المشهد السياسي
المهام الوطنية حيرتنا.. يا سعادة الفريق!!
موسى يعقوب
في العاشر من مايو الماضي كان عنوان المشهد السياسي (الغربة بطالة يا سيادة الإمام..!) وكان ذلك بعد مرور الثمانية أشهر تقريباً، وكان قد حدث فيها ما حدث من متغيرات داخل الحزب وخارجه، وكلها كانت شواهد وعلامات على أن الغربة (بطالة) وليس لها من مردود طيب يذكر.
وهذه الأيام بعد دخول البلاد في مرحلة دستورية جديدة وخطاب السيد الرئيس أمام الهيئة التشريعية القومية بعد أداء القسم، وما حمل من بشريات من أشهرها الاعتراف للآخر بحقه في إبداء الرأي والتعبير عنه، والدعوات المتكررة للسيد “الصادق المهدي” بالعودة الآمنة والمرحب بها في إطار الحوار الوطني، أجد ألا ضرورة للعودة للطرق للموضوع مرة أخرى.
غير أن التصريح الذي أدلى به السيد نائب رئيس حزب (الأمة القومي) الفريق (م) “صديق إسماعيل” لهذه الصحيفة ونشرته يوم (الأربعاء) الماضي حرّك في قلمي العودة للموضوع، حيث كان رده على الدعوات الرسمية لعودة السيد رئيس الحزب رغم ترحيبه بها كما يلي:
– بقاء “المهدي” في الخارج يأتي لأداء مهام وطنية وليس خوفاً من أي إجراء حكومي في مواجهته.
– وسيعود إلى البلاد عقب فراغه من الواجبات التي يقوم بها..!
وختم ذلك كله بالقول إن “المهدي” أكثر شوقاً ورغبة في العودة إلى وطنه.
الفريق “صديق إسماعيل” عرف بأنه الأكثر (موضوعية) إن جاز التعبير في تصريحاته في الدست النافذ داخل حزب (الأمة القومي)، ولكن ما قاله يحملنا على التعليق والتعقيب عليه من باب الرأي.
فالسيد الإمام سيكمل الشهر القادم (يوليو – تموز) قرابة العام وهو في غيبة عن حزبه ووطنه في ظروف لا تقبل مثل ذلك الغياب، وإن كان الشعار هو حسب ما يرى هو أو يرى الحزب (أداء مهام وطنية.. وفراغ من واجبات..!)
عبارة (أداء مهام وطنية والفراغ من واجبات) تكررت كثيراً في تصريحات السيد زعيم الحزب والسادة النافذين في الحزب من نواب رئيس وأمين عام.. إلا أنها ظلت عبارات مجهولة التفاصيل والمعاني.. اللهم إلا ما ورد في (إعلان باريس) و(نداء السودان) وهما آليتان لغيره شراكة فيهما.. والشراكة ليست قاصرة على التوقيع فقط.. وإنما التنفيذ أيضاً.. غير أن هؤلاء من بقى فيهما في الداخل من كان في الداخل ودفع ثمن ذلك كالسيدين “فاروق أبو عيسى” و”أمين مكي مدني”.. ومن بقى في الخارج ظل في الخارج كأعضاء (الجبهة الثورية) وجماعات دارفور المتمردة.
المهام والواجبات المشتركة – لمن وقعوا على المؤسستين كانت هي كما أعلن:
{ العمل على إسقاط النظام الحاكم.
{ وبالعدم العمل على ألا تقوم الانتخابات.
وهو ما لم يحدث.. بل ما حدث هو العكس.. إذ قامت الانتخابات في ولايات البلاد الثمانية عشرة وشاركت فيها رئاسياً وتشريعياً عدد كبير من الأحزاب ولاسيما تلك التي انخرطت في السلام أو انسلخت عن الأحزاب التي كانت مندرجة فيها، وقد روقبت الانتخابات بواسطة منظمات ودول وأحزاب خارجية شهدت لها بالنزاهة، وقامت الهيئة القومية العامة للانتخابات بدورها الكبير والمشهود لها به في ذلك.
فإذا كان ما ذكرنا أعلاه هو المهام الوطنية والواجبات التي كان ينتظر انجازها كما يكرر حزب (الأمة القومي) وزعيمه ومسؤولوه، فإن عاماً كاملاً للسيد زعيم الحزب في الخارج قد ذهب أدراج الرياح، كما أن الحراك السياسي والدبلوماسي لم يكن له من عائد سوى أن “الولايات المتحدة الأمريكية” قد أعادت إدراج البلاد ضمن الدول التي ترعى الإرهاب والديون الخارجية لم يعف منها شيء!
وتبعاً لجرد المصالح والمنافع الوطنية والحزبية نقول للفريق (م) “صديق” يتعين على الحزب وزعيمه القيام بما يلزم في مثل هذه الأحوال، ذلك أن الحزب يخسر ولا يكسب، فقد حقق من فارقوه وانشقوا عنه مقاعد برلمانية في المجلس التشريعي القومي والمجالس التشريعية الولائية، بل إن عملية الانشقاقات وسوء التفاهمات بين مسؤولي الحزب تبدو متزايدة.
أكثر من ذلك سعادة الفريق، فإن المراقب والمتابع للشأن العام يجد أن (مهامكم الوطنية حيرتنا) وأنتم ترددونها وتصرون عليها بين الحين والآخر..!
والأمر إليكم في نهاية المطاف، ولكن مرور قرابة العام على غياب السيد زعيم الحزب والمهام المكلف بها لم تنجز أو تلح لها بارقة أمل.. تبدو محيرة فعلاً.. والأمر لله من قبل ومن بعد.