والي الخرطوم يحدد ملامح الطريق لحكومته في جلسة الافتتاح لتشريعي الولاية
بتشريف رئيس المجلس الوطني
تقرير ـ نهلة مجذوب
شهدت فاتحة أعمال المجلس التشريعي لولاية الخرطوم، أمس، حضوراً عالياً، تقدمه رئيس المجلس الوطني البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”، وحضوراً كثيفاً من قادة الولاية الحكومية في الأجهزة الأمنية والعدلية والشرطية والأحزاب والشخصيات العامة، إلى جانب الأعضاء والعاملين، كون مقر المجلس التشريعي للخرطوم مكاناً له خصوصية تاريخية، إذ انطلقت من قبته صيحة الاستقلال. وأضاف رئيسه، أمس، المهندس “صديق محمد علي الشيخ” إن قادة الاستقلال وبزعامة “الأزهري” وإخوانه سطروا قلادة شرف من نور أصبحت تزين جيد هذه القاعة وتضيء الدرب للأجيال حاضراً ومستقبلاً وماضياً تليداً.. ورحب بالبروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” لتشريفه الجلسة التاريخية في دورة الانعقاد الأولى لهذا المجلس، مبيناً أنها نتاج طبيعي بعد الانتخابات الماضية التي أفضت في الخرطوم إلى ثلة من أعضاء المجلس كممثلين شرعيين لـ(42 دائرة جغرافية) و(25) في قائمة المرأة و(17) لقائمة الأحزاب بجملة (84) عضواً.
رئيس الهيئة القومية التشريعية البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” خاطب الجلسة موجهاً رسائل، قال إنها هوامش فقط تعين وتساعد المجلس ونوابه في عملهم من أجل خدمة المواطن وترقية الخرطوم عبر التشريع والرقابة بعد سماعه خطاب الوالي ورئيس المجلس التشريعي، وبدأ مهنئاً الذين أشرفوا على الانتخابات والذين اختاروا ممثليهم بكل حرية واطمئنان.
وأشار إلى أن الخرطوم ولاية تتأثر بها كل ولايات السودان نظراً للإمكانيات الكبيرة فيها، وقال إن صلاح العاصمة لم يكتمل ما لم ينصلح حال بقية الولايات، وأضاف: (نحن على ثقة بالله بأن يهدي إلى الخير والعمل النافع)، وزاد: (إن يومنا أفضل من أمسنا وغداً سيكون أفضل). وطالب بالتفاؤل وعدم التقصير في العمل، وشدّد على النواب بضرورة تأسيس تواصل مستمر مع مواطني الدوائر التي انتخبتهم وأن يكونوا ناقلين لهمومهم إلى ساحة العمل والتشريع، وأضاف: (يجب علينا الإصغاء للناس والاستماع إليهم).
وطالب البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” المجلس بعدم الاستهانة بفهم الناس وتقديرهم للأمور، وقال إنه لا بد من الثقة والتجاوب معها بالرشد والمسؤولية، ونادى النواب بالشفافية، وقال إنه من الخطأ أن تدار الأمور بخفاء عن الناس، وأكد أن محاولة إخفاء الحقائق تولد الشكوك وأن الوضوح والشفافية تجلبان الثقة والتأييد.
ووجه بروف “إبراهيم” رسالة تتعلق بقضية الفقر، وطالب بوضع برامج تقلل من حدة الفقر مع الاهتمام بالأحياء الفقيرة أكثر من الغنية، وأوضح أن التنمية الأفقية أهم من الرأسية. وفي جانب المؤسسية تساءل عن الدور الرقابي والتشريعي وقال: (هل فيه جديد أم روتين؟) ونادى بالتفاؤل ورفع راية (سيظل أداؤنا أكبر من السابقين).
ودلف البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” إلى قانون ولاية الخرطوم وضرورة معرفة المجلس ولجانه به، والعمل على تعزيز الرقابة والتشريع والفكر، وأكد أهمية أن يسلح الناس بمعرفة الدستور والقانون واللوائح، وأوصى بالإخلاص والصدق.
{ أول خطاب للوالي في المجلس
قدم والي الخرطوم الفريق ركن أول “عبد الرحيم محمد حسين” أول خطاب له، أمس، بالمجلس التشريعي في الجلسة الافتتاحية لدورة الانعقاد الأولى المخصصة لخطاب الوالي، وطرح فيه مشاكل الخرطوم وحلولها، وقد حوى إشراقات للمواطنين.
تعهد والي ولاية الخرطوم في خطابه ببذل أقصى الجهود واستنفار كل الطاقات واستصحاب كل الآراء بتفهم ووعي وإدراك، وذلك بعد القسم الذي أداه أمام رئيس الجمهورية في بداية تكليفه لقيادة الولاية. وأضاف إن غايته سعادة إنسان الولاية وتحقيق مقاصد الدين النبيلة، وعقد العزم على تأمين لقمة العيش الكريمة وتوفير الأمن لمواطني الخرطوم، وبث الطمأنينة، والتدريب المستمر والتعاون الإيجابي بين الأجهزة الشرطية والأمنية والعدلية، مع زيادة أعداد بسط الأمن الشامل وتأهيلها وتطويرها لتكون ذراعاً قوية للأجهزة الأمنية تمنع الجريمة وتلاحق من يرتكبها. وزاد بالقول: (هو عهد نقطعه عليكم في هذا اليوم المبارك من شهر رمضان الكريم أن نبذل كل غالٍ ومرتخص في سبيل ترقية وتطوير وتنمية الولاية).
وقدم الوالي في خطابه ملامح عامة، وقال إنها إشارات لأنه ما زال يتلمس الخطى في شعاب الولاية ومنعطفاتها ودهاليزها، وأوضح أنه يراجع الخطط التفصيلية التي قدمت للمجلس التشريعي في بداية العام 2015م وأجيزت، مؤكداً تقديم الخطط المطلوبة للتنفيذ لاحقاً، وبيّن أن الخطط الناجحة كانت نتيجة شورى ودراسة بين الجهازين التشريعي والتنفيذي، مشيراً إلى جهود حكومة الوالي السابق د. “عبد الرحمن الخضر” في العديد من الخطط في الدراسة والإعداد.
{ هاجس المياه وهمّ المعيشة والتعليم
أقر الوالي بأن مشكلة المياه هي الهاجس ومحل الاهتمام الأول، مبيناً شروع الولاية في إعداد ثلاث خطط فورية إسعافية، وخطة إستراتيجية بدأت، ورصد لها مبلغ (9.5000.000) جنيه، وأوضح أن الخطة الإسعافية والمتوسطة تهدف لصيف قادم بلا قطوعات، على أن تعالج الخطة الإستراتيجية خلال عامين إلى ثلاثة أعوام المشكلة جذرياً.
وطمأن الوالي المواطنين على تجهيزات الخريف من خلال زيارته الميدانية لحفر وتشييد وتأهيل المصارف الرئيسية والسدود لمنع السيول، والاستفادة من كميات المياه المتدفقة بعمل السدود والخزانات لتوفير مياه الشرب والرعي والزراعة. ومضى إلى أن تخفيف أعباء المعيشة بيسر وبأسعار مناسبة هو أكبر همومه وسيسعى مع الجهات كافة لتوفير لقمة العيش لمواطن الولاية. كما أكد التزامه بأن التعليم سيجد كل الاهتمام، مقراً بأن الجهود في التعليم أقل مما تتوق إليه الولاية، كاشفاً عن خطة طموحة لترقية البيئة المدرسية وتدريب المعلمين.
{ النظافة والصحة
الوالي أقر كذلك بقصور النظافة، وأوضح أن معوقات النظافة أقعدت بالتقدم في هذا المجال، بعضها إداري وآخر يتعلق بسلوك المجتمع، وبعضها يكمن في الطريقة الفنية للعمل وما يتعلق بالآليات والمعدات، كاشفاً عن تكوين لجنة لدراسة المشكلة ووضع الحلول العاجلة رئيسها وزير الصحة ولفيف من العلماء والخبراء، وأكد تقديم خطة الولاية العامة للنظافة وإصحاح البيئة للمجلس التشريعي.
وفي جانب الصحة، وعد الوالي في خطابه بتوفير ونقل الخدمات الصحية والطبية لأطراف الولاية وفق الخطة المجازة مع توفير الكادر الطبي والصحي والمعدات اللازمة لكل مركز صحي ومستشفى، وتأكيد التغطية الشاملة لخدمات التأمين الصحي والسعي لإدخال الأدوية والخدمات الطبية كافة تحت مظلته.
{ الحوسبة للشفافية
وأكد الوالي أن حوسبة الأعمال المالية تأتي تأكيداً للشفافية وضماناً للانتشار الأفقي في أعمال تحصيل إيرادات الولاية، مؤكداً تعميم الحكومة الإلكترونية في كل أنشطة الولاية الخدمية والإدارية لمواكبة التطور الذي يحدث في العالم الآن، وتقليلاً للتكلفة المالية في أعمال إدارة الولاية تمكيناً للرقابة الإدارية والمتابعة اللازمة والمراجعة المستمرة لكل الأعمال، مبيناً أنه سيتلازم مع ذلك إتباع سياسات استثمارية جاذبة في مجالات الزراعة، مؤكداً في السياق على زيادة الرقعة الزراعية واستخدام التقنيات الحديثة، مشيراً إلى غنى الخرطوم بالأراضي الزراعية، إلى جانب العمل على كهربة المشاريع وضمها لشبكة الكهرباء بالولاية. هذا، إضافة إلى تأهيل الأسواق وتنظيمها وتسهيل حركة المواطنين فيها، وحل قضايا التخطيط العمراني وتنظيم حركة البناء ومنع التعديات على الشوارع والساحات، والاستمرار في سياسة وتوفير السكن الشعبي والاقتصادي لكل الفئات، وإعادة تخطيط بعض المناطق ومنع السكن الاضطراري والعشوائي، مع العمل على استكمال مشروعات البنى التحتية من تعبيد وسفلتة طرق وتشييد كبارٍ ومعابر لفك اختناقات المرور الماثلة الآن، وتوفير وسائل النقل وتوفير مواقف مواصلات بصورة تعكس جمال ورقي العاصمة، مشيراً إلى مشروع القطار المحلي والنقل النهري. كما تضمن خطاب والي الخرطوم ضرورة الاهتمام بالرياضة ومتطلباتها داخلاً وخارجياً وكذلك الاهتمام بالثقافة والفنون.
وأكد الوالي أن مشروع الدولة الحضاري ماثل والحكومة تحرص عليه وتذود عنه كونها أمة مسلمة ترعى إسلامها بوسطية واعتدال، مشيراً إلى تفعيل دور المساجد والتعايش وتزكية النفوس.
{ التشريعي وجعل العمل واقعاً
رئيس المجلس التشريعي لولاية الخرطوم المهندس “صديق محمد علي الشيخ” أكد من جانبه في فاتحة أعمال المجلس أن تحدي المجلس في الوقت الراهن هو أن يجعل من العمل واقعاً يحكم العلاقات، وينظم المعاملات، ويراعي الحقوق والواجبات. وأكد لوالي الولاية حرصهم على تمكين السلطة التنفيذية حتى تضطلع بدورها كاملاً، إلى جانب تمكين سلطة المجلس التشريعية والرقابة لتؤدي دورها المنوط بها كاملاً لخدمة مواطني الولاية على الوجه الذي يرضي الله.
وقال رئيس المجلس إن الخرطوم ليست بالفقيرة أو العاجزة مالاً أو إمكانيات، وهي غنية بالعقول والخبرات والتجارب، مما يؤكد إمكانية إحالة كثرة العدد فيها من تحدٍ إلى ميزة من أجل البناء والإعمار والإنتاج. وأشار “صديق” إلى مبادرة ولاية الخرطوم بمواءمة دستورها مع الدستور القومي في دورة الانعقاد الأخيرة للمجلس السابق، لافتاً إلى أنها تطلب من المجلس الوطني ومجلس الولايات على مستوى الهيئة التشريعية القومية أن يتم إصدار القوانين الإطارية المنظمة مثل قانون الحكم المحلي الإطاري وقانون الخدمة المدنية وقانون الشرطة لكي تتكامل حلقات التشريع وتتواءم على كل المستويات.