المشهد السياسي
الغياب والحضور في طاقم المرحلة
موسى يعقوب
بأداء القسم أمام السيد رئيس الجمهورية لمن عينوا على الصعد المختلفة صباح (الأحد) الماضي كان ملف الجدل حول من غاب ومن حضر قد أغلق، بما في ذلك الجانب السياسي الذي كان سيد الموقف في حزب المؤتمر الوطني صاحب الأغلبية والأحزاب الأخرى، فقد أخذ الأمر في المجلس القيادي للمؤتمر الوطني ثلاثة أيام، خرج بعدها، إلينا، بمؤشر كبير في أن (الديمومة) من المحال، والبقاء لخمسة أعوام في الموقع المعين إلا استثناءً، هو السياسة المعتمدة والنافذة.
وعليه ذهب عدد كبير من الرموز، إلا الأحزاب الأخرى، بطبيعة الحال، التي بقيت رموزها في الغالب، ولم يطرأ لديها جديد إلا في حيز ضيق.
وتبعاً لذلك الترتيب وتلك السياسة، في الوطني، غاب تبعاً لما سبق، السادة “علي عثمان” والدكتور “نافع” والدكتور “الجاز” والدكتور “مصطفى عثمان” وغيرهم من السادة والسيدات، إلا أن حضورهم في الحزب وفي المؤتمر الوطني، سيكون له معناه ومردوده، جراء الخبرة التي تمتعوا بها.
فالمجلس الوطني (البرلمان) في حضور هؤلاء، وكلهم أعضاء فيه، ولهم خبرتهم، سيكون له دوره الرقابي الكبير على الجهاز التنفيذي، وسيكون لنشاطه في كل المجالات دوره الملحوظ، فضلاً عن أن رئيسه البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” رئيسه، هذه المرة، وهو الذي له خبرته وقدرته أيضاً.
إن بقاء هؤلاء في السياسة والتشريع لن يكون على الرصيف، أو الشرفات وإنما في قلب العمل، وربما بفرص أكبر، إعمالاً لبرنامج المرحلة، الذي ألقي به الرئيس المنتخب، عند أدائه القسم في دورته الخماسية الثانية.
أما حضور الكثيرين في مواقعهم الجديدة (وزارية أو ولائية)، فسيكون لهم أيضاً حضورهم، إذ لم يأتوا دون أعمال آلية الفرز والاختيار وفق مواصفات بعينها.
فالسيد المهندس “محمد طاهر أيلا”، الوالي السابق لولاية البحر الأحمر، لم يلق به وزيراً لولاية الجزيرة جزافاً، ودون مسببات، بعد كل ما أنجز وحقق في ولاية البحر الأحمر، وإنما لأسباب حتمت ذلك، منها السياسي والإداري والاقتصادي، لا شك.
ولاية الجزيرة، وهي قلب الزراعة النابض كانت بحاجة إلى من يحرك ذلك النبض، ويقويه كالسيد “أيلا”، فهو شعبياً وبما أنجز في ولايته السابقة، سيكون محل أمل ورجاء، عند أهل ولاية الجزيرة، وذلك يعني حسن الاستقبال والعمل المشترك، وصولاً إلى ما يحقق المكاسب. ذلك من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن “أيلا” بقدراته الذاتية وخبرته وعلاقاته سيعمل على تحريك الحياة إجمالاً في ولاية الجزيرة وليس المشروع الزراعي وحده.. وعليه فإن الأمل عليه معقود – كما يقولون، بل إن البعض صار يتحدث عن عائد صادر القطن، ونزول سعر الدولار!
بيد أن المركز سيكون له دوره في ذلك، أيضاً، ليتمكن الوالي الجديد، “محمد طاهر أيلا”، من إعادة الحياة لمشروع الجزيرة ولأهل الجزيرة بشكل عام.
ويقودنا ذلك مباشرة – والشيء بالشيء يذكر – إلى ولاية الخرطوم، التي هي (سودان آخر) كما يقولون.. والتي بذل فيها الوالي السابق الدكتور “الخضر” جهده طرقاً وعمراناً ومعينات، إلا أنها ظلت تشكو من علل وأمراض ما انفكت باقية.. كالنفايات والصرف الصحي.. الخ.
الدكتور الفريق أول مهندس “عبد الرحيم محمد حسين”، رجل الدفاع الأول في البلاد، ونقولها بحقها، كانت له خبرات وزارية واستشارية متعددة، وصلة خاصة بالسيد رئيس الجمهورية.. ألقي به بعد ذلك كله، والياً بولاية الخرطوم، وهي الولاية الأكبر حجماً ومعزى وسكاناً، وربما مشكلات خدمية وغيرها، فهي العاصمة ومقر الرئاسة ومركز السلطة.
قبل أشهر قليلة منحت جامعة السودان للعلوم والتقانة الفريق أول مهندس “عبد الرحيم محمد حسين” الدكتوراة الفخرية، لدوره في القيام بالمشروعات.. والآن، وهو يدفع به والياً لولاية الخرطوم، في البال علاوة على ذلك كله، أنه أرتقى بالقوات المسلحة والشرطة، وهو وزير للدفاع والداخلية، إلى ما هما عليه الآن، يتوقع له أن يحقق ذلك أو قريباً منه في ولاية الخرطوم.
ولاية الخرطوم – على كل حال – وبكل ما فيها – لم تكن غريبة على السيد الوالي الجديد، وهو الذي عاش في أحد أحيائها، ودرس في إحدى مؤسساتها الأكاديمية، وطاف مع السيد رئيس الجمهورية، وزار جل مواقعها، وعرف منه ومن غيره كل (مصائبها وويلاتها).
سيصبح الآن جاهزاً لمعرفة الواقع ووضع الخطط والإستراتيجيات المطلوبة لتحقيق الأمن والاستقرار والخدمات اللازمة في كل المجالات، وبخاصة المواصلات والصحة والتعليم والصرف الصحي والنظافة.
الوالي الجديد الذي قفز من قبل بالشرطة والقوات المسلحة، لن يقصر الآن في أن يقفز بولاية الخرطوم، فهو من الحضور الذين يشار إليهم في المرحلة، وهم كثر، ومنهم لا ريب، أخونا الدكتور “غندور”، وزير الخارجية، في طاقم المرحلة الجديدة.