رئيس حركة (الإصلاح الآن) "غازي صلاح الدين" في حوار شامل
ليس لي رجاء في آلية (7+7) ولا بد من استقلالية المنصة
أنا أحسن الظن بالمؤسسة العسكرية وأثق أنها مع الحوار ووقف الحرب
لسنا راغبين في حوار ثنائي أو جزئي والخصم لا يكون هو الحكم
لا ينبغي التعويل على التحالفات الإقليمية لأنها حالة طارئة يمكن أن تتغير
راج خلال الأيام الفائتة أن حركة (الإصلاح الآن) في طريقها للمشاركة في الحوار، وبين النفي والإثبات تمخضت كثير من الآراء والمواقف التي ساعدت على وجود حالة من الالتباس، ولاستجلاء الموقف الحقيقي تداعت مجموعة من الصحفيين وذهبوا إلى مقر حركة (الإصلاح الآن) والتقوا بزعيمها دكتور “غازي صلاح الدين” في حوار مفتوح وضع فيه “غازي” النقاط على الحروف عندما تحدث حديثاً شفافاً عن مواقفهم تجاه ما يجري من حوار، مستخدماً مبضعه في تشريح مسارات الحوار منذ انطلاقه والمنعرجات التي مر بها وكانت بمثابة عثرات في طريقه، وربط “غازي” عودة حركته للحوار بحيادية المنصة واستقلاليتها عندما قال: نريد جهة غير المؤتمر الوطني تكون في المنصة حتى نضمن استقلاليتها، ولا يمكن أن يكون الخصم الذي أريد أن أقتص منه موجوداً في المنصة فإلى التفاصيل..
حوار/ فاطمة مبارك
– نحن من حيث المبدأ قولاً وعملاً أثبتنا أننا مع الحوار الذي يستوفي المتطلبات ويكون حواراً حقيقياً، لكن من الواضح أن الحوار الذي أداره المؤتمر الوطني أداره بفهمه الخاص، لذلك كثير من القوى السياسية التي كانت فيه، خرجت مثل حزب (الأمة القومي).
[ ما هي مآخذكم التي دعتكم للتحفظ؟
– نحن قلنا لا يمكن أن يكون المؤتمر الوطني طرفاً في التعاطي داخل الحوار، ويكون هو نفسه الذي يرأسه ويشرف عليه، وبالتالي لابد من التوافق على آليات الحوار وقواعده وطريقة إدارته، لكن موقفنا المبدئي مع الحوار، نحن لم نحمل سلاحاً وقلنا وسيلتنا للتغيير وسيلة سياسية.
[ قيل إنكم ستنضمون للحوار قريباً؟
– إذا كان هو الحوار القديم الذي شهدناه فنحن ليس جزءاً منه، الحوار لا بد أن يستوفي الأوصاف والمتطلبات الأساسية وأن يكون عادلاً. [ ألم تصل حركتكم بعد أكثر من عام لقرار حاسم؟
– القرار ليس في يدنا نحن، القرار في يد القوى السياسية نحن ندلو بدلونا معها وسنكون مع حوار يستوفي الأسس والمبادئ التي تتفق عليها القوى المحاورة، ولن نكون طرفاً في حوار جزئي أو ثنائي، ولن نكون طرفاً في حوار لا يستوعب كل القوى السياسية أو ليست لديه إدارة مستقلة.
[ على ماذا اشتملت ملامح رؤيتكم للحوار؟
– لدينا رؤية طرحتها أنا في “شتم هاوس” وموجودة بالإنجليز مترجمة بالعربي، قلنا إن الحوار لا بد أن يكون متحرراً من أية سيطرة لأي حزب، ولابد أن يكون شاملاً لكل القوى السياسية، نحن لسنا راغبين في حوار يستثني قوى سياسية دون أخرى، نحن مع حوار يقدم ضمانات للتنفيذ ويكون في إطار زمني محدد، هذه متطلبات واضحة جداً ذكرناها وخرجنا بها إلى الإعلام، ونجادل بها القوى السياسية الأخرى التي نلتقيها ونتحدث معها من أجل توحيد الرؤية للحوار، لكن أن يأتي حوار يفرض علينا بمواصفات وقواعد وقوانين لم نتفق عليها هذا ليس حواراً.
[ ما تطالبون به يعتبر شروطاً فكيف تشترطون على تحقيق متطلبات قبل بدء الحوار؟
– ليس شروطاً، كلمة شروط عندما تضع في السياق السياسي تعني أنك تحاول استباق النتائج بمكاسب معينه، بأن تقول لا أشارك إلا إذا أعطيتموني كذا ، لكن عندما أقول تهيئة المناخ والسماح للأحزاب بالتحرك والمخاطبة والاجتماع والكتابة بحرية هل هذه شروط، أليست حقاً دستورياً، وعندما نقول الحوار لابد أن يكون شاملاً ألا ترين أن ذلك مطلباً جوهرياً وأساسياً، هذه ليست شروط تسميتها بالشروط ينقص من قيمتها السياسية والأدبية.
[ لكنها تشابهت مع مطالب قوى الإجماع الوطني التي اعتبرت شروطاً؟
– المطالبة بتهيئة المناخ وشمولية الحوار، وأن يكون له سقف زمني محدد، أعتقد أنها مطالبات صحيحة كونها جاءت من قوى الإجماع الوطني لا يعني أنها خطأ.
[ باعتبارها شروطاً؟
– (يعني) أنتِ مع أن ندخل الحوار بدون أي قيد مثلا إذا أصبح حواراً ثنائياً أو ثلاثياً ندخل فيه ونشوه المعنى الحقيقي للحوار.
[ موقفكم الآن يتفق مع موقف قوى تحالف الإجماع؟
– لا ليس كذلك، قوى الإجماع الوطني تتحدث عن تفكيك النظام من خلال الحوار، ونحن نتحدث عن إعادة بنية السياسة السودانية وهذا اختلاف واضح، وبعض القوى تحمل السلاح ونحن لم نحمله وقلنا مع التغيير بالآليات السياسية، هذا موقف واضح ومقبول من القوى السياسية الأخرى، نحن مع حوار حقيقي تتوفر فيه الظروف الملائمة، كيف يمكن أن تتحاور مع شخص وهو يملك حق إدخالك السجن في أي لحظة، قبل ذلك أدخل السياسيين السجون ولم يبرر لنا لماذا دخلوا وخرجوا، ولم يوضح لنا لماذا خرجوا، كيف يكون هناك حوار والبندقية موجهة إلى صدري.
[ ألا يعني ذلك أن موقف التحالف كان صحيحاً؟
– مفهوم ومبرر جداً، صحيح (دا) شيء آخر، هذا تقدير سياسي وليس معادلة رياضية، أنا لم أتخذ نفس الموقف لكن متفهم جداً، هم رأوا تأسيساً على المعطيات المتوفرة لديهم أن لا يشاركوا ونحن رأينا تأسيس على المعطيات التي لدينا أن نشارك، وكنا نظن أن يكون حواراً حقيقياً مفتوحاً ومتكافئاً، لكن ثبت لنا عملياً من خلال المواقف أن هذا ليس حواراً.
[ إذن تقديرهم كان سليماً؟
– أعتقد أنه صحيح.
[ إلى أي مدى أثرت الانشقاقات التي طالت الآلية في اختلاف مواقفكم؟
– لا، ليس انشقاق هذه الأحزاب لم تكن موحدة تنظيمياً وهيكلياً، ونحن حتى الآن موقفنا مع الحوار مبدئي، المشكلة هناك كثير من المراقبين أنطلى عليهم أن كلمة حوار التي يطلقها المؤتمر الوطني هي الحوار المقصود، وكلمة حوار عندها استخدامات كثيرة، الحوار الذي لا يستوفي المتطلبات الأساسية لا يكون حواراً، إذا كنت تريد محاورتنا لابد من وضع قوانين وأسس للحوار وأولها هو حيادية المنصة، وهذا سمه شرطاً أو مطلوباً، لكن يعتبر حقاً طبيعياً فأنت كيف تذهب لقاضٍ أو حكم تتحاكم إليه وهو صاحب مصلحة في أن لا يحكم لك، نحن مع تسمية الحوار تسمية صحيحة وتوصيفه توصيفاً دقيقاً، نحن مع الحوار وتغيير الآليات السياسية وإعادة تأسيس البنية السياسية.
[ لكن كيف يفهم الناس أنكم جادون؟
– أفعالنا أثبتت أننا جادون في قضية الحوار بالمشاركة في الحوار السابق وفي مباحثات “أديس أبابا” وإخراج خارطة الطريق، هذا كله حدث، لكن الذي حدث من جانب الحكومة أنها أهملت الحوار وصرفته جانباً، وأقامت الانتخابات التي كانت جزءاً من الحوار، وهذا يزيد من تحفظاتنا وشكوكنا بأنه لابد من استيفاء كل المواصفات المطلوبة في الحوار، أما أن نكون في حوار نحن نعلم سلفاً أنه ليس شاملاً وليس ملتزماً بشرائط الحوار الحقيقي ولا يؤدي لنتائج، لماذا نوهم المجتمع السوداني والرأي العام بأن هناك حواراً.
[ يبدو أن (منبر السلام العادل) عاد للحوار ألا يؤثر ذلك عليكم؟
– أنا لم أطلع على تفاصيل موقفهم.
[ عودتهم من غير شروط تقلل من فرص تحقيق مطالبكم؟
– أشك أن يدخلوا الحوار بصورته السابقة لأن لدينا معهم اتصالات، على كل نحن سنسعى في الساحة السياسية لإبلاغ الأطراف الأخرى بموقفنا وسنلتزم به حتى آخر لحظة.
[ ألا تعتقد أن الانشقاقات التي حدثت في الآلية كانت سبباً في تراجع المؤتمر الوطني عن التزاماته تجاه الحوار؟
– المؤتمر الوطني هو الذي سعى لانشقاق الآلية، وهذا اعتراف بأن الحكم هو الخصم وهو الذي يتآمر على المشاركين في الحوار، لهذا أنا قلت نتفهم موقف قوى الإجماع الوطني لأنها قدرت سلفاً أنه لن تكون هناك مصداقية للحوار، على كل حال حتى إذا بقينا في الساحة وحدنا، سنظل ننبه إلى أن الحوار الحقيقي هو الحوار الوطني الشامل الذي تتكافأ أطرافه ويمضي إلى نهاياته وفق قواعد سليمة متفق عليها، هذا الحوار سنكون جزءاً منه، وسنسعى إليه ونوضح موقفنا بكل الوسائل الضرورية، ونجدد تأكيدنا على أن أي حوار ناقص ليس شاملاً ومستوفياً لشروط العدالة في إدارته لن يؤدي إلى حل مشكلات السودان، ينبغي أن نتذكر أن هناك مشكلات رئيسية في السودان، هناك أزمة اقتصادية وأزمة علاقات خارجية وأزمة حرب في بعض مناطق السودان، ولن تحل إلا في إطار صيغة قومية جامعة توحد الجبهة الداخلية، وهذا لا يتأتى إلا من خلال حوار شامل مستوفٍ لشروط العدالة.
[ لتحقيق هذه المتطلبات هل يمكن أن تدير حركتكم حواراً ثنائياً مع الوطني؟
– نحن نتحرك بآليات سياسية والاتصال والحديث، والحوار هو الأداة الرئيسية وعبرنا عن موقفنا للساحة العامة والرأي العام، ولكن هذا يتطلب منا من باب المسؤولية أن نسعى بهذا الرأي مع كل القوى السياسية، والذي سنفعله في الأيام القادمة هو الاتصال بكل القوى السياسية وبما في ذلك إيصال وجهة نظرنا للمؤتمر الوطني بكل أدب واحترام، أنه إذا كانت هناك رغبة في حوار حقيقي ينبغي أن يكون عادلاً وشاملاً، وإذا أطلعتم على (وثيقة شتم) باللغة الإنجليزية ستجدون هذه المواصفات.
[ ما دواعي لقائكم بالقوى السياسية؟
– من الطبيعي أن نسعى إلى القوى السياسية لشرح وجهة نظرنا والتدقيق، لأنه بصراحة شعرت تحت الضغط الذي يتعرض له السياسيون في الإجابة بلا أو نعم هل أنتم مع الحوار أم ضده يقع كثير من السياسيين في إجابات المبهمة، فهو لا يستطيع أن يقول أنا مع الحوار مطلقاً أو ضده مطلقاً، وبالتالي مناقشة التفاصيل مع القوى السياسية سيظهر ما يتوافق عليه وما يختلف حوله، أنا متأكد أن الذين قالوا نحن مع الحوار دون شروط هم يقصدون حواراً شاملاً، لكن طبعاً لابد أن أستنطقهم هم عن فهمهم هل دون شروط تعني حواراً بمن حضر (يعني) بطريقة المؤتمر الوطني وأنا متأكد الإجابة ستكون لا، لكن لا أستطيع التحدث نيابة عن تلك القوى إلا ألتقيهم وأتشاور معهم في هذه المسألة.
[ منذ أن اتخذتم موقف تجميد المشاركة.. هل اتصل بكم المؤتمر الوطني؟
– لا قبل ولا بعد، المؤتمر الوطني كان مشغولاً بانتخاباته وتشكيل حكوماته.
[ هل لديكم اتصالات بالمؤتمر الشعبي؟
– نحن ظللنا نتواصل مع كل القوى السياسية، الشعبي والوطني وقوى تحالف الإجماع الوطني، ولدينا رغبة في إيصال وجهة نظرنا إليها، وخلال هذا الأسبوع سنتصل بهذه القوى، وهدفنا هو قيام الحوار على أسس سليمة. [ رغم قناعتكم بعدم وجود حوار أنتم منشغلون به؟
– طبعاً، كوسيلة لكن ليس الحوار الذي يجري، أنت مشكلتك وقعتِ في نفس الخطأ، مشكلتك فاهمة الذي يجري نحن معترفون به كحوار، هذا ليس حواراً حاجة سماها المؤتمر الوطني حوار.
[ لكنكم وافقتم عليه عند طرحه.. ما الجديد؟
– وافقنا صحيح، لكن بالعكس أنا فخور بأني أقمت البينة والحجة على المؤتمر الوطني، وشاركت مشاركة فعالة وذهبت إلى “أديس” ووقعت اتفاقاً لوضع أسس الحوار نيابة عن آلية ( 7+7)، هذا كله عملناه صادقين لأننا كنا نظن أن هناك دعوة حقيقية للحوار، الآن ثبت من خلال التجربة أنه لم تكن هناك دعوة حقيقة للحوار، فهل نجرَّم على حسن النية؟.
[ بعد أن ثبت عدم وجود حوار.. ألا ترى أن موقف تحالف الإجماع كان سليماً؟
– أعتقد أننا اتخذنا الموقف الصحيح من وجهة نظرنا وهذه تقديرات سياسية، هم من وجهة نظرهم اتخذوا موقفهم، نحن من خلال الحوار لم نخسر شيئاً.
[ ماذا كسبتم؟
– دخلنا في حركة تفاعلية كبيرة جداً مع القوى السياسية والفريق الأفريقي، كان لدينا فرصة لوضع الأجندة السياسية بصورة واضحة، الحركة شاركت بفاعلية في الحوار، وكان ذلك نابعاً من صدقها والتزامها الوطني كون أن الطرف الآخر لم يلتزم بالشروط الأدبية فهذا ليس خطأنا، نحن أثبتنا إمكانية الحوار وإمكانية التوصل إلى اتفاقات حتى مع الحركات المسلحة.
[ فيما تمثل ذلك؟
– الذي وقعناه في “أديس” كان مع المجموعات المسلحة وهي مجموعات كانت عصية، وهذا إنجاز نحن أثبتنا إمكانية أن يكون هناك حوار حقيقي، لكن الذي يتحكم في الحوار ليس الإرادة الوطنية المشتركة للقوى السياسية الذي يتحكم فيما تسموه حواراً هو المؤتمر الوطني، فلابد من معالجة هذه المسألة حتى يكون هناك حوار تشرف عليه جهة محايدة.
الآن إذا كنا نتحدث عن اتفاقات ثنائية بيننا نحن مع المؤتمر الوطني أو القوى السياسية، وإهمال حزب (الأمة) والقوى التي تحمل السلاح، هل تعتقد أن ذلك سيكون حواراً يفضي إلى قرارات وطنية جامعة ويعالج مشكلة الحرب والاقتصاد والعلاقات الخارجية، الإجابة عندي لا وبالتالي الحوار لابد أن يكون حواراً حقيقياً لحل المشكلات التي يعاني منها المواطن، وهذه المشكلات لا تعالج إلا إذا حلينا مشكلة الحرب، (يعني) مشكلة الاقتصاد والعلاقات مع المجتمع الدولي والإقليمي لا تحل إلا بحل مشكلة الحرب وهناك قضايا أخرى، ما حدث في جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي كان حدثاً محرجاً بالنسبة لنا جميعاً كسودانيين، هل سنقبل أن يقوم حوار دون أن يعالج هذه المسالة مثلاً، لابد من معالجة القضايا العالقة، وهذا لن يتأتى إلا في ظل حوار وطني جامع يشهده الجميع ويشمل كل القضايا، أي حوار آخر صوري مع مجموعة أحزاب متشابهة يقود لاتفاقات جزئية لن يكون مفيداً ونحن لسنا راغبين بأن نكون جزءاً منه، لدينا علاقتنا الثنائية ومع أي حزب يمكن أن نعمر هذه العلاقة بما نشاء من اتصالات، لكن أن نوهم الناس بأن هذا حوار وشامل ومستوفٍ لكل البنود فهذا ليس حقيقة.
[ ماذا عن تفهم وتقدير “أمبيكي” لموقفكم من الحوار؟
– ما ذكرته من مواصفات هي مواصفات قياسية، لو تحدثنا عن الحوار في “فلندة” أو “روسيا” أو “ساحل العاج” هذه مواصفات قياسية، وبالتالي ما يتبناه الرئيس “أمبيكي” وما ظهر من خلال اجتماعات “أديس أبابا” الذي للأسف أفشل بسبب عدم حضور المؤتمر الوطني، كان محاولة منه لتجميع كل القوى السياسية على أسس ومبادئ أساسية للحوار المؤتمر الوطني تغيب، ونحن ذهبنا على أساس أن هذا منشط جاد، وبالتالي اتصالاتنا لا تتوقف عند القوى السياسية السودانية وستمضي إلى الرئيس “أمبيكي” والفريق عالي المستوى والقوى الإقليمية والعالمية التي تهتم بشأن السودان سنوصل إليهم آراءنا، والمحاضرة التي قدمتها في (مركز شتم) كانت في هذا الصدد، حيث قدمت للمجتمع الغربي وجهت نظر سودانية وطنية عن ضرورات الحوار ومقومات الحوار الناجح الذي يقود إلى حل هذه المشكلات.
[ المعادلة الإقليمية الجديدة إلى أي مدى أسهمت في تراجع المؤتمر الوطني عن الحوار؟
– التحالفات إقليمية طارئة بكل المقاييس لم تكن مستندة إلى تراث من التعاون والتحالف السابق، العلاقة في الماضي كانت سيئة في الحقيقة، فهذه حالة طارئة في مرحلة طارئة، والحالة الطارئة يمكن أن تتغير، الآن الافتراضات التي قام عليها الحلف الإقليمي ماذا تحقق منها للسودان دون الخوض في التفاصيل، والتحالفات الإقليمية كما تنشأ يمكن أن تنفض، ويمكن للمشكلات الإقليمية أن تتفاقم وتشمل كل المحيط المجاور، ليس هذا ما ينبغي أن يعول عليه، ينبغي أن يعول على المطالب المبدئية الأخلاقية والأساسية التي في عنق كل حاكم أن يتحاكم إليها.
[ مثل ماذا؟
– مثلاً نحن عندما نتحدث عن توحيد الجبهة الداخلية في السودان، لأننا نرى أن هناك أزمة اقتصادية لم تحل إطلاقاً في إطار العلاقة الإقليمية الحالية، وهذا لن يحل مشكلة المحكمة الجنائية الدولية وقوات اليونميد والقرارات الدولية بشأن السودان، ولن يحل قضية العقوبات الاقتصادية، هذه قضايا كبرى ونحن نتشاجر ونتجادل في الحوار أن يكون كذا وأن يكون كذا.. أنا أقول إن يكون لدينا حوار حقيقي وطني يدعو لتوحيد الجبهة الداخلية حتى نعالج مشكلة الاقتصاد والعقوبات ومشكلة الجنايات الدولية بدون ذلك في حوار جزئي ومبتسر يفضي إلى اتفاقات ثنائية لن نحقق ذلك، وسيعيش المواطن السوداني في نفس الأزمات والمشاكل عاماً بعد عام.
[ دعوت لوجود آلية محايدة هل تقصد حل آلية 7+7؟
– أنا ليس لي رجاء في آلية 7+7 لأنها لم تكن آلية محايدة.
[ إذن تدعو لحلها؟
– والله يحلوها ويربطوها، يضعوها في كيس ويضحك الجميع.
[ موقف الشعبي من الحوار ألا يناقض موقفكم؟
– المؤتمر الشعبي يعتبر قوى مهمة بالنسبة لنا وللحوار، ومن أوائل القوى السياسية التي نخطط للاتصال بها وسنتصل بكل القوى السياسية وأصلاً لدينا اتصالات بها، أية فجوات في الاتفاق أو الفهم سنسعى لردمها.
[ لكن لو اتخذ الشعبي نفس موقفكم لكان الأمر مختلفاً؟
– أنا لم ألتق بقيادة المؤتمر الشعبي أرجو أن نلتقي بهم في أقرب وقت، لكن أظن وأميل إلى ترجيح أنهم يتبنون نفس المواصفات التي نتبناها، لا أتصور أنهم يريدون حواراً جزئياً أو حواراً بدون تهيئة المناخ أو بلا مدى زمني كل الذي ذكرناه، نحن في اعتقادنا أن أية قوى سياسية راشدة ستؤمن عليه، وعلى كل حال سيظهر ذلك بعد التواصل معهم لأنني لا أستطيع أن أتحدث عن ذلك الآن.
[ ما هي المقترحات التي يمكن أن يقدمها دكتور “غازي” للحوار على خلفية تجاربه السابقة في إدارة الحوارات؟
– نحن منطلقون من مبدأ ومفهوم أن الحوار لابد أن يكون شاملاً، وأركز على كلمة شامل باعتباره شاملاً لكل القوى السياسية بما في ذلك القوى الحاملة للسلاح، بل أعتقد أنه من الأهم أن تشارك القوى الحاملة للسلاح لأنها هي المؤثر الأول الآن في أوضاع المنطقة والأوضاع داخل السودان،
[ إلى أي مدى أنت واثق من دور هذه القوى في الحوار؟
– هذه القوى يمكن أن تؤثر إيجابياً اذا انحازت إلى صيغة وطنية في الحوار، وبالتالي وجود هذه القوى وجميع القوى الفاعلة النشطة المؤثرة في الحوار شيء ضروري، لأن الصورة بالنسبة له ستكون واضحة في أن أولوية الحوار ينبغي أن تكون بإيقاف الحرب، وصدقيني من خلال خبرتي في العمل السياسي الخارجي مشكلة الاقتصاد والعلاقات الخارجية مربوطة رباطاً وثيقاً بقضية الحرب إذا لم تكن هناك إشارات واضحة لوجود إجراءات مجمع عليها ومؤمن ومبارك عليها من جميع القوى السياسية والحكومة لاتخاذ إجراءات لوقف الحرب، لن نتمكن من معالجة الملفات الأخرى، وهذا يوضح ما نقوله عن شمولية الحوار وضرورة أن يكون حواراً حقيقياً ولا يفضي إلى اتفاقات ثنائية أو جزئية، نحن سنسعى من خلال علاقاتنا الجيدة مع كل القوى السياسية والمجموعات المسلحة بأن نعدل هذا الفهم حتى يقوم حوار حقيقي يؤدي إلى توحيد الجبهة الداخلية ومعالجة كل المشكلات التي ذكرتها. [ حال فشل الحوار.. ما هو بديل حركتكم؟
– بديلنا المعارضة فقط بأن نصبح معارضة معيارية أخلاقية، وسنحاول أن نكون قوى تنويرية للرأي العام بحيث لا يكون في النهاية أمام الحكومة إلا أن ترضخ لهذه المطالب، وسنحتفظ بحقنا في استخدام كل الوسائل السياسية الأخرى المتاحة لنا وفق الدستور لممارسة ضغوط سياسية إذا لم يكن هناك حوار حقيقي يجمع كل القوى السياسية، وعلى كل حال هذه المسالة تناقش سياسياً، لكن لا يكون أمامنا إلا أن نكون قوى معارضة معيارية توضح المعيار لكل قضية سياسية.
[ ما تصورك للدور الخارجي في حل قضايا السودان؟
– بحيلك للورقة (شتم) نحن قلنا القوى الدولية والإقليمية داخله في قضايا السودان، ومادام هي داخله، ينبغي أن تستخدم لتشجيع الحكومة السودانية والقوى السياسية الأخرى للمضي قدماً في طريق الحل السياسي، ونحن نتكلم بلغة إيجابية قلنا المجتمع الدولي والقوى الإقليمية يشجع ويكافئ الحكومة السودانية والأطراف الأخرى بأن مصير الحوار هو سبيل النجاة والفوز للشعب السوداني عامة.
[ ما هي ضمانات أن يتخذ الخارج موقفاً أخلاقياً حيال حل مشاكل السودان على ضوء دوره قبل ذلك في تشجيع فصل الجنوب؟
– أنا ليس مختلفاً معك، لكن علينا أن نبحث عن العناصر المواتية والمتجاوبة معنا في المجتمع الدولي وهناك عناصر متجاوبة، أنا أعلم من خلال اتصالاتي وخبرتي في العمل الخارجي، أن هناك من يؤمن بأن مشكلة جنوب السودان نفسها أصبحت عظة واعتباراً، هناك قوى كثيرة ندمت على ما حصل في الجنوب لأنكم ترون الآن النتيجة في جنوب السودان، فهل هذا سيؤدي بهم منطقياً إلى فصل مناطق أخرى في السودان.
[ تقصد هناك تقديرات مختلفة لديهم لحل مشاكل السودان؟
– هناك قانون في الاقتصاد يسمى قانون (العائلات المتناقضة)، وهذا أصبح ينطبق على حالة السودان، لذلك نحن نقول بأن السودان بالنسبة للغربيين، أصبحت العائلات المتناقضة والتعقيدات متزايدة، بالتالي يجب أن تنظروا للسودان في السياق العربي، فهل تظنون أن القوى الدولية تريد ربيعاً عربياً آخر في السودان؟ الإجابة القاطعة عندي لا.
[ لماذا؟
– ليس لأنهم رفيقون بنا، ولكن لأن هناك تعقيدات لا يستطيع الغرب التحكم فيها، ويريد أن يكون هناك وضع يتحكم فيها، لذلك في تقديري ومن خلال اللقاءات والاتصالات التي أجريتها مؤخراً في “بريطانيا” أن الرغبة هي أن يكون هناك سودان مستقر، لكن متوائم مع المحيط المباشر، وفي تقديري ينبغي أن ننتهز هذه الفرصة لإدارة حوار حقيقي حتى نستطيع أن نؤثر في الإرادة الإقليمية والدولية في اتجاه دعم السودان ومكافأته، إذا لم يحدث ذلك البديل هو التلاعب بقضية الحوار واستخدامها للكسب السياسي. وبقاء عناصر الأزمة التي ذكرتها كما هي. [ برأيك أيهما يقف مع الحوار المؤسسة العسكرية أم الحزب الحاكم؟
– أنا أحسن الظن جداً بالمؤسسة العسكرية وبالتالي أبحث عن الأطراف الأخرى، وأعتقد أن الموقف الطبيعي للمؤسسة العسكرية هو تأييد الحوار، لأنه لا توجد مؤسسة عسكرية راشدة في العالم تؤيد الحرب، يمكن لمؤسسة عسكرية أن تؤيد الحرب الخارجية، لكن لا تؤيد الحرب الداخلية، وأنا كلي ثقة أن المؤسسة العسكرية هي مع وقف الحرب والوصول لتسوية.
[ ما سبب عدم تفاعلكم مع قوى تحالف الإجماع رغم الدعوات التي قدمت لكم؟
– ذهبنا لهم (وما دسناها) بالعكس نفتخر بهم واجتمعنا بكل القوى السياسية أكثر من مرة.
[ لكن لم تصبحوا جزءاً من تحالفهم كما فعلتم مع القوى الإسلامية؟
ولم نفعل ذلك مع القوى الإسلامية مع من نحن تحالفنا، هناك تنسيق في المواقف السياسية، لكن تحالف عضوي بأن يكون هناك أمين عام وناطق رسمي هذا لم يحدث، لكن اتصلنا بكل القوى السياسية ولم نتحالف معها بهذا المعنى العفوي، وبالتالي لم يكن هناك تفريق في المعاملة ذهبنا لهذه الأحزاب مفردة، ذهبنا للمؤتمر السوداني والحزب الشيوعي والتقينا بقوى الإجماع الوطني أكثر من مرة هنا في “السودان” و”أثيوبيا”، نحن لم نستثني أحداً أصلاً وهذا يتسق مع مبادئنا أن الحوار لابد أن يكون شاملاً ونقبل بعضنا البعض، هذه هي مرحلة تأسيس الحقوق الأساسية للدولة بعد ذلك (لما نجي بنختلف) مع اليسار واليمين كل حزب سيأخذ موقفه بالطريقة المعينة في الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية وفي قضية الهوية الخ، لكن نحن الآن الرؤية بالنسبة لنا واضحة جداً كحركة إصلاح نريد أن نؤسس لوحدة وطنية على أساس الحد الأدنى المشترك بيننا، وهو أن تقوم انتخابات نزيهة ونظام سياسي فعال وحريات حقيقية.