مدرسة كترانج بين أمس واليوم!!
مدرسة قرية كترانج التي تقع على الضفة الشرقية للنيل الأزرق، زرتها قبل عام تقريباً وتجولت داخلها وكانت في حالة يرثى لها، وتلميذاتها يدرسن في فصول مشيدة من الخيام ويجلسن في العراء تحت الأشجار.. أجريت وقتها تحقيقاً شاملاً والتقيت بالأساتذة وأولياء الأمور، ونشر التحقيق بتاريخ 3/9/2014م، وما دفعني للقيام بالتحقيق وقتها هو تصريح أدلى به وزير التربية والتعليم “عبد المحمود النور” عن خلو الولاية من أي بلاغات أو شكاوى تتعلق بفصول متصدعة.
والآن، وبعد مرور عام من عمر الزمان وبفضل تحقيق (المجهر) تحولت مدرسة كترانج إلى قصر مشيد.. فصول مبنية بالطوب الأحمر، مكاتب، منافع وسور خارجي جميل، وتحول الحلم إلى واقع حقيقي بفضل المعدات الحديثة التي وفرتها لهم محلية شرق النيل.
والحقيقة ما كانت (المجهر) تنوي التطرق لموضوع هذه المدرسة، فالهدف المنشود قد تحقق، وهذا ما تسعى إليه وليس التباهي و(الشوفونية)، لكن إصرار أهالي المنقطة واللجنة الشعبية بالقرية على مواصلة المشوار وإشادتهم بدور الصحفية في الطفرة التي حدثت، وأكثر من ذلك، فقد زادوا في تقديرهم لدور (المجهر) بأن أعلن رئيس المجلس التربوي أ. “عبد الله” إطلاق اسم صحيفة (المجهر) والمحررة “آمال حسن” التي تولت التحقيق على قاعة اجتماعات مجلس الآباء بالمدرسة.. كل ذلك جعلنا ننزل عند رغبتهم ونفتح لهم صفحات (المجهر) التي قدموا من خلالها الشكر إلى معتمد شرق النيل السابق د. “عمار” وعدد من قيادات المنطقة لوقفتهم الكبيرة حتى إنجاز المشروع.
تحقيق- آمال حسن
على خلفية التحقيق الذي نشرته (المجهر) حول مدرسة كترانج، والانهيار الكلي الذي طال فصولها، وتلميذاتها اللائي يدرسن في المطبخ ومعلموها الذين يجلسون تحت الأشجار، وبعد تجول (المجهر) داخل فصول أشبه بالأطلال، استجاب معتمد محلية شرق النيل بتأهيل المدرسة وتشييدها من طابقين، وتأهيل (16) فصلاً بالإضافة إلى مكاتب المعلمين.
وقال رئيس المجلس التربوي: (أشكر جريدة “المجهر” والأستاذ “الهندي عز الدين” والصحافية الأستاذة “آمال حسن” اللذين ما بخلا بجهد في سبيل مساعدتنا في بناء هذا الصرح.. كما أشكر أصحاب اللواري بالقرية الذين تبرعوا بأربعين “دور” حجر مجاناً.. والشكر موصول لأصحاب القلابات واللوادر بالقرية الذين أمدونا بالمونة والرمل والخرسانة مجاناً، وأصحاب الكمائن الذين تبرعوا بـ”300″ طوبة مجاناً.. وكذلك نشكر تجار ومواطني القرية عامة نساء ورجالاً الذين ما بخلوا بما لديهم، والمغتربين في كل بقاع العالم الذين تبرعوا لبناء المدرسة).
وأضاف رئيس المجلس التربوي بمدرسة (محمد أحمد الأمين النموذجية) بنات بكترانج لـ(المجهر) إن معتمد شرق النيل دكتور “عمار” والسيد “عمر عبد الرحيم” نائب الدائرة وعضو المجلس التشريعي “صلاح محمد الأمين” بذلوا جهداً مقدراً وتبرعوا بـ(50) طن أسمنت و(10) أطنان سيخ تسلمنا منها (50%) ونرجو منهم الكثير جزاهم الله خيراً. أما مناشدتي للمعتمد والوالي فكانا في كل المحافل يقولان من بنى فصلاً بالجهد الشعبي نبني مقابله فصلين.. ونتيجة هذا الجهد كافأت اللجنة الشعبية الصحيفة بتسمية قاعة المدرسة باسم رئيس مجلس الإدارة “الهندي عز الدين” وأحد الفصول باسم الجريدة وآخر باسم المحررة “آمال حسن”.
{ نسبة النجاح (100%)
رغم البيئة السيئة التي كانت تعيشها تلميذات المدرسة إلا أنها كانت في المقدمة.. ومدرسة “محمد أحمد الأمين” بكترانج التي تتبع لمحلية شرق النيل قطاع أم ضواً بان تتمتع ببيئة طبيعية خلابة، لو اكتملت بنهضة فصولها وتأمينها لتضاعف نجاحها أكثر، ورغم ما هي عليه تعدّ من المدارس المتفوقة على مستوى ولاية الخرطوم، وظلت تحرز نسبة نجاح (100%) على مدى عشر سنوات متتالية على مستوى محلية شرق النيل.
هذه المدرسة تعرضت لدمار شبه كلي في مبانيها منذ خريف عام 2012م وبقي حالها كما هو حتى 2013م، وقد خاطبت المدرسة السيد معتمد شرق النيل والسيد مدير الإدارة العامة للشؤون التعليمية بشرق النيل بواسطة السيد مدير تعليم قطاع أم ضواً بان، شارحة الحالة التي وصلت إليها المدرسة بعد الخريف، حيث انهارت دورات المياه بالكامل وتصدعت ثمانية فصول منها أربعة آيلة للسقوط، إضافة إلى حجرة الاقتصاد ومكتبين، فضلاً عن تصدع سور المدرسة من الجهة الشمالية.
{ الانتقال من المطبخ إلى الفصل!!
وسبق أن أشار خطاب، تحصلنا عليه، إلى طالبات الصفين السابع والثامن، موضحاً كيف أنهن يدرسن بالمدرسة الثانوية للبنات، فيما تدرس طالبات الصف الثالث بحجرة الاقتصاد “المطبخ” المتصدعة والصف الرابع بالمظلة، وبقية الحصص تدرس تحت الأشجار بالتناوب. وبعد التشييد الأخير تحولت التلميذات إلى فصول متطورة بشكل متقدم بأجواء مهيأة للدراسة.
وقبل ذلك- أي في عام 2012م- وجهت لجنة من قبل المعتمد والمدير التنفيذي للمحلية بعمل تقديرات فنية لتهيئة المدرستين لمزيد من التفوق، لكن يبدو أنَّ ذلك كان حبراً على ورق. وأخيراً تحول حبر المعتمد السابق إلى واقع يعيشه التلاميذ وأهالي المنطقة، عندما تم تنفيذ موجهاته السابقة وتحولت إلى واقع عايشه الناس من خلال التفوق الأخير لتلميذات المدرسة.
وسبق أن كان المشهد في مدرسة “محمد أحمد الأمين” أبعد ما يكون عن كونه بيئة مدرسية، فالطالبات يتلقين دروسهن في ظروف قاسية يحفهن الخطر من كل حدب وصوب، فبعضهن يستظل جلوساً بالأشجار، معرضات لخطر لدغات الحشرات، وأخريات حُشرن في حجرات ضيقة كانت مكاتب، والاختناق والالتهابات قاب قوسين أو أدنى، بينما ظلت أخريات تحت الفصول المتصدعة يتشاركن الفصل الذي اتخذت مؤخرته كمخزن لمواد البناء التي تبرع بها بعض أهالي المنطقة. أما المعلمون فقد تفيأوا ظلال الأشجار متخذين منها مكاتب بعد أن تركوا ما تبقى كحجرات دراسة.. لكن الآن وبعد كل تلك المأساة تحولت الفصول المتصدعة إلى فصول جميلة نظيفة مؤثثة، مطلية بألوان زاهية تسر الناظرين.
{ التلميذات يدرسن في العراء
قال رئيس المجلس التربوي الأستاذ “عبد الله محمد محمود” لـ(المجهر) إنَّ المدرسة متفوقة منذ أكثر من (10) سنوات والأولى دائماً على مستوى المحلية، انهارت هذه المدرسة في العام 2012م وقدمت إدارة المجلس التربوي وإدارة المدرسة طلباً للمعتمد الذي صدق فوراً بفصلين السنة الفائتة أحدهما لمدرسة البنات والثاني للأولاد، لكن ما زال التصديق بحوزته، وكذا تقديرات المهندس التي لم نجد لها ضوءاً أخضر حتى الآن، ومن جانبنا عملنا على استنفار المواطنين وحركنا الجهد الشعبي لأنَّ أبناءنا وبناتنا جالسون في العراء بدون فصول، وتحصلنا على رمل وخرسانة و(19) ألف جنيه وعشرة أطنان أسمنت و(35) ألف طوبة عن طريق بعض الإخوة الذين تحصلوا على (19) ألفاً من المواطنين وديوان الضرائب بالمحلية ووفروا (20) ألف طوبة.