شهادتي لله

إلى الفريق "عبد الرحيم".. قبل بداية (امتحان الخرطوم)!!

{ كتبت قبل شهرين في هذه المساحة أن الدكتور “عبد الرحمن الخضر” والي الخرطوم في حاجة إلى قليل من (الدكتاتورية) لينجح في حكم العاصمة القومية، وقد التقى بي الوالي السابق بعد ذلك بأيام، فسألني ماذا كنت أقصد بعبارة (قليل من الدكتاتورية)، أوضحت له وجهة نظري، فقبلها برحابة صدر.
{ لم يكن “الخضر” والياً متسيباً ولا غائباً عن عمله كما كان يغيب بعض الولاة عن ولاياتهم شهوراً، كان يعمل بالليل والنهار، لا ينقطع خيط اجتماعاته المتواصلة، مثلما كان ميدانياً دؤوباً أكثر من غالب المعتمدين، غير أنه كان متساهلاً مع مرؤوسيه.. وليناً أكثر من المطلوب، ولهذا عبث البعض من تحته.. موظفين في مكتبه، أو معتمدين تحت إمرته، سوءاً في الإدارة وخروجاً عن النظم.
{ الوالي الجديد على الخرطوم الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” تختلف شخصيته عن الطبيب البيطري الدكتور “عبد الرحمن الخضر”، فالعسكري مهندس الطائرات القادم من وزارة الدفاع، ليس هيناً ولا ليناً ولا بسيطاً كما يتخيل البعض، وإلا لما بقي خمسة وعشرين عاماً متنقلاً من أمانة مجلس قيادة الثورة، إلى وزارة رئاسة الجمهورية، إلى وزارة الدفاع ثم الداخلية وبالعكس، متبادلاً المواقع مع رفيقه الفريق أول “بكري حسن صالح” الذي هو الآخر الوحيد الذي تبقى من أعضاء مجلس قيادة الثورة.
{ لكن الوضع في الولاية مختلف عن وزارة الدفاع، ولهذا فإننا نعكس نصيحتنا لـ”الخضر” في حالة “عبد الرحيم”، ونطلب من الأخير أن (يقلل) من جرعة (الدكتاتورية) وعيار (التفرد بالقرار)، ليمضي بحكومة الولاية ومحلياتها إلى سواء السبيل.
{ ملفات مهمة ومحددة يحتاج الفريق “عبد الرحيم” أن يجد لها معالجات عاجلة ويحدث فيها اختراقاً ملموساً ومحسوساً، ليصفق له شعب الولاية، ويحمد الله على التغيير.
{ أول هذه الملفات، المواصلات.. إذ يشهد هذا القطاع فوضى عارمة سببها غياب سلطة الإدارة والمراقبة والإشراف الميداني على مواقف وحركة المواصلات، وليس السبب نقص (عدد) المركبات المتوفر من بصات وحافلات كما كان يردد “الخضر” ومعاونوه.
{ حوالي (ألف) بص استجلبتها ولاية الخرطوم، ربما يعمل ربعها الآن، والبقية إما تعطل أو تم تمليكه لجهات وأفراد بحجة أن المواصلات (قطاع خاص) أو هكذا ينبغي أن يكون!! مع أن أوروبا- سيدة الاقتصاد الحر- ما زالت حكوماتها تحتكر وتسيطر على خدمات النقل والمواصلات الأساسية (المترو- القطارات- البصات)!!
{ لقد كان خطأ فادحاً أن يتم استيراد (مئات) البصات لولاية الخرطوم، ثم لا تستجلب معها (ورشة صيانة) ولا يوظف لها مهندسون ميكانيكيون وعمال صيانة، فتوكل المهمة لشركة (خاصة)، تضع فواتير تكلفة الصيانة وفق حساباتها ومنظورها التجاري!! والنتيجة: (مئات) البصات المتوقفة والمبيوعة والمعروضة للبيع!!
{ بالنسبة للحافلات، فاللافت أنك تجدها متكدسة في صفوف تمتد لكيلومترات بعد العاشرة صباحاً، لكنك لن تجدها بعد الرابعة مساءً وإلى ساعات الليل!! وهذا يعكس حالة الخلل في ترتيب وتنظيم ساعات عملها تبعاً لأوقات الذروة، وليس تبعاً لرغبات سائقي المركبات الذين يكملون (الفردات) أو مبلغ (الربط) المحدد من صاحب الحافلة في اليوم، ومن بعد ذلك فلتخلُ المواقف!!
{ الغريب أن المعجزة الوحيدة التي تدهشني باستمرار في أوروبا هي دقة النظام المتناهية في حركة (المترو) والبصات، لا شيء استرعى انتباهي في بريطانيا وألمانيا غير منظومة عمل المواصلات التي لا تكذب اللوحات الإلكترونية.. سيصل المترو أو البص بعد دقيقتين!! ستجده أمامك في الموعد.
{ أكثر من طبيب أو موظف راجعته في “ألمانيا” لم يكن ملتزماً بالمواعيد.. قد يتأخر ساعة، وقد لا يأتي، لكن (المترو) لا يتأخر أبداً. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية