خدمات الكهرباء والمياه.. الخطط وحدها لا تكفي
الخرطوم- عماد الحلاوي
التدهور المريع في خدمات الكهرباء والمياه الذي شهدته أحياء الخرطوم في الفترة الماضية، ينظر إليه باعتباره إخفاقاً إدارياً واضحاً. وأول قرار اتخذه والي الخرطوم الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” كان إقالة مدير المياه، ولو الأمر بيده لأقال مدير الكهرباء.
الرئيس “البشير” قبل مغادرته البلاد لأداء العمرة وفي المطار التقى وزير الموارد المائية “معتز موسى” بخصوص التوليد الكهربائي، فخدمات الكهرباء والمياه ينظر إليها رئيس الجمهورية باعتبارها خطاً أحمر لا تفريط فيه؛ الأمر الذي جعل أول اجتماع له عقب عودته من الأراضي المقدسة مغلقاً وخاصاً بأداء خدمة الكهرباء بالبلاد بحضور نائبيه ووزراء رئاسة الجمهورية، الموارد المائية، النفط، المالية ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني. وقد وافق رئيس الجمهورية على خطة وزارة الموارد المائية والكهرباء بمراحلها المختلفة، وتهدف إلى تطوير واستدامة الأداء في خدمة الكهرباء بالبلاد التي طالب بها رئيس الجمهورية الوزير قبل سفره لأداء العمرة، ووعد بمتابعتها بصورة دورية حتى تعود خدمة الكهرباء إلى أفضل حالاتها، مما يؤكد أن الخلل كان إدارياً نتيجة سوء التخطيط.
وزير الموارد المائية “معتز موسى” وأوضح في تصريحات صحافية عقب الاجتماع أن الخطة وجدت اهتماماً كبيراً من رئيس الجمهورية ونائبيه، وقسمت الأعمال إلى مدى قصير لمعالجة العجز في التوليد بأنواعه المختلفة والاختناقات في شبكات النقل والتوزيع للعام (2015 – 2016م) مع استدامة بعض الصيانات وتعزيز التوليد بإضافات إسعافية، إلى جانب خطة متوسطة المدى للأعوام (2017 – 2020م) ومؤشرات هادية للمرحلة ما بعد العام 2020م.
وعزا “موسى” العجز في الإمداد إلى عدم استدامة الوقود، سواء أكان حجم الماء نفسه في النيل أم في البحيرات الرئيسة في مروي والروصيرص أو الوقود الأحفوري المهم للتوليد الحراري، فضلاً عن بعض الإشكالات المتعلقة بالاختناقات في شبكة التوزيع والنقل، مبيناً أن الوزارة وضعت المعالجات التدريجية التي أدت إلى تحسين الأداء في هذه الأيام بصورة أكبر مما كان عليه في الأيام الماضية، مؤكداً أن لا برمجة في القطوعات هذه الأيام.
وحول التوليد في سد مروي قال وزير الموارد المائية إن الوحدات العشر في السد جاهزة للعمل إلا أن هذه الفترة من كل عام يكون مستوى البحيرة منخفضاً جداً، والأيام العشرة الماضية كان إيراد النهر فيها منخفضاً دون المعدل مما يعني انخفاضاً كبيراً في القدرة على التوليد وهو أمر خارج سيطرة البشر، وأضاف إن الوزارة أعادت إدارة التخزين المائي بالبلاد على نحو منظومة واحدة لتعديل الأوضاع نحو الأحسن في مروي وهو ما يجري هذه الأيام، وأشار إلى أن ازدياد كمية المياه في فترة الخريف يجعل حجم المياه أمام وخلف السد متقارباً مما يتسبب في انخفاض التوليد مرة أخرى في سد مروي، مبيناً أنها ظواهر موسمية لا تتعلق بالأداء في سد مروي بل تؤثر على السدود كافة.
وأوضح السيد الوزير أن انفصال الجنوب وفقدان البلاد لموارد مهمة من العملة الحرة أدى إلى انخفاض التوليد الحراري إلى أدنى مستوياته، مشيراً إلى أن الإنتاج الحراري قد ارتفع من (19%) إلى (40%) من الشبكة القومية، وتوقع أن يرتفع حجم التوليد الحراري من (900) ميقاواط إلى (1350) ميقاواط العام القادم.
وحول استيراد الكهرباء من إثيوبيا، أكد الوزير أن الطلب على الكهرباء في إثيوبيا أصبح عالياً ومن ثم انعدم الاستيراد خلال الشهرين الماضيين، مما أثر على حجم الإمداد لأنه كان جزءاً من حسابات الكهرباء. وقال وزير الموارد المائية عن زيادة أسعار الكهرباء إن ما اعرفه تماماً أمرين، الأول أن الكهرباء تباع الآن بــ(20%) من تكلفتها والناس فيها سواء الغني والفقير، والأمر الثاني أن رئيس الجمهورية وضع خطاً أحمر بعدم المساس بأصحاب الدخل المحدود والمتوسط، وفي هذا الإطار يتم التداول، (وسنرى ما يأتي به المستقبل).
وفي جانب خدمات المياه، سارع مجلس وزراء حكومة ولاية الخرطوم برئاسة والي الخرطوم فريق أول ركن مهندس “عبد الرحيم محمد حسين” بإجازة خطة هيئة مياه ولاية الخرطوم الإسعافية من شهر أغسطس 2015م ـ أغسطس 2016م والخطة متوسطة المدى من أغسطس 2015م ـ 2018م قدمهما وزير البنى التحتية المهندس “أحمد قاسم”. وقد تناولت الخطة الإسعافية تكملة المشاريع المستمرة وتأهيل المحطات القائمة، مع رفع كفاءة المحطات وتشييد محطات مدمجة وشبكات وحفر آبار جديدة في فترة لا تتجاوز ستة أشهر بتكلفة تقديرية (630,000,000) جنيه. كما قدم الوزير الخطة متوسطة المدى من أغسطس 2015م ـ أغسطس 2018م وتحتوي على تشييد محطات نيلية جديدة ومحطات إعادة ضخ وخطوط ناقلة وشبكات جديدة وشبكات إحلال بتكلفة تقديرية للمحطات تبلغ (340,000,000) دولار والشبكات الناقلة (400,000,000) جنيه. وأشار الوزير إلى أن كمية المياه المنتجة تبلغ (1,500,000) متر مكعب في اليوم، وأن الحاجة الآن مليوني متر مكعب وفي الثلاث سنوات القادمة ستصل إلى مليونين ومائتين وخمسين ألف متر مكعب، وقال إن العجز يبلغ بعد فاقد المياه حوالي (32%).
فهل حقيقة أن القصور كان في حوالي (32%).. أم أنها الإخفاقات الإدارية؟
والي الخرطوم قال إن قضية المياه لا تستطيع الولاية وحدها حلها، وإن هناك ضرورة لمشاركة الحكومة الاتحادية في الحل، وأشار إلى أن الولاية من خلال تنفيذ البرنامج الإسعافي ستوفر المياه خلال الصيف القادم.