القيادي الإنقاذي "محمد الأمين خليفة" يخرج عن صمته في حوار مختلف مع (المجهر)
الإنقاذ الآن ليست اسماً على مسمى والذين يرمون (الشعبي) هم بعيدون عن السلطة
كنت على يقين بنجاح الثورة .. فنمت ليلة الانقلاب و”البشير” قال لي ما نمت للصباح
نعم تحسرت جداً على المفاصلة .. ومن أخطائها تحول العمل الجهادي لمرامٍ أخرى!!
كانت هناك قطيعة مع “البشير” من (99) ولكن بعد (الوثبة) هدأت النفوس
حوار ـ نهلة مجذوب ـ
كنت أكثر إلحاحاً ومن منتصف يوليو الماضي على ضيفي هذا عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ القيادي حالياً بحزب المؤتمر الشعبي العقيد الدكتور “محمد الأمين خليفة”، وأنا أجري معه حواراً صحفياً شاملاً كنت أتوق للاسم الذي لا يمكن تجاوزه في تاريح الحياة السياسية السودانية كان ومازال شامخاً ومفكراً حكيماً وقائداً، كسب شهرته الأوسع عقب انقلاب ثورة عام 1989م والذي أتى بحكومة الإنقاذ. تقلد الرجل مهاماً كبيرة في دفة حكم الإنقاذ الأولى وتولى في أوجها ملفات عديدة، لكن سرعان ما انقلب الحال ونزل من سدة الحكم مع إعلان المفاصلة الشهير واختار معسكر المنشية مع شيخه دكتور “حسن الترابي”. سألت نفسي كما الكثيرين أين الدكتور ومولانا وسعادة الضابط العقيد “محمد الأمين” ولكن لقائي الشيق به في نهار ساخن من أواخر شهر رمضان حدثني فيه .. أين هو؟.. وأجاب عن جميع أسئلتي، وشكرني على الالحاح الذي أستحي منه وقال لي إنه أكرمني لأنه يحترم المرأة.
عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ .. كان رئيساً لأول برلمان في الإنقاذ وشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للسلام، كان رئيس اتحاد البرلمان الدولي بجانب وظائف أخرى.
التقيته في حوار شيق تناول ذكريات الإنقاذ وسنوات من الحصاد بجانب أحاديث في السياسة عن مستقبل البلاد، علاوة على جوانب خاصة من حياته فإلى مضابط الحوار:
{بداية د.”محمد الأمين خليفة” بعيداً عن أضواء السلطة ماذا كسبت منها؟
-كسبت الهدوء ومراجعة النفس والتدبر واستقراء التاريخ وربط الماضي بالحاضر للوصول صوب المستقبل، فإن لم يتجدد الإنسان كل يوم فسوف يتأخر، يجب ألا يكون يومه كأمسه ولا يكون غده كيومه، يجب أن يكون الغد أحسن من اليوم واليوم أحسن من الأمس، وإلا سنكون في حلقة مفرغة.
{ ثوب العسكرية عند “محمد الأمين”؟
-نعم .. العسكرية مثل السباحة لا يستطيع الإنسان أن ينساها وتعلمك أشياء كثيرة من العادات والتقاليد العسكرية الحميدة، خاصة في ضبط المواعيد رغم أننا كمسلمين علينا أن نهتم بضبط المواعيد أكثر من أي شخص آخر، والعسكرية تعطيك الدروس الوطنية منذ الصغر إلى أن تكون ضابطاً وتذهب إلى الغابة، لأنه لا عنصرية ولا قبيلة إطلاقاً في العسكرية ولا حتى في الجانب الديني، فقد يكون المسيحي معك في الخندق ويدافع عنك.الخوة الحقيقية قد لا تجدها في شقيقك الذي قد يكون بعيداً ولكن الأخ الحقيقي هو الذي يلازمك، فالعسكرية تعطيك هذا الانطباع وحياة التقشف، مسرات الحياة وبهرجتها إلا لمن كانت نفسه ضعيفة، لكن عادة العسكرية (الاخشوشان) تدعك تأكل الموجود دون ما تحاول أن تطلب مسرات الحياة وتحب المكيفات والترطيب.
وتعلمك النظرة العامة للناس، وما زالت علاقتنا وطيدة جداً مع الإخوة العسكريين وستظل وبعض المدنيين يقولون لنا مزاحاً عندكم الماسونية، من شدة العلائق الوطيدة، طبعاً ليس المعنى الآخر لشر الماسونية.
{المجلس الانتقالي كأول محطة حدثنا عنه؟
-عندما قامت الثورة في يونيو 1989م جاءت لإحداث تحول تقوم بعده بتركيز السلطات التشريعية والتنفيذية والسيادية كلها في يد أعضاء مجلس قيادة الثورة، الثورة جاءت بخطة بحيث ترجع السلطة لاحقاً لأهلها الحقيقيين وهم (الشعب)، فبدأت بفصل الجهاز التنفيذي عن التشريعي والسيادي فكانت البداية بفترة انتقالية أولاً بتكوين مجلس وطني انتقالي يقوم بمهام التشريع والرقابة على الجهاز التنفيذي، وكان مجلس إحقاق للحق يختار وينتقي وكان مجلساً شاملاً يمثل ألوان الطيف السياسي السوداني ككل، المعلمين المهندسين الأطباء السياسيين الفنانين التشكيليين الرياضيين الصحفيين على سبيل المثال مثلاً في الرياضة نراعي الهلال والمريخ فكان (أبو العائلة) ممثلاً للمريخ و(طارق أحمد آدم) ممثلا للهلال، وكذلك ضم الجنوبيين والمسيحيين منهم الكاثوليك والبروتستانت ومن الصحفيين “الفاتح عروة”. وأذكر أن الدكتور “محمد أحمد سالم” كان المستشار القانوني لهذا المجلس وعمل رسالة دكتوراه وهو مر على كل الأجهزة التشريعية في السودان، فأعطى المجلس الوطني الانتقالي حقه، وقال إنه من أفضل المجالس التشريعية التي مرت على السودان، وهذه شهادة نعتز بها جداً فحقاً قمنا بعمل كبير في ذلك الوقت والمحطة فيه كانت من 1994م إلى 1996م .
{هل كنت راضياً عن عملك فيه و ما هو أبرز ما حققته وقتها؟
-نعم راضٍ عن أداء المجلس في ثلاث نواحٍ أساسية، أولاً العمل الوطني الكبير الذي قمنا به والشمولية والرقعة الجغرافية لا توجد (شللية) أو (فردانية) وتكتلات قبلية إطلاقاً ولا توجد عنصريات أبداً فقط العمل الوطني.الشيء الثالث هو الإخلاص والهمة التي كانت موجودة في ذلك الوقت الانتقال إلى إجازة المراسيم الجمهورية التي تأتي إلى المجلس وإجازة الميزانيات والعمل التشريعي والعمل التعبوي والرقابي قمنا به خير قيام. وأول مجلس أدخل السودان بعد الانقلاب في اتحاد البرلمانات العربي والأفريقي والدولي بعد انقطاع بسبب الانقلابات التي كانت تحدث. وكان لنا دور بارز في تأسيس البرلمان الإسلامي، عملنا اتحاد البرلمانات الإسلامي في الدول الإسلامية.
* ألم تفكر في أن خيار إعادة لحمة الإسلاميين هي الأفضل؟
-ليس الإسلاميين فرمضان كشهر كان نفحة من نفحات الله على المرء المسلم، ومثلما الناس يصومون في وقت واحد ويفطرون في وقت واحد ويقفون صفاً واحداً، هذه المعاني علينا أن نترجمها في الجانب الاجتماعي والسياسي على أرض الواقع، لذا كانت الدعوات للم الصف في رمضان أدعى من أي وقت آخر، لأن النفوس تكون طيبة والكلمات تكون صادقة والنظرة ثاقبة نحو الغد فإن شاء الله ستترسب هذه المعاني.
{ قريباً من الإنقاذ .. “البشير” كقائد لثورتها وبعد (26) عاماً هل تستعيدون الذكرى سوياً؟
-والله في فترة كنا معارضة في العام 1999م لم يكن هنالك تواصل لأنه كانت هنالك قطيعة سياسية، لكن ليس قطيعة اجتماعية لكن في المجتمع كان في تواصل في الأتراح والأفراح .
لكن الآن وبعد خطاب الوثبة يبدو أن النفوس هدأت أكثر وسيكون هنالك تواصل.
{هل بدأ التواصل؟
-نعم كحزب قابلنا “البشير” عند مقابلته لكل الأحزاب السياسية، نحن مشينا كمؤتمر شعبي بقيادة الدكتور “حسن عبد الله الترابي” في بيت الضيافة وتحدثنا، وتكررت في آلية (7+7) فحزبنا موجود في هذا الجانب ومسؤول عن قضية الحوار لم ينكص ولم ينزع يداً .
{كلام لم تقله عن الإنقاذ من قبل؟
-الآن مرت (26) عاماً على قيام الثورة وهي قد أتت بمبادئ وإحقاق للحق، فقد انحرف الكثير جداً عن الجادة هذه حقيقة هذا ما دعا حقيقة للمفاصلة، فبعض الإخوان لم يصبروا على نضج الثمار ولم يراعوا حق البعض خاصة المجاهدين الذين جاهدوا من أجل الدنيا والآخرة ومن أجل الدين والدنيا ومن أجل الحسنيين يعني، فلذلك الغلط عندما يكون من القائد لا بد أن يجنح إلى الصواب وبالتالي لا يكون الضرر هنا كبيراً والرجوع إلى الجادة هو الأصوب والأقوم مهما كان الخطأ، لكن التمادي هو الذي لا ينبغي أن يكون، لذلك في نظري أقيم الفترة التي مضت لست أني كنت في بداية الثورة ولكن البدايات جاءت بشهادة الآخرين وقد تكون شهادتي مجروحة، لأنها كانت بداية جادة والناس كانت مخلصة وعامة الناس رأوا هنالك نماذج في الطهارة وفي الشفافية فاستقام الوضع، فهل تصدقين أنه في السنة الثالثة للثورة نحن اكتفينا من الأمن الزراعي وأصبحنا دولة مانحة، صدرنا منتوج الحبوب إلى دول الجوار وسجلنا كدولة مانحة، وأيضاً في فترة وجيزة وفي جانب التصنيع انتقلنا من استيراد السكر إلى اكتفاء وتصدير له، كانت بداية الثورة ثورة المعلومات وضعنا الاتصالات والمعلومات كخطة إستراتيجية (هسي كل زول شايل موبايل) وفي ثورة المعلومات والحصول عليها سبقنا حتى لبنان والدول العربية الأخرى، وذهبنا في ذلك لو لا بعض الناس الذين شوهوا وحاولوا أن يثروا سريعاً وفاحشاً لانطلقت الثورة المعلوماتية سريعاً وكان السودان الآن دولة توازي الدول الرقمية الأخرى، في الإرسال والاستقبال وفي مجال الاتصالات والتكنولوجيا، أيضاً وفي وقت وجيز في بداية الثورة استطعنا أن ننهض بثورة التعليم العالي، وكان هنالك عدد كبير جداً من الفاقد التربوي ومن أبنائنا من يحاول أن يدرس خارج السودان، ويكونوا في الغرب مثلاً بعيدين عن عاداتهم وتقاليد الشعب السوداني، ولكن استطعنا بافتتاح الجامعات وثورة التعليم العالي أن نستوعب آلاف الطلاب في الداخل وأن يدخلوا الجامعات السودانية .
ولكن أيضاً بعض الأخطاء التي حدثت والآن يعيرون بها الثورة، أن بعض الذين لم يحسنوا إدارة التعليم فكانت النتيجة هزة كبيرة في هذا المجال ولا أنكر ذلك.
وأيضاً في بداية الثورة كان هنالك نوع من استقواء الدولة بأبنائها وشبابها بمعنى أن كل الدول المتقدمة لاتترك العمل الدفاعي والجهادي لفئة معينة من الناس في القوات المسلحة بل هنالك مؤازرة من الشعب كله، وأنا كنت سعيداً جداً عندما أرى دور المرأة في هذا الجانب في جانب التدريب القتالي والمؤازرة وعمل زاد المجاهد، فكان كثير من المجاهدين ومنسوبي القوات المسلحة يجدون مواد (تمويل القتال) من الأمهات، ولكن أيضاً من بعض الأخطاء الإستراتيجية التي حدثت خاصة بعد المفاصلة، كما تحول العمل الجهادي من إستراتيجية دفاعية إلى مرامٍ أخرى.
وأيضاً بداية الثورة هي التي فجرت البترول والنهضة الصناعية والنهضة الدينية والآن الناس تجري على المساجد التي تقرأ جزءاً من القرآن في التروايح وزمان القصة دي مافي، الحجاب منظر البنات، الآن في سترة وحشمة الحمد لله ما عارفين البحصل زمان، فمظهر الشارع السوداني تغير كثيراً. الآن البيت كله يذهب للتهجد إلى الصباح، الآن الناس تتأمل وتتدبر القرآن، زمان تمشي الجامع تلقى اثنين ثلاثة فقط عجائز كبار، هسي البنات يرتدن المساجد فالدين بقى كتير لما مشوا داعش .
{ولمن ينسب كل ذلك؟
-ينسب ذلك للخطأ والانحراف عن جادة تلك الثورة فهذا ما أريد أن أقوله والآن ثورة الإنقاذ والناس يحتفلون والناظر إلى حكومة الإنقاذ الآن هي للمنصف هي حكومة فيها حزب الأمة بمناصبها العالية وفيها الاتحادي (عشان مايقولو بس الإنقاذ الإنقاذ)، وفيها من قبل الانفصال الحركة الشعبية لتحرير السودان وفيها أجنحة الأحزاب الأخرى كالاتحاد الفيدرالي والأمة القيادة الجماعية وفيها الموقعون على الاتفاقيات والمواثيق كالعدالة والتنمية (كأبو قردة وما شابه ذلك)، وجبهة الشرق وفيها المستقلون وهكذا. ولكن مثلاً الذين يرمون الشعبي هم بعيدون عن السلطة الآن لا أرى من منسوبي الشعبي أو الإصلاح الآن أو السلام العادل أو السائحون أو المجاهدون، فهؤلاء يكاد يكون وهم بأمانة (ناس الجلد والرأس) بعيدون الآن .
فإذن الإنقاذ الآن ليست اسماً على مسمى والذي يقول إن هذه حكومة الإنقاذ لم يكن صادقاً ودقيقاً وعلى حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهات الثورية، عليهم أن يحافظوا على هذه الحقوق ويدافعوا عنها .. يضحك هذه حكومتهم. وتساءل أين “محمد الأمين خليفة” أين “الترابي” أين “إبراهيم السنوسي” أين “غازي صلاح الدين” أين السائحون أين المجاهدون أين الناس الأتت بثورة الإنقاذ، فالناس لا بد أن تكون أمينة.هذا لا يعني أننا نجري وراء السلطة ولكن نجري وراء المعاني التي كانت من المفترض أن تكون موجودة.
فإن كانت هنالك أخطاء ومساوئ وفساد من هؤلاء الناس في السلطة التنفيذية من يتحدث عن الفساد لا يتحدث حتي الان عن الموجودين في السلطة التنفيذية (بمافيهم الجماعة ديل كلهم) تحت قيادة المؤتمر الوطني، طبعاً الجناح المنشق من الحركة الإسلامية التي أتت بالثورة. أين أعضاء قيادة مجلس الثورة الآن أين “عثمان محمد حسن” أين “فيصل مدني مختار” و”إبراهيم نايل إيدام” وغيرهم.
*أنتم كقيادة مجلس الثورة هل تتواصلون وكيف تراهم الآن؟
-نعم متواصلين شديد وحميمين فيما بيننا، وانظر لهم الآن أنهم ناس بعيدين عن السلطة رغم أنه كان ينبغي أن يلتفت إليهم أهل السلطان، وإن كنا نحن خاصمنا وفاصلنا يلتمس لنا العذر لأننا فاصلنا فما ذنب الآخرين الذين لم يفاصلوا، على الذين من هم في السلطة أن يستأنسوا بآرائهم على الأقل يستشيروهم في قضايا الوطن. صحيح أنا فاصلت معليش خلوني معارض لكن ماذنب “فيصل مدني مختار” و”عثمان محمد الحسن” و”التجاني آدم الطاهر” و”إبراهيم نايل إيدام” و”فيصل” و”حسين أبو صالح” والآخرين، فيجب أن يستشاروا وأن يكونوا قريبين ويأخذوا منهم النصيحة، لأنهم في يوم من الأيام كانوا يديرون شئون البلاد وتحملوا في ذلك الوقت العصيب الحمل الثقيل .
{هل تحسرت عندما وقعت المفاصلة؟
-نعم تحسرت كثيراً جداً في المفاصلة ومن أجل ذلك دخلت في لجنة رأب الصدع لأني أرى العواقب حتكون وخيمة من الانشقاق، ولكن هنالك من لا يدري تلك العواقب ويوسع في الشق حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن، فكنت مشفقاً وكنت متحسراً لذلك وكان بيدنا وبقليل من الصبر وقليل من التسامح والتنازل كان يمكن أن ندرأ ما يحدث في السودان، وكان لا يمكن أن ينفصل شمال وجنوب السودان فذلك الانشقاق في الصف بين أفراد الحركة الإسلامية أدى لانشقاق الوطن كله وأدى إلى الحروب وأزمة الحروب أكثر في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وأبيي. أقول ما يضير أبيي إذا كانت في الشمال أو الجنوب الموحد، لكن الآن قضية أبيي متنازع عليها بين الشمال والجنوب مثل اليتيم الذي انفصلت أمه عن أبيه أو أبيه عن أمه، دخلت قوات أممية لتحرسنا في منطقتنا وبلدنا من رواندا وبورندي والحبشة تخيلي الآن يعني (إهانة شديدة).
* الإنقاذ كثورة هل تعتقد أنها حققت كل الأهداف التي وعدت بها الشعب؟
-لا أبداً أبداً، فقط خطت نحو الوسائل ولامست بعض الأهداف ةولم تجنِ كل الثمار، هنالك بعض الثمار قد تعفنت بخطل السياسات التي تنكبت عن الجادة وأصبحت أزمة مركبة بخلط المصالح الشخصية والذاتية والآنية مع المصالح الكلية التي يجب أن تنفع الناس جميعاً، فكثير من الطامعين أخذوا حقوق الآخرين ظلماً وعدواناً، فجاع الناس لأن حقوقهم أخذت منهم واحترب الناس لأنهم ظلموا وهاجر الناس لأنهم لم يجدوا ظلهم في أرضهم، وتأخر السودان كثيراً عن ركب الأمم بخطل هذه السياسات، وتحولت المؤسسية إلى فردانية وتنافس الناس على الدنيا دون الآخرة فضعفت أو ضاعت الهيبة، فيا بنتي العطل كبير .بلغة الفنيين يحتاج إلى كبار وعقول كبيرة مدبرة لإعادة الإصلاح .
هل بخاطرك وأنتم تنفذون ثورة الإنقاذ أن تصطدم الثورة بأي عقبة ويفشل الانقلاب؟
-لا أعرف الآخرين ولكن كان عندي يقين بأن الثورة ستنجح وكان عندي يقين لدرجة أنني نمت بصراحة بعد صلاة العشاء وسألت الله أن ينجح الثورة (فأخذت غمضة)، نمت من بعد صلاة العشاء إلى الساعة اثنين إلا ربعاً صباحاً وصحوت بدون أي منبه، وقمنا لتنفيذ الانقلاب. وكان أن سألت “عمر البشير” إن نام فقال لي (والله أنا مانمت)، وكنت أحس أنه سيحصل تغيير وكنت حأندم مدى حياتي إن لم أكن شاركت في الانقلاب .
{شخصيات كان لها دور في الثورة ولكنها لم تذكر وتجد حظها؟
-الذين لم يذكروا كثر، أكثر مننا وهم أنفسهم لايريدون أن يذكروا إطلاقاً أو يعرفهم الناس (هم ناس الله ساي )، ويقولون الدنيا دي مامسكننا نحن مسكننا في الجنة، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، وجزء منهم الآن في سائحون والمجاهدون وهم (ناس تمام) .
{“عبد الرحيم محمد حسين” حل والياً على الخرطوم فكيف تقبلت هذا النبأ كونه من قيادات الإنقاذ؟
-هو لم يكن عضواً في مجلس قيادة الثورة وهذا مربوط كما ذكرت لك هو حراك حصل من المؤسسية إلى الفردانية كما قلت لك، فبالتالي لعل رئيس الجمهورية يحتاج إليه في هذا المكان، ولكن إذا كان في مؤسسية بلاشك ترفد الناس وتقدمهم فهذه من الأشياء التي جعلت الناس تنحت، وأقول إن الشورى مهمة والأخذ بالقوي الأمين والإصلاح.
{الإنقاذ هل ما تزال على قيد الحياة؟
-باقية على قيد الحياة ما حييت المبادئ وستكون ميتة ما أحييت المبادئ وستكون ميتة أيضاً أو في طريقها للموت مابعدت عن تلك المبادئ والقيم.