حوارات

رئيس مجلس الولايات د. "عمر سليمان" في حوار مع (المجهر):

الحوار الوطني سينطلق في الأيام المقبلة وكذلك المفاوضات
أمتنع عن إبداء رأي في تشكيل الحكومة.. وهناك موضوعات (ما بقدر أجاوب عليها)
تجربة ترشيح الوالي كانت موجودة لكنها أحدثت بعض الإفرازات!!
لا يوجد تغول على مهام المجلس لكن قد تحدث بعض التداخلات من غير قصد
حوار – هبة محمود
رغم ذلك الهدوء الذي يطل من عينيه، إلا أنه بدا مثقلاً هماً بتلك المسؤولية التي ألقيت على عاتقه كرئيس لمجلس الولايات في دورته الجديدة.. كان د. “عمر سليمان” يجلس على مكتبه الفخيم وفي باله تجسدت هموم جميع ولايات السودان، بعد أن وضع نصب عينيه تحدي أن يُعرف الناس بالمجلس وأهميته ومهامه، سيما أنه أي-ـمجلس الولايات- ظل يجأر بالشكوى من تهميش دوره، ومهامه تجاه هذه الولايات.
 سنوات طويلة قضاها الرجل في دروب العمل السياسي متجولاً بين دهاليزه، متشبثاً بطريق الحركة الإسلامية الوعر بعد أن سخر نفسه لها ليصبح أحد رموزها في ولايته “غرب كردفان” التي تحتضن قريته (دبكر) مسقط رأسه ومرتع شبابه وصباه. عرف بأنه هادئ ومسالم، يعمل في صمت وصبر و… حذر، فكان حذراً معنا في إجاباته،  يعرف ماذا يقول وعن ماذا يجيب، ورغم أنه تحفظ على العديد من الأسئلة، إلا أننا حاورناه عن المجلس وتجربة الحكم اللا مركزي وتقسيم السلطة ورؤيته للمرحلة المقبلة.        
{ بداية دكتور.. كل سنة وأنت طيب ورمضان كريم؟
_ كل عام وأنتم بخير ورمضان كريم على كل الأمة السودانية والعربية، أعاده الله علينا باليمن والبركات.. في البداية أشكر أهلي في ولاية غرب كردفان لأنهم رشحوني لمجلس الولايات وأشكر الأخوة في مجلس الولايات على الثقة التي منحوني إياها لقيادة المجلس في هذه المرحلة المقبلة، واسأل الله تعالى أن أكون قدر الثقة.
{ هل توقعت رئاستك لمجلس الولايات؟
_ يجب على الشخص أن يعمل في أي موقع يُكلف به، وليس بالضرورة أن يكون متوقعاً أم لا.
{ فوجئت بالترشيح؟ 
– أنا ما بقول ليك فوجئت.. ولا بقول ليك كنت متوقع.
{ قدر التحدي؟
_ اسأل الله أن يقدرنا عليه.
{ ما هي رؤيتك للمرحلة المقبلة؟
_ المرحلة المقبلة أهم وأبرز مظاهرها السياسية هو ما يتوقع من نتائج الحوار الوطني الذي سينطلق في الأيام المقبلة، الذي ستكون لنتائجه انعكاسات مباشرة على مسيرة العمل السياسي والتنفيذي والمهني في البلاد، ثم ما يتوقع من نتائج المفاوضات التي يمكن أن تنطلق أيضاً في أي وقت من الأوقات.
{ أهم ما يطلب من المجلس في مرحلة الحوار الوطني؟
_ سيكون مطلوباً من المجلس تحويل ما يتم الاتفاق عليه إلى تشريعات، هذا بجانب المهام القديمة الموكلة للمجلس من ابتدار للقوانين العامة للحكم اللا مركزي والتشريعات الضرورية واللازمة لحماية حقوق الولايات والتحكيم بين المؤسسات المختلفة ثم بقية الأعمال العادية، كطلب الإحاطة والسؤال والاستدعاء وما شابه ذلك، بجانب إجازة الميزانية خاصة فيما يتعلق بقسمة الموارد، وهذه الأعمال هي المكلف بها المجلس دستوراً وقانوناً.
{ برأيك إلى أي مدى يمكن للحوار الوطني أن ينجح في فترته المقبلة؟
_ أتوقع نجاحه حسب اتفاق الأطراف السودانية، لأنه ضرورة لمعالجة القضايا السياسية وحل الخلاف، ووقف القتال، والناس ستصل للرضا بالنتائج التي سيتوصلون إليها.
{ بعيداً عن الحوار الوطني.. ما هي أولى مهامك فيما يتعلق بالولايات؟
_ أول اهتماماتي هو إكمال هيكل المجلس من حيث اللجان والتشكيل وتخصيص المسؤولين عن اللجان المختلفة لكي نضع الخطة العامة للمجلس حتى نسير لمدة عام أو عامين، كما أننا نريد أن نوضح للناس ماهية مجلس الولايات، فعالمياً هذا المجلس يسمى بالمجلس الأعلى، بمعنى أنه مسؤول من الشأن المتعلق بالولايات.
{ هناك جدل كثيف حول مهام مجلس الولايات وتغول المجلس الوطني (البرلمان) على مهامه واختصاصاته؟
_ لا يوجد تغول في المهام، لكن قد تحدث بعض التداخلات من غير قصد، العمل بين المجلسين منظم باللوائح.. هنالك لجنة مشتركة بين المجلس الوطني ومجلس الولايات، وهي لجنة تناقش الموضوعات قبل أن تعرض على المجالس وتحدد الاختصاصات، حتى لا يحدث  تضارب، وإذا كانت هنالك مسألة متعلقة بمجلس الولايات تحيلها اللجنة المشتركة مباشرة إلينا في المجلس، يعني حتى الآن الناس لم يصلوا مرحلة أن هناك قانوناً من اختصاصات مجلس الولايات مثلاً عرض أمام المجلس الوطني، أو اضطر مجلس الولايات إلى أن يخاطب المجلس الوطني لكي يسحب قانوناً يرى أنه من اختصاصه.
{ يعني لا يوجد تغول في السلطات؟
– الحديث عن التغول غير وارد على الإطلاق.
{ إذا عددنا بعض التداخلات التي تحدثت عنها ليس تغولاً فهل توافقني الرأي أن مجلس الولايات ظل يجأر بالشكوى في تهميش دوره  تجاه الولايات؟
_ مجلس الولايات في السودان نشأ في ظروف إنفاذ اتفاقية السلام الشامل، وهذه الاتفاقية كانت سلطة محاصصة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، والحركة الشعبية كما تعلمون كانت مجموعة عائدة من القتال، وبالتالي فإن في التجربة في المرحلة الأولى بعض  (المجابدات) البسيطة هنا وهناك لم تمكن المجلس من أن يستعيد صفته الأساسية ووضعه المطلوب.. وأنا أعتقد أن هذه مسؤوليتنا أن  نعيد للمجلس مكانته، فالمجلس الآن غير معروف للسودانيين (وواحدين يقولوا ليك دا مجلس تشريعي الخرطوم)، فالناس يخلطون ولا يعرفون ضرورة إنشائه.. نحن نريد القول إن مجلس الولايات شبيه بمجالس أخرى في العالم تمثل التجربة التي ارتضاها السودان وهي تجربة الحكم اللا مركزي.. ففي الدول التي تطبق الفيدرالية هناك مجلسان وهذان المجلسان تتشابه المهام بينهما، والسودان أخد التجربة من الدول التي سبقته سواء أكانت في أوربا أو أمريكا أو أفريقيا.   
{ هناك من يرى أنه لا ضرورة لقيام المجلس؟
_ ضرورة المجلس تكمن في أنه نتاج للحكم اللا مركزي، فقد أسست ولايات في إطار جغرافي وأعطيت سلطات أصيلة بموجب القانون وبموجب الدستور، وهناك أناس موجودون على مستوى الأقاليم ومستوى الولايات يمارسون هذه السلطات التي ربما تتعارض مع سلطات اتحادية قومية، وبالتالي لا بد من مراقبة ذلك ولا بد من مراقبة التشريع نفسه، وهذا من اختصاصات المجلس.. وتجربة الحكم اللا مركزي هي تجربة جديدة علينا في السودان عمرها (10) سنوات.. في السابق كانت هناك مجالس تسمى مراكز أو مديريات، وكان الضابط أو المفتش أو المحافظ هو الشخص المنتدب من وزارة الحكم المحلي الموجودة هنا.. الآن الحكاية اختلفت.
{ كيف؟
 _ السودان بلد شاسع، كبير ومترامي الأطراف، متنوع الثقافات والإثنيات، أعرافه مختلفة وأوصاله متقطعة لأنه لا يوجد تواصل طرقي وما شابه ذلك، وكان السؤال عن كيف باستطاعتنا أن نصل إلى حكم هؤلاء المواطنين؟ كما يتوجب على أي شخص أن يكون موجوداً تحت ظل الحكومة، وهذه أهمية الحكم الفيدرالي.. يعني الحكومة ارتضته لهذه الضرورة.. هذا النوع من الحكم- أي الحكم اللا مركزي- له مشاكل تتمثل في التوافق بين السلطات وتنفيذ الصلاحيات في المستويات المختلفة، من الذي يراقبها ومن الذي يفعلها، ومن الذي يمنع التداخل بينها.. لذلك اقتضى الأمر قيام مجلس الولايات، وتم أخذ هذا النظام كما ذكرت من التجارب التي سبقتنا.
{ لكن هناك من يرى أن تجربة الحكم اللا مركزي أصابتها بعض النكبات؟
_ (الناس الموجودين في الخرطوم ما عارفين حقيقة الحكم اللا مركزي).. (أنا عملت في الجنينة سنة 94 وكنا عشان نجي من البيت إلى المكتب كانت العربية “توحل” في السكة).. ولما زرنا بعض المواقع في أطراف السودان في الحدود مع تشاد ما وجدنا أي شيء يفيد أن هذا مرفق حكومي.. لا توجد خدمات مدارس ومستشفيات …الخ، لكن الآن بموجب تجربة الحكم الفيدرالي أصبح هناك  مسؤولون وهناك أناس يحددون أولوياتهم ويشاركون في السلطة، وبالتالي حدث رضا سياسي، ثم جاءتهم قسمة من الموارد، فاستطاعوا أن ينفذوا بها الخدمات التي حدودها، وهذه واحدة من المعالجات.. وعلى العكس، الحكم اللا مركزي حقق إنجازات كبيرة جداً وضخمة جداً بالمقابل مع ما يقوله البعض عن الصرف الحكومي البذخي.. (زول مسوؤل دايرينو يمشي كداري يعني ولا كيف؟).
{ رغم حديثك يا دكتور نجد كثيراً من الولايات تعاني رغم الحكم اللا مركزي والذين يتحدثون عن الصرف البذخي يتحدثون لأنهم يفتقدون للكثير؟
_ (في حاجتين) الناس لا بد أن يفرقوا بينهما.. أولاً الحاجة للصرف على الحكومة الموجودة لتقوم بواجباتها، وبين سوء إدارة الموارد المتوفرة للحكومة لتقوم أيضاً بواجباتها، فإذا كان الناس يتحدثون عن سوء إدارة للموارد التي جاءت للولاية فهذا موضوع مختلف، أما إذا كان الحديث عن أن الحكومات أصبحت كثيرة، وبالتالي الصرف عليها إهدار للمال، فأنا أختلف معهم.. الحكم الفيدرالي أو الحكم اللا مركزي حقق إيجابيات وحقق أعمالاً بالنسبة للناس، وعندما ضربت لك مثلاً بغرب دارفور حتى أبين لك الفرق بين زمان واليوم، وإذا بدأنا الحكم اللا مركزي منذ الاستقلال (يمكن ما كنا دخلنا في المشاكل التي نعاني منها الآن)، وأبناء دارفور عندما يُتحدث معهم يقولون إنهم حملوا السلاح لأنهم مظلومون وليست لديهم مشاركة سياسية ويفتقرون للتنمية.. الآن الوضع اختلف، فإذا نظرت للوزارات تجدين كل سحنات السودان بكل ولاياته وأطرافه سواء على مستوى المركز أو الولايات.
{ ترضية؟
_ هم الآن يديرون السودان وليس لديهم إحساس أن السودان يدار بالوكالة عن ناس آخرين.. كل الناس مشتركون في إدارة الموارد.
{ قرار تعيين الولاة بدلاً عن ترشيحهم من شأنه أن يؤثر على تجربة الحكم اللا مركزي؟
_ التجارب كثيرة طبعاً.. والآن في تركيا الوالي يتم تعيينه وفي لبنان كذلك.. هناك تجارب ونحن من قبل جربنا أن نرشح الوالي ووجدنا أن هذه التجربة أوجدت لدينا بعض الإفرازات.
{ إفرازات مثل ماذا؟
_ لما جاءت الترشيحات، اتكأ الناس على القبائل (يعني الزول يستنصر بقبيلته عشان تفوزه) وبالتالي حدثت بعض الاحتكاكات.. وفي تقديراتنا أن التجربة لا بد أن تراجع، وهذا أمر مشروع.
{ اتكأوا على قبائلهم بأي معنى؟ 
_ استنصروا بالناس “عشان” يعطوهم أصواتهم.
{ هذه طبيعة الترشيحات والانتخابات.. فهل تقصد أنهم يترشحون ولا يقدمون خدمات للمنطقة؟
_ (لما إنت تقول والله أنا مترشح)، وتطلب من الناس يعطوك أصواتهم وتأتي قبيلة أخرى تقول ابننا مترشح وتطلب من الناس أن يعطوه أصوتهم، فهذا الأمر من شأنه أن يحدث احتكاكات، خاصة أن الخطاب لدينا لم ينضج بعد، وبالتالي نعتقد أن هذه التجربة ليس من حقها أن تستمر.. (والمراجعة مطلوبة في الوقت دا بالذات على أساس إنو ما تحصل لينا فرقة وشتات نتيجة لحاجات صغيرة).
{ يعني تعيين الولاة لا يؤثر في الحكم اللا مركزي؟
_ لا يؤثر.
{ هل أنتم راضون عن تقسيم الثروة بين المركز والولايات خاصة إذا كانت أصابع الاتهام تشير إلى أن المركز يتغول على النصيب الأكبر من موارد الولاية أياً كان نوع هذه الموارد؟
_ عندما بدأ الحكم الفيدرالي منذ التسعينيات كانت هنالك مشكلة موارد.. في البداية كان الناس يقومون ببيع  السكر.. يعني كل ولاية أو كل محلية أو محافظة عندها (كوتة) يتفق عليها الناس (أن الفرد الواحد لديه 12 أوقية في الأسبوع مثلاً.. يتم تجميعها وبتجيهم كذا طن السعر حق الحكومة مثلاً الشوال بي كذا، ويقوموا يتفقوا يقولوا خلاص نحن نشيل من كل شوال “10” جنيه، ويطلع لينا الرطل مثلاً بي جنيه ويوزع للمواطنين ويدفعوا بالتمن الجديد).. (دا بقوم يزيد فرق إيراد، بتدفع للمؤسسة قيمة السكر، وفرق الإيراد يقوموا يمولوا بيهو الأنشطة بتاعتهم). في بداية الحكم الفيدرالي بُنيت مؤسسات الدولة (وحصل شغل تنموي لحاجات كثيرة جداً في الفترة دي).. (بعد شوية قاموا طوروا الرسوم البتتعمل على المواد الزراعية وكدا).. مثلاً ما ينتج من الفول السوداني في دارفور تكون عليه رسوم.. (ويجي ماشي مناطق الإنتاج ومناطق التصنيع أو ماشي الصادر في بورتسودان، ولما يجي عابر أول ولاية يقوموا يختوا الرسوم). وكذلك الولاية التي تليها، وأصبحت (الحكاية كدا ما عملية). وتدخل المركز بأن المبلغ الذي يتم تحصيله يوضع كله (في حتة واحدة) ويقسم باتفاق الناس كلهم. يجلس الولاة ويقولون الضريبة الزراعية مثلاً كذا، وتقسم على الناس بعد ذلك الدعم الجاري، وهو الذي يدفع للمرتبات وقيمته كم لكل الولايات.. قسمة الوارد تعرض تقريرها هنا عندنا وتعرض ميزانيتها، وتجاز بحضور كل ممثلي الولايات بالمجلس الوطني وبعد أن تجاز (ما في زول بشيل غير ما تم الاتفاق عليه وأجيز).
{ قسمة عادلة برأيك؟
_ (معليش) قد يأتي شخص ويطالب بالمزيد.. (فإذا الكيكة أصلاً صغيرة الناس تسوي ليها شنو؟!) أكيد نصيبه (بطلع حبة).
{ يعني على حسب حجم (الكيكة)؟
_ (ضاحكاً).. “أيوة”.
{ ما دور المجلس في حل النزاعات القبلية؟
_ نحن نلعب دور الوسيط في النزاعات القبلية، وفي الفترة الماضية شاركنا في كثير من المعالجات سواء أكانت في شمال دارفور أو مناطق أخرى.. نحن نلعب دور الوسيط في المصالحة بين القبائل المتصارعة.
{ ما دوركم في تسوية الصراع بين قبيلتي (المعاليا) و(الرزيقات)؟
_ (الموضوع لسه ما زال مستمر).
{ ما هي خطتكم في دورتكم هذه لإيقاف نزف الدم؟
_ (ما ح أقدر أقول ليك حاجة)، لأن هناك مشاورات جارية، بالإضافة إلى أن (الموضوع دا فيهو حساسيات).
{ ما رأيك في تشكيل الحكومة الجديد؟
_ (ضاحكاً).. امتنع.
{ رأيك مهم  يا دكتور؟
 _ قبل بداية الحوار ذكرت لك أن هناك موضوعات (ما بقدر أجاوبك عليها).
{ حسناً.. نشاطكم فيما يتعلق بالزيارات لولايات السودان المختلفة؟
_ أنا قلت إن الصحافيين (حقوا ما يجونا الآن، لأنو نحن عندنا حاجات كتيرة ما بقدر أقول ليك فيها شيء).. لم تكتمل خطتي بعد.. نحن عندنا اجتماع وعندنا تشكيل لجان وتشكيل الوفود.. (خلونا نخلص منها عشان بعدين نقول ليكم ح نعمل شنو).
{ ما رأيك في زيارة الوفد الأهلي الذي اتجه للولايات المتحدة الأمريكية في محاولة منه لرفع الحصار عن السودان وتطبيع العلاقات؟
– نحن تضررنا كثيراً من الحصار، أمريكا لم ترفع عنا الحصار، ومارست علينا ضغوطاً كثيرة، ورغم ذلك كان السودان صامداً وأحدث مشروعات كبرى حدثت في الفترة الأخيرة رغم الحصار، كاستخراج البترول الذي دخل في الاقتصاد السوداني وأحدث أثراً فيه، بجانب النمو العمراني الموجود الآن، والخدمات التي وصلت للقرى وما شابه ذلك.. وتغير الوجه الحضاري بالنسبة للسودان في مؤسساته كان سببه البترول، وهذا إنجاز في حد ذاته رغم الحصار المفروض علينا.. كذلك، ورغم الحصار، السودان ابتدر مشروع الحكم الفيدرالي رغم تكلفته العالية واستطاع أن يؤسس، وإذا أتينا الآن لنراجع نظم الحكم ومؤسساته منذ الاستقلال حتى الآن، نرى حدوث تطور كبير وهائل في نظم الحكم في السودان، بمعنى أن الحكم أصبح قريباً من المواطنين ويستجيب لطلباتهم، واستطاع أن يطور سبل كسب العيش بالنسبة للمواطنين، وإذا قارنا بين الأعوام الماضية والآن نجد فرقاً كبيراً، وهذا الفرق حدث في ظل الحصار.. وعلى سبيل الخدمات نجد تطوراً كبيراً قد حدث فيها، والمثال الذي ضربته لك بمدينة الجنينة كان خير دليل.. الآن الشوارع زلط والكهرباء موجودة، ويوجد مطار وعمارات وفنادق تستطيع أن تنزل بها.. (نحن أربعة وزراء نزلنا في غرفة واحدة وعلقنا هدومنا في مسامير.. ومكاتب ذاتها مافي عشان نقعد فيها).. لكن الآن توجد مكاتب وكمبيوترات وخطط واستراتيجيات، وإذا تحدثنا عن الكهرباء، فالكهرباء زمان كان (63%) منها مستهلكة في الخرطوم، والباقي يوزع علي بقية السودان، والـ(63%) نفسها كانت تنحصر في وسط الخرطوم وأم درمان فقط، وبقية الأحياء الطرفية تعيش بدون كهرباء.. الآن كل الخرطوم منورة والشبكة القومية اخترقت سهول السودان، دخلت المشاريع الزراعية والمدن، وهذا كله حدث في الحصار، ورغم ذلك فإن أية محاولة لتقليل منه ومحاولة إعادة العلاقات مع الدول الخارجية لطبيعتها، اعتقد أنها محاولة مقدرة جداً وعلى الناس أن يدعموها للأمام.
{ أكثر التحديات التي تواجهكم في ظل ولايات تفتقر لكثير من التنمية رغم الحكم اللا مركزي الذي تتحدث عنه؟
_ مجلس الولايات منظومة ضمن مؤسسات الدولة أتمنى أن يعرف الجميع مجلس الولايات وأهمية مهامه، وهذا أحد التحديات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية