسرة.
ولأسباب كثيرة بعد غياب والدها في هجرته الأخيرة متعددة الأغراض صمتت “مريم” وغاب صوتها وبشكل خاص في حضور نواب رئيس الحزب الكبار.
اليوم تقول الأخبار إن النواب الثلاثة الكبار – اللواء (م) برمة ناصر والفريق (م) صديق أحمد إسماعيل والدكتور الدومة، ثلاثتهم خارج البلاد.. مما فتح الباب واسعاً للدكتورة “مريم” لمعاودة ظهورها بالطريقة إياها وفي إطار ديني مجتمعي ولكنه يخدم الغرض ويتيح الفرصة لمعاودة الظهور بشكل مريح بالنسبة للدكتورة “مريم” وللحزب وقياداته بطبيعة الحال.
الدكتورة “مريم” بادرت وقامت بما لم يقم به غيرها من أهل السياسة الذين اكتفى بعضهم بالرسائل والمهاتفة وربما لم يقدم باقة الحلوى المعروفة في مثل هذه المناسبات.. مريم – أمسك الخشب – تعرف كيف تغتنم الفرص وتسوق نفسها، بيد أنها – فيما يبدو – لم تحسن تسويق غياب والدها وبيعه لجمهور الحزب والطائفة والشعب السوداني بشكل عام..!
لقد درج قادة الحزب على القول إن الإمام سيظل في الخارج حتى إكمال مهامه وواجباته الوطنية وهو ما لم يرد شرحاً أو تفصيلاً له مما سبق لنا أن عبناه في مناسبات أخرى، وقلنا إنه خصم على مصلحة الحزب الذي يعاني التفكك وغياب الإدارة لقرابة العام – تقريباً- فالإمام دخل في برنامج هجرته في أغسطس (آب) من العام الماضي، وهو الآن وبعد يوم أو يومين يدخل أغطس العام الحالي – ولا ندري متى تنتهي هذه الهجرة.
ولأسباب وطنية وغير حزبية دار الجدل وكثر الكلام في الفترة الماضية عن عودة الإمام وغيابه الذي طال.. (اليوم التالي) وهي تستقبل الدكتورة “مريم” وفريقها الزائر بل وتنعم بالحلوى التي كانت بين يديها، سأل الأستاذ “بهرام” الدكتورة عن عودة والدها.. فأجابت – حسب ما ورد في الصحيفة صباح (الاثنين):
_ الإمام مشغول بقضايا الفكر المتعلق بالوسطية الإسلامية ونادي مدريد وهي أمور – كما قالت الدكتورة “مريم” تتطلب وجوده خارج البلاد..!
وهل ذلك صحيح وقد عرف السيد الإمام وزعيم حزب (الأمة) قبل هجرته الأخيرة وتوقيعه على (إعلان باريس) وغيره بالنشاط الفكري وغيره في الخارج..؟
إن الوسطية الإسلامية وما شابهها أنشطة مستمرة (زماناً ومكاناً)، وهي برنامج واسع يتم التفاكر حوله بين الحين والآخر ولا يحتاج إلى عملية تفرغ.. ولنأخذ – على سبيل المثال – الدكتور “عصام البشير” المعروف بدوره الفاعل في الوسطية الإسلامية شأن الدكتور “يوسف القرضاوي”، إلا أن ذلك لم يستدع وجوده في الخارج وانقطاعه للمهمة كما تقول الدكتور “مريم” عن أن انشغال والدها بالوسطية الإسلامية ونادي باريس وغيرهما يجعله يبيع الحزب والطائفة والوطن ليبقى في الخارج..!
ذلك وإن كان السيد الإمام نفسه قد أبدى مثل ذلك الشعور إذا ما عاد إلى الداخل ولم تسمح له السلطة بالمغادرة لممارسة نشاطه في الوساطة ونادي باريس.
إن الحديث الآن رسمياً وسياسياً عن عودة السيد الإمام للداخل للانخراط في الحوار الوطني وممارسة النشاط السياسي الذي ظل يمارسه ويقوده دون حجر أو قيد، سيظل هو ديدن ما بعد العودة وبكل ما يلزم حسب خطاب السيد الرئيس بعد انتخابه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وحسب الدعوة التي وجهت للسيد الإمام بالعودة من البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” رئيس المجلس الوطني مؤخراً.
فما قالته الدكتورة مريم (سياسياً) يحتاج إلى مراجعة وإن قالته في غياب الكبار..