عز الكلام
مين باع فينا واشترى؟!
ام وضاح
اتصل علينا أمس الأول أحد أقاربنا من الذين جاءوا السودان بعد فترة اغتراب ليست بالقصيرة لقضاء رمضان بين الأهل والأحباب، لكنه وقبل أن يغادر لم يخفِ هو وأولاده ضيقهم وتبرمهم من الإجازة التي تحولت عندهم إلى جنازة بسبب قطوعات الكهرباء والمياه لدرجة أنهم فكروا في قطع الإجازة (والمخارجة) قبل أن تنتهي لولا رجاءات الأسرة والأقارب، اتصل علينا أمس ليقول أن مسلسل النكد لم تنتهي حلقاته بانتهاء الإجازة ومغادرتهم البلاد إذ ظل يروي في محادثة طويلة وبما يشبه النحيب تفاصيل المعاناة التي يعيشونها وآلاف غيرهم في ميناء سواكن وهم يواجهون تعسفاً وبطأً ورتابة في الإجراءات دون أن تراعى ظروف الصيام وسخونة الأجواء، وقال إن صالات الموانئ نفسها لا تليق بالاستعمال الآدمي وهي اقرب إلى (الحظائر) من صالات المغادرة في موانيء العالم. وواصل الرجل المكلوم حديثه أنه وبعد كل هذه المعاناة تم تحصيل رسوم من المغادرين دون إثباتات تحصيل متسائلاً عن أين تذهب هذه الرسوم والصالة لا توجد بها خدمات تقدم للمواطنين وقال أن أولاده حلفوا بالله والرسول أن البلد دي كان تبقى قبلة ما بصلوا عليها ثاني!! هذه بالضبط تفاصيل المحادثة التي دارت بيننا، وعينة ربما هي عشوائية من آلاف السودانيين المغادرين عبر ميناء سواكن ليعانوا الأمرين ويدفعوا فاتورة عودتهم للوطن فتعمق هذه المعاناة جراحاتهم لكنها بالتأكيد أخف وطأة وأقل ألماً من معاناة تشعر بها في بلدك ووسط أهلك ليتبادر السؤال المهم: إنتو البلد دي سايبة؟ من المسئول عن هذه الفوضى وهذه المعاناة؟ أين جهاز شئون العاملين بالخارج من حماية الشريحة التي يفترض أنه يدافع عن حقوقها ويتكفل بانسيابية وراحة إجراءاتها والناس ديل ما قصروا تقولوا أدفعوا ضريبة يدفعوا!! أدفعوا زكاة يدفعوا!! أتبرعوا ساكت يتبرعوا!! لكن كل ذلك مقابل ماذا؟ ألا يستحق هذا البني آدم السوداني مزيداً من الاهتمام والرعاية والاحترام!! بعدين أمانة في ذمتكم أين تذهب هذه الرسوم التي تحصل صباح مساء في الموانئ بتمشي وين والمواطنين يشكون مر الشكوى من أنهم لا يستطيعون حتى قضاء حوائجهم أو الوضوء لأداء الصلاة.
أعتقد أن حديث هذا الرجل ليس خافياً إذ أنه بالتأكيد (رشح) إلى الصحف وطقش أضان المسئولين إن كان في جهاز شئون العاملين بالخارج أو بإدارة الموانئ البحرية أو بولاية البحر الأحمر نفسها التي يقع الميناء في نطاق سلطاتها، وهي بالتأكيد مسئولة عنه شكلاً ومضموناً، وبالتالي مسئولة عن سلامة وراحة المواطنين المغادرين عبر هذا المنفذ، وأي تراخي أو عدم تجاوب من هذه الجهات يدخل في دائرة التقصير الذي يستوجب المساءلة والمحاكمة والمحاسبة، لأننا بهذا الشكل نصبح بلداً تعمه الفوضى واللامبالاة وكل زول شغال على كيفه، وكل الأمور جايطة ولا جديد فيها إلا الرسوم التي تتطور كل صباح مساء وتتجدد هويتها بمختلف الأسماء والتعريفات لكن بتمشي وين؟ سؤال ساهل وإجابته أسهل لكن من يحرك ساكناً!!
كلمة عزيزة
لعلها من أكثر الفئات التي تعاني وتكابد ظروف الحياة هي فئة المعاشيين الذين أصبح اعتمادهم بعد المولى عز وجل على ما يتقاضونه من(قريشات) معاشاً شهرياً لا يسد الرمق وأكثرهم لا زال يتحمل مسئوليات أسرية جسام إضافة إلى احتياجاته الشخصية من دواء وكساء ولا مجال لدخل آخر لأن الشخص من هؤلاء ما عاد فيه من صحة أو عافية لدوام جديد يكسب من خلاله ما يعينه على رهق الحياة، رغم هذه المعاناة تجاهل الصندوق القومي للمعاشات احتياجات منسوبيه وأجل صرف منحة رئيس الجمهورية التي تشمل ثلاثة أشهر ضمن معاش شهر يوليو حتى أغسطس القادم، رغم أن مسئولي الصندوق العباقرة يعلمون مدى احتياج هؤلاء لهذه المنحة لمواجهة مستلزمات العيد وهم يخرجون من رمضان مهزومين مالياً وبالضربة القاضية!! فلماذا لا يتفاعل الصندوق مع هذه الشريحة ويسعى لتسليمهم هذه الفروفات قبل أغسطس على الأقل الناس دي تَعيِّد بذهن صافٍ وضمير مرتاح (أموت وأعرف يتحبوا تعذبوا خلق الله ليه؟).
كلمة أعز
إذا صح أن أراضي ومرافق مهمة بولاية الخرطوم مرهونة لبنوك ورجال أعمال فيبقى الكلام دخل الحوش والسكوت عنه دون تحقيق أو مساءلة (لاتخن تخين) هو الفساد بعينه لأن هذه الأراضي مملوكة للشعب السوداني وتحمل ما تحمل من معاني القومية والسيادة ومن يتجرأ على فعلٍ كهذا أعتقد وصل حداً من اللامبالاة بل والاقتناع بأننا دولة بلا قانون ولا مراجعة لأنه لو وضع اعتباراً للقانون أو المراجعة لما أقدم على هذه الفعلة!! هذا الملف خطير ويدخل في باب الخيانة الوطنية والسكوت عنه لا يخمد الحريق بل يزيده اشتعالاً لذلك أمنحوه ما يستحق من الاهتمام والشفافية وورونا منو الباع فينا وأشترى؟!