المشهد السياسى
السودان وعائد الاتصالات الدبلوماسية الجديدة
موسى يعقوب
في المشهد السياسي والدبلوماسي ما يشار إليه من أن هناك مستجدات تقول إن الحال في طريقه إلى ما يصلح الحال ويدعم الآمال.. ففي العاصمة الإثيوبية (أديس أبابا) التقى السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية بالأمين العام للأمم المتحدة في مؤتمر جمع الطرفين وفتح بينهما باباً للمكاشفة والمراجعة في جملة أمور، وانتهى بتوجيه السيد النائب الأول دعوة للسيد الأمين العام لزيارة السودان والوقوف على الأحوال بنفسه، وقبل الأخير الدعوة، وذلك تطور إيجابي يخرج المنظمة الدولية من مصيدة أصحاب المصالح من كبار وصغار يعملون لمصلحتهم أو يدفع بالأمور– على الأقل – في الاتجاه الصحيح.
لقد عانى السودان كثيراً في جهوده للاستقرار والسلام وحسن المعاملة مع العائدين في الأقاليم التي تعاني من التمرد من تقارير المنظمات والممثلين الأمميين وغيرهم، التي تزيد الأوضاع سوءاً واستمراراً وليس معالجتها، مما دعا للعمل على فرض الرقابة على عمل أولئك أو إنهاء مهامهم وإبدالهم.
لقاء السيد النائب الأول الفريق “أبو بكر حسن صالح” مع السيد “بان كي مون” الأمين العام للأمم المتحدة في أديس سيكون له مردوده وعائده الكبير لا ريب في العلاقات، شأن أمور أخرى طرقت السمع والبصر في الآونة الأخيرة، ومنها– تحديداً– عودة المؤسسات والشركات الأمريكية للتعاون مع البلاد في مجال الزراعة بأشكالها المختلفة، فالزراعة في البلاد يعوّل عليها في المرحلة القادمة محلياً وإقليمياً في سد الحاجة للغذاء في زمن كثرت فيه الشكوى من المجاعات والفقر.
لقد كانت المقاطعة الاقتصادية والتجارية والصناعية الأمريكية شاملة، لكن خروج المعدات الزراعية منها الآن بالنسبة لجمهورية السودان يعني أن حاجة الطرفين لتبادل المنفعة والمصالح قد طغت عليها، ورغم ما عرف من ضغوطات اللوبيات والمجموعات صاحبة المصلحة، فالأوضاع عالمياً وإقليمياً ما عادت تحتمل اللعب ضد المصالح الخاصة والعامة.
هذه على كل حال بداية الطريق في تصويب العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والسودان، والمصالح هنا أكثر من أن يشار إليها فهناك:
أولاً- الأوضاع في جنوب السودان.
ثانياً- الأوضاع الإقليمية بشكل عام.
فالجنوب– سكاناً ومكاناً– الذي كان مجال اهتمام الدول الغربية ومحل نظرها وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية قبل الانفصال وبعده.. هي الآن في حالة قلق مستمر مما يجري هناك من عدم استقرار وتنازع وحرب وخلافات، تقول مجتمعة إن جنوب السودان (سكاناً ومكاناً) إلى زوال إذا لم يتدارك الأمر عقلاء قوم أو من هم أقرب إلى الشأن (سكاناً ومكاناً).. والإشارة هنا إلى جمهورية السودان التي بين أهلها وأهل جمهورية الجنوب علاقات اتصالات ومصالح.
الكثيرون من أهل الجوار وغيرهم يطالبون الآن جمهورية السودان بالقيام بدور يعيد الاستقرار والأمن والطمأنينة إلى أهل الجنوب.. ذلك علاوة على أن السودان ومنذ قيام دولة الجنوب قبل سنوات ظل على علاقة دبلوماسية وعلاقة جوار وتبادل مصالح ومنافع طيبة رغم كيد الأعداء وسعيهم إلى الفرقة بين الطرفين.
ذلك بطبيعة الحال، رغم أن عدداً من اللقاءات والاجتماعات والاتفاقيات بين الطرفين قد تم في البلدين وغيرهما.. إلا أنها لم تنفذ ويعمل بها على أرض الواقع.
الآن الجهود مستمرة كما قلنا لأن يلعب السودان دوراً في الاستقرار في جنوب السودان، وذلك الدور ما بدا أن دول الغرب تفهمه أكثر من غيرها.. وهذا مؤشر اتصالات إيجابي سيكون له تأثيره لا سيما وأن البند الثاني أعلاه وهو (الأوضاع الإقليمية بشكل عام)، وهي في جملتها أوضاع (مضطربة وغير مستقرة)، تحتاج إلى العمل من أجل الاستقرار والاهتمام بالجانب الإنساني في العلاقات.
إن ثمة اتصالات جديدة بين الأطراف السودانية والغربية وغيرها فرضتها المستجدات والضرورات، ولها عائدها بطبيعة الحال على الأطراف المختلفة والسودان بشكل خاص.. وفي ما قلنا وذكرنا إشارة إلى ذلك، بل إشارات.. والله نسأله التوفيق.