رئيس البرلمان بروفيسور "إبراهيم أحمد عمر" لـ (المجهر) (1-2)
رفضت التكليف فقالوا لي بنقدر عليك
لا يوجد في المكتب القيادي (لوبي) باسم “نافع” و”علي عثمان”
“غندور” بنى المؤتمر الوطني ويصلح في أي مكان
حديثي في المكتب القيادي زادوه ناس (الوتساب) تهليلاً وتكبيراً
بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” أو مفجر ثورة التعليم العالي كما يسميه كثير من أهل حزبه، قاد المؤتمر الوطني في أصعب المواقف بعد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة، وعندما انتهت دورته عاد وعمل وزيراً للعلوم والتقانة، ثم جاء عضواً في برلمان 2010م، كان دائماً ما يتحدث عن ضرورة دعم التعليم العالي والبحث العلمي، وحديثه يكون داخل القبة فقط واعتذر كثيراً عن الحديث، ولكن عقب اختياره رئيساً لـ(الهيئة التشريعية القومية) قال كنت صائماً لأنني لا أريد الحديث عن أشياء بيد آخرين. بدأ دورته بتعديل اللائحة أعمال المجلس الوطني وكون لجنة طارئة، شبهه البعض في إدارة الجلسات بطريقة دكتور “حسن عبد الله الترابي” في الحسم والجدية، دافع عن اختيار الولاة من خارج ولاياتهم، وقال البعض منهم خلصناه من الشللية والجهوية التي كانت تحيط به. حاورته (المجهر) فكانت الإجابات التالية في الحوار الذي امتد لساعة من الزمان.
حوار- رئيس التحرير- وليد النور-
{ كيف وصل البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” إلى رئاسة البرلمان خاصة الإرهاصات التي سبقت إعلان اسمه؟
– أولاً كانت هنالك مشاورات داخل القيادة العليا للمؤتمر الوطني وتم الاتصال بي وقلت لهم أنتو عارفين أنني لا أستطيع القيام بهذا التكليف وما بقدر، لكن كان إصرارهم وردهم بأنني أستطيع وقالوا لي نحن بنقدر عليك وتمت الموافقة.
{ هل كان هنالك اسم مطروح معك؟
– لا أبداً كان اسمي فقط ولم تكن هنالك قائمة حتى يتم التصويت عليها، وبالمناسبة أنا في تلك اللحظة لم أكن عضواً في المكتب القيادي، ولذلك لم أشارك في التصويت.
{ ولكن عقب اختيارك تعقدت الأمور في اختيار الوزراء ووزراء الدولة.. وكان هنالك جدل كثيف رغم أن المؤتمر الوطني حكم البلد لمدة (25) سنة المفترض اختيار وزرائه يكون سهلاً؟
– والله أعزي ذلك لطبيعة المجالس الشورية أو التي تحدث فيها الشورى والنقاش، لأن مهما اجتهد الناس وحصصوا ومحصوا في العضوية فيرفضها البعض ولا يتفقون مع المجموعة الأولى، ولذلك اعتماد النقاش أو التصويت وأنا أوضح أن الشيء الذي حدث إبان اختيار المكتب القيادي للوزراء ربما يحدث في مرحلة أخرى في الحزب أو المؤتمر العام، وهذا التأخير دليل صحة وعافية أرساها المؤتمر الوطني وأنا مستبشر بها خيراً، وأن يكون هنالك نقاش حول الشخصيات التي تتقلد المناصب والجرح والتعديل وترفض من أجل البديل الأحسن.
{ هل توجد مراكز قوى داخل المؤتمر الوطني؟
– لا أعتقد بوجود مراكز قوى بالمعنى السياسي الواضح، ولكن هنالك اختلاف حول بعض الشخصيات، والاختلافات موجودة وهذا ما يجعل استمرار عمليات الجرح والتعديل بصورتها الحالية الآن وهي إخراج الشخص المعني حتى يدلي الآخرون برأيهم حوله بشفافية.
{ هنالك حديث عن وجود (لوبيات) داخل المؤتمر الوطني بين مجموعة “نافع” و”علي عثمان”؟
– أبداً لا توجد مجموعات بهذه المسميات “نافع” و”علي عثمان”، ولكن هنالك رأي حول بعض الأفراد والشخصيات وتقييم حول أداء البعض، واستقطاب بين “نافع” و”علي عثمان” غير موجود.
{ ما هي المعايير التي اتخذت لاختيار الوزراء؟
– أولاً التجربة وأداء الشخص السابق في المناصب التي تقلدها وتأهيله وهل يناسب الفرد هذه الوظيفة، ثم مراعاة تعاقب الأجيال تحدثنا سابقاً عن الشباب والخبرة وأيضاً تمثيل أهل السودان دون الميل إلى القبلية أو الجهوية، ولكن يجب أن يمثل الكل.
{ يقال إن هناك معياراً للاختيار.. فكل من أمضى خمس سنوات يغادر.. إلى أي مدى صحة ذلك؟
– والله في النظام الأساسي السابق للمؤتمر الوطني تم تحديد دورتين وكذلك في الدستور، وأي شخص مكث سنتين عليه أن يغادر الموقع، ولكن هذه المرة كثرت القيادات والكفاءات فرأى الناس أن الدورتين ليس ضرورة ويمكن الاكتفاء بدورة واحدة لكل شخص ويتيح الفرصة لغيره والآن متاح لفترة أو فترتين.
{ أثناء انعقاد المكتب القيادي قلت كلاماً ساخناً مفاده أن الشعب السوداني صبر كثيراً الشيء الذي أدى إلى رفع جلسة المكتب القيادي؟
– والله الكلام الذي خرج عبر (الواتساب) ووسائل الإعلام كان فيه شيء من المبالغة أنا تحدثت وآخرون من أعضاء المكتب تحدثوا أيضاً عن ضرورة إحداث تغيير حقيقي وعدم المجاملة والموضوعية، ويجب أن نلتزم بتوجيهات السيد الرئيس الداعي إلى تجديد القيادات إلى آخره، ورأى الرئيس تغيير بعض القيادات، ولكن (الميديا) منحت كلامي (تهليل وتكبير وعلى أية حال إن كان أمراً محموداً فليس لي وحدي وإن كان أجر فسيشاركني فيه آخرون).
{ هل هناك موازنات في اختيار الشخصيات لا سيما لم يتوقع الناس اختيار “إبراهيم محمود حامد” مساعداً للرئيس؟
– لم يتوقع الناس اختيار “إبراهيم محمود” لأنهم لا يعرفونه كثيراً، و”إبراهيم” للذين لا يعرفونه ولم يعايشوه وهو الذي تقلد منصب المحافظ في (دارفور) ووالٍ في (نهر النيل) ووزير للشؤون الإنسانية ووزير للداخلية، وربما يكتشف الناس “إبراهيم محمود حامد” لاحقاً.
{ ما في جهوية في الاختيار؟
– لا توجد جهوية إلا بالنظر إلى السودان كله الذي كان يتحدث عن التهميش والإقصاء، فلذلك لابد من أن يكون الكل ممثلاً.
{ في وقت سابق كان الولاة يتم انتخابهم والآن تم تعيينهم.. إلى أي مدى يمكن أن يحققوا نجاحاً خارج ولاياتهم التي عينوا فيها؟
– الحقيقة القصد أن لا يوجد ابن المنطقة والياً في ولايته، وذلك عندما جئنا لإعادة البناء شعرنا أن هنالك مشاكل حقيقية خاصة الولاة الذين أمضوا فترات طويلة في ولاياتهم، بعضهم وجد نفسه محاطاً بسياج من القبيلة أو الجهوية، ونحن أردنا أن نخلص بعضهم من الضغوط، ولذلك أبقينا على ثلاثة ولاة استثناءً.
{ معظم الولاة الذين تم اختيارهم طغت عليهم الصفة الأمنية.. هل تودون العودة إلى المربع الأول وكتم الحريات؟
– ما في عودة إلى الوراء أو القبضة الأمنية، والخطوات التي اتخذتها الإنقاذ في السنوات الماضية تؤكد أنها تسير في طريق الحريات، وأن الحكم للشعب ولكن عندما تريد إرسال والٍ يجب عليك أن تنظر إلى الحالة الأمنية في الولاية لاسيما بعض الولايات تحتاج إلى والٍ يمتلك نوعاً من الضبط سواء أكان من الجيش أو الأمن وحتى الدفاع الشعبي، فيجب اختيار الشخص الذي يستطيع تنفيذ تلك المهام.
{ ولكن جئتم بوزير الدفاع الفريق أول ركن “عبد الرحيم محمد حسين” لولاية الخرطوم التي لا تحتاج إلى والٍ أمني؟
– ألا تظن أن الخرطوم بحاجة إلى الأمن؟.
{ الخرطوم تحتاج إلى نهضة عمرانية وتنموية وتقديم الخدمات الأساسية.. الناس توقعوا أن يأتي “أيلا” والياً إلى الخرطوم؟
– أولاً أنسيتم أن الفريق أول ركن “عبد الرحيم محمد حسين” هو الشخص الذي نفذ كل المنشآت الحالية في القوات المسلحة، وهو صاحب مزاج في التشييد والعمران، أما “أيلا” فالمقارنة بينه و”عبد الرحيم” ربما هنالك بعض الأشياء جعلت المؤتمر الوطني يفضل “عبد الرحيم” عليه.
{ هل انت متفائل بأن الفريق “عبد الرحيم” سيحقق نجاحاً في ولاية الخرطوم؟
– أنا أدعو له الله أن يوفقه، ولا أقول إنني متفائل حتى لا أقع في الفخ ومشاكل الصحفيين، ولكن “عبد الرحيم” يمتلك قدرات كبيرة وهو شعلة من النشاط، ولكن يجب أن تساعده الإمكانيات المادية والطبيعية في الخرطوم، ولذلك ندعو له أن يوفق في تطوير العاصمة بنياناً وعمراناً.
{ هنالك مشكلة ربما واجهت “عبد الرحيم” في التعامل مع المعتمدين والوزراء خاصة أنه قادم من مؤسسة عسكرية معروفة بالضبط والربط؟
– أولاً “عبد الرحيم” خريج هندسة من معهد الكليات التقنية (جامعة السودان حالياً)، فهو نشأ في وسط الطلاب مثله مثل الذين تخرجوا من جامعة (الخرطوم) و(الجزيرة)، فهو يعرف كيف يتعامل مع المدنيين وكونه ذهب للجيش وأصبح منضبطاً في منهجه، فهذا لا يمنعه أن يتعامل مع المعتمدين والوزراء المدنيين وليسوا عسكريين، وخلينا نقول هو لا يحولهم إلى عسكر، ولكن سيجعلهم أكثر انضباطاً واحتراماً للوقت، وافتكر هذا مطلوب لأن واحدة من مشاكلنا الحالية في الخدمة المدنية، أننا لا نهتم بالوقت ونميل إلى (الركلسة)، فإذا “عبد الرحيم” استطاع أن ينفذ ذلك، فهذا لا يحسب عليه بل سيكون عملاً جيداً له.
{ اختيار البروف “غندور” لوزارة الخارجية أما كان الأوفق له الاستمرار في منصبه مساعداً للرئيس لاسيما أنه قدم مجهودات جبارة في العلاقات خاصة مع الأحزاب؟
– “غندور” على الرغم من أنه نقابي، لكنه استطاع أن يتعامل مع السياسة بامتياز، ونجح في المفاوضات خاصة لجنة “أمبيكي” التي أحدث فيها اختراقاً كبيراً، ويمتلك قدرات أهلته للتعامل مع كافة مكونات المجتمع الخارجية والداخلية، فهو ينفع هنا وهناك والآن هناك حاجة للتغيير في وزارة الخارجية فبعث لها ووجوده في المؤتمر الوطني خلال السنة والنصف التي قاد فيها عمليات البناء التنظيمي داخل المؤتمر الوطني من الألف إلى الياء، ومن الكليات الشورية إلى المؤتمر العام يكفيه، فرأى الناس أن يأتي شخص آخر، فكان الاختيار على “إبراهيم محمود حامد”.
{ الآن بدأت خمس سنوات جديدة لحكم الإنقاذ والشعب السوداني عانى سابقاً ورجعت أزمة المياه والغاز وانقطاع الكهرباء.. كيف تعملون على تيسير الحياة للمواطن؟
– والله السبب في كل ذلك هو ضيق ذات اليد، وأسباب الضيق هذه كثيرة منها انفصال الجنوب وذهاب البترول والضغوط الخارجية على السودان، بجانب الحصار الشديد الذي وصل حتى المطارات ما قادرين نستثمرها على الرغم من أن السودان قلب أفريقيا ومفروض يكون مهبطاً عالمياً ثم اعتمادنا على المحاولات الجارية لفك الحصار والوصول إلى نتائج مثمرة، ولكن الذي يجعلنا نقول إن الخمس سنوات المقبلة ستكون أفضل هو بارقة أمل في تحسن العلاقات السودانية العربية ثم الاستعانة بالله، والأمل يتجدد إن شاء الله.