الإدانة الأمريكية!
أدانت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بأقصى عبارات الشجب سلوك الحركة الشعبية العنيف نحو المدنيين وطالبت بوقف أعمال العنف والقتال في إقليم جبال النوبة وحملت الحركة الشعبية قطاع الشمال مسؤولية إزهاق أرواح 48 من المدنيين الذين كانوا يعملون في منجم للذهب بمحلية كالوقي من نحو أسبوع وهجمت عليهم قوات الحركة عند صلاة الفجر وارتكبت مجزرة بشعة بحق الأهالي .. ودعت الولايات المتحدة على لسان سفارتها في الخرطوم الحركة الشعبية بوقف الحملات التي تشنها ضد المدنيين في مناطق النزاع.
بيان السفارة الأمريكية خطوة جيّدة ومنهج جديد خطته سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف إلى صف المدنيين في النزاع الحالي .. وإدانة صريحة للحركة الشعبية التي ظلت تحظى بسند ودعم أمريكي معلن وغير معلن وغض الطرف عن انتهاكات الحركة الشعبية الجسيمة لحقوق الإنسان الشيء الذي جعل الحركة الشعبية تتمادى في العمليات الموجهة نحو السكان المدنيين لإرغامهم على الهجرة من مناطقهم وحرمانهم من سبل كسب العيش في الزراعة والتعدين. وقد تقلصت أعداد سكان جبال النوبة بسبب تلك الهجمات لأقل من 50% من آخر تعداد سكاني ومدينة مثل كادقلي ظلت تتعرض لوابل من الهجمات الصاروخية التي تسقط على رؤوس المدنيين من الرجال والنساء والاطفال.. الشيء الذي استحالت معه الحياة المستقرة فآثرت آلاف الأسر الهجرة داخلياً إلى المدن المستقرة.. ورغم بشاعة تلك الهجمات على المدنيين وآثارها السالبة على الاستقرار ظلت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في الخرطوم تغمض عينيها إزاء تلك الأحداث ولم يصدر منها أي رد فعل كما حدث الأسبوع الجاري حينما أصدرت السفارة بيانها الذي وجد الارتياح وسط أسر الضحايا وعامة المواطنين في السودان .. فهل هي صحوة ضمير كان غائباً أو مغيباً؟؟ أم هي لحظة صفاء من النفس جعلت الولايات المتحدة تنتصر للضحايا وتقف في وجه حليفها الحركة الشعبية ولو مؤقتاً.
إن مجرد الإدانة اللفظية وحدها لا يمثل المطلوب مطلقاً من دولة مثل الولايات المتحدة بيدها استخدام آليات الأمم المتحدة ومجلس الأمن في فرض عقوبات على متمردي الجيش الشعبي .. فالأيادي التي عبثت بأرواح المدنيين معلومة للولايات المتحدة ويمكن إصدار مذكرة توقيف بحق القادة الذين قتلوا المدنيين في كالوقي.. وهم معروفون بالاسم.
{صحيح أن الرأي العام السوداني نفسه اتسمت ردود فعله إزاء الحادث باللامبالاة.. وضعف الشعور الإنساني نحو المدنيين الذين قتلوا .. ولكن ربما كان ذلك بسبب تكاثر الموت في بلادنا حتى أصبح أهمية الحدث وحظه من البحث في وسائل الإعلام تبعاً لأرقام ضحايا الحادث . وكلما تضاعف عدد القتلى مائة وما فوق ذلك وجد الحدث اهتماماً، ولكن الولايات المتحدة التي تصدر البيانات بسبب مقتل جندي إسرائيلي واحد على أيادي المقاومة الفلسطينية من أصحاب الحق ينبغي لها أن تنظر لفظاعات الانتهاكات (الجسيمة) لحقوق الإنسان التي ترتكبها الحركة الشعبية في هجماتها على المدن والقرى ومناطق التعدين الأهلي والبلدات الزراعية والطرق.. والرعاة.. خطوة الولايات المتحدة الأمريكية تجد منا التقدير والاحترام لوقوفها مع الضحايا وإدانة الجناة معنوياً.