تقارير

استئناف إصدار تأشيرة الهجرة لأمريكا من الخرطوم.. هل له ما بعده؟؟

مؤشر إيجابي في تطور العلاقات بين البلدين
“الساعورى”: أمريكا بدأت في مراجعة سياساتها ضد السودان
الخرطوم – وليد النور
في خطوة مفاجئة أعلنت السفارة الأمريكية في الخرطوم، (الأربعاء) الماضي، عن استئناف إصدارها تأشيرة الهجرة للولايات المتحدة الأمريكية من السودان للمرة الأولى، منذ نحو (20) عاماً.
وكانت الولايات المتحدة قد وضعت السودان في قائمتها السوداء الخاصة بالدول الراعية للإرهاب، وفرضت عليه عقوبات اقتصادية، منذ عام 1997 بسبب ما سمته دوره في استضافة متشددين بارزين. لكن بدأت في الآونة الأخيرة، إرهاصات وتحركات واتصالات رسمية وغير رسمية بين البلدين من أجل إنهاء تلك العقوبات وتطبيع العلاقات بين البلدين، حيث سافر خلال الشهرين الماضيين عدد من الصحافيين السودانيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ثم عدد من زعماء الإدارة الأهلية الذين نظموا وقفات احتجاجية  للمطالبة برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد. وقد أثر إيقاف التأشيرة، خصوصاً، من الخرطوم على الدارسين والمهاجرين عبر اللوتري (الهجرة) ما اضطرهم إلى تكملة إجراءاتهم من القاهرة.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين بروفيسور “حسن الساعوري” في حديثه لـ(المجهر)، إن القرار مؤشر إيجابي في اتجاه تحسين العلاقة بين البلدين، وأضاف إن أمريكا بدأت في مراجعة سياساتها ضد السودان، لكنها مراجعة بـ(القطاعي)، مشيراً إلى أنها سبق ورفعت الحظر عن المواد الغذائية والزراعية ثم العلمية، وقال إنها تتعامل مع الخرطوم بسياسة الترغيب أو (الحندكة)، وأضاف: (أمريكا عاوزة تقول لينا أنا قريبة منكم، ولكن قدموا لنا).. ووافقه في تقدير إيجابية القرار السفير “حسن جاد كريم”، الذي قال في حديثه لـ(المجهر) إن قرار السفارة الأمريكية إعادة منح التأشيرة للمواطنين السودانيين من الخرطوم، يعدّ مؤشراً إيجابياً في تطور العلاقات بين البلدين، إلى جانب مساهمته في رفع المعاناة عن المواطنين، بالإضافة إلى أنه سيمنح فرصة للدور المجتمعي لاسيما في إطار سفر البعثات الشعبية والعلماء والبعثات الرياضية، وتحركات المبعوثين، مشيراً إلى أن الدور المجتمعي والشعبي أصبح أكبر من الدور الرسمي، بيد أن إعادة التأشيرة تعمل على قياس الترمومتر للعلاقات،  وقال إن النظرة يجب أن تكون للعلاقات الاجتماعية.
وتفرض العقوبات قيوداً على التجارة والاستثمارات الأمريكية في السودان، وتحجب الأصول المملوكة للحكومة السودانية، كما استهدفت واشنطن عدداً من المسؤولين السودانيين بتجميد الأموال والأصول المملوكة لهم، وحظرهم من السفر.
وأفادت السفارة الأمريكية بالخرطوم في تعميم، (الأربعاء) الماضي، أنه ابتداء من يوليو الحالي، سيكون باستطاعة المتقدمين كافة من جميع الفئات للحصول على تأشيرات الهجرة، بما في ذلك الأقرباء المباشرين، وتأشيرات (اللوتري)، أن يكملوا مقابلاتهم وإجراءات تأشيراتهم بالخرطوم). يشار إلى أن إجراءات الهجرة للرعايا السودانيين، كانت تلزمهم سابقاً بالتوجه إلى السفارة الأمريكية في القاهرة، لتكملة إجراءات التأشيرات الخاصة بالمهاجرين، ما يتطلب السفر إلى مصر، وبذل قدر كبير من الوقت والجهد والنفقات.
 وفي أغسطس من العام المنصرم كشف مالك مشروع (فابي) للمنتجات الزراعية “وليد فايت” عن رفع الولايات المتحدة الحظر عن (32) شركة من بينها أعماله، والسماح لها باستيراد آليات خاصة بالإنتاج الزراعي والحيواني، وقال إن أربع شركات أخرى زارت أمريكا مؤخراً بذلك الخصوص، فيما عدت الحكومة نجاح المشروع دعماً لاقتصاد السودان والمجتمع، ووجهت المركزي والبنك الزراعي بتقديم تسهيلات التمويل المطلوبة.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعفت جنوب السودان ومناطق أخرى من المقاطعة في العام 2005م إبان توقيع اتفاقية (نيفاشا) للسلام. وكانت وزارة الخزانة الأمريكية في ذلك الوقت قد حددت تلك المناطق بـ(جنوب السودان، جنوب كردفان، جبال النوبة وولاية النيل الأزرق). 
وفي السياق نفسه، أعلن مبعوث الرئيس الأمريكي إلى السودان وجنوب السودان، في فبراير الماضي رفع الحظر الاقتصادي عن السودان جزئياً والسماح له باستيراد أجهزة الاتصالات وتقاناتها، وتزامنت الخطوة مع إعلان الخرطوم عن زيارة مرتقبة لمساعد وزير الخارجية الأمريكي للديمقراطية وحقوق الإنسان إلى السودان. وقال المبعوث الأمريكي “دونالد بوث” في تصريحات سابقة إن بلاده قررت السماح للسودان باستيراد الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر وبرامجها وجميع البرامج المرتبطة بتقنية الاتصالات. وأضاف إن السماح بتصدير تكنولوجيا الاتصالات الشخصية إلى السودان سيعزز حرية التعبير في ذلك البلد، ويساعد السودانيين على التواصل فيما بينهم ومع العالم أجمع، على حد قول الوكالة.
وجاءت التطورات بعد أيام من زيارة مساعد الرئيس السابق “إبراهيم غندور” إلى واشنطن، الذي أعلن عن اتفاقه مع المسؤولين الأمريكيين على مواصلة الحوار الثنائي، وصولاً إلى تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن.
وقالت مسؤولة العلاقات الثنائية والإقليمية بالخارجية “سناء حمد”، في تصريحات سابقة، إن (زيارة المسؤول الأمريكي تأتي في إطار سياسة التواصل، ولاستقاء المعلومات الرسمية من المسؤولين السودانيين). وأضافت “حمد” إنه تم إعداد برنامج واسع للمسؤول الأمريكي الزائر يتضمن مقابلات مع عدة جهات، مشيرة إلى أن بلادها دخلت في حوار مباشر مع الحكومة الأمريكية حول العلاقات الثنائية بين البلدين. واسترسلت: (الحراك الدبلوماسي السوداني تجاه واشنطن بدأ يؤتي أكله، وأتوقع حدوث نتائج أفضل في المستقبل).
وأشارت “حمد”، في تصريحات سابقة، إلى أن الحكومة تجاوزت في حوارها مع واشنطون المبعوثين، منوهة إلى دخولها مرحلة التفاوض المباشر في القضايا الثنائية والحوار غير المشروط، ووصفت بدء الحوار مع أمريكا بـ(النقلة النوعية)، وقالت إن الحكومة لا تريد التعجل في الإدلاء بإفادات حول ما تترتب عليه المباحثات الثنائية، وأردفت: (لا نقول إن العلاقة تمشي في إطار، ونتحدث عن نهايات).
وكان مساعد الرئيس، حينذاك، “إبراهيم غندور” قد نوه إلى رغبة واشنطن في الدفع بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى آفاق جديدة، وأضاف: (اتفقنا على الاستمرار في الحوار المشترك، الذي ربما يستأنف بين الجانبين قريباً، سواء في الخرطوم أو واشنطن).
وحول رفع العقوبات الأمريكية على السودان، قال “غندور”: (هناك رغبة من البلدين للدفع بالعلاقات إلى آفاق جديدة، لكن نحن لا نتحدث عن حوافز أو عقوبات بقدر ما نتحدث عن علاقات طبيعية).
وكانت واشنطن قد أدرجت السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب في العام 1993، وفرضت عليه عقوبات اقتصادية منذ العام 1997 (تشمل حظر التعامل التجاري والمالي بينهما).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية